عالم يكمل ملياره السابع: ماذا تغيّر؟ (2): ظلم النساء ما زال مستمرّا وكلما تراجع الظلم تراجعت الخصوبة

رغم أنّ النساء يشكّلن نصف المليارات السبعة على سطح الكوكب، ورغم أنّهن يقمن بثلث الأعمال وينتجن نصف الطعام في العالم، إلا أنّهن لا يجنين أكثر من 10 في المئة من الأموال، ولا يملكن أكثر من 1 في المئة من الأملاك العالمية، و70 في المئة منهنّ يتعرّضن للعنف، الذي يقتل سنويا منهنّ ما يقتله مرض السرطان.

الباحثة في شؤون السكان وأستاذة الدراسات السكانية في الجامعة اللبنانية حلا نوفل ترى أنّ التمييز هذا يزيد الكوكب سوءا على سوء: "هناك الأثر النفسي والإجتماعي على تربية الأولاد وعلى الأجيال الناشئة، والأثر إقتصادي وإجتماعي والأهم في العائلات حيث تستغل المرأة وهي المسؤولة عن تربية الأولاد، الذين يرون كيف يتم التعامل مع الأم والأخت وهذه المسأة تنعكس ويعاد إنتاج هذا النوع من العلاقات وبالتالي بدلا من التقدم يحصل تراجع لأن التربية الأسرية لا تنتج علاقات جديدة".

كذلك تعتبر الطبيبة العائلية والناشطة في مجال مقاومة العنف الأسري، الدكتورة جنان الأسطا، أنّ التمييز الجندري يؤدي إلى عالم عنيف وإلى حروب أكثر حول العالم: "على المدى الطويل هذه الشريحة التي تعاني التمييز ربما هي أيضا تميز وبالتالي هذه سلسلة متكررة، ليصير لدينا مجتمع أو عالم غير منسجم وفيه الكثير من التفاوت ما يؤدي في النهاية إلى مشاكل أكبر وصراعات أكثر وحروب أكثر".

ولئن كانت مؤسسات الأمم المتحدة تنظر إلى النساء من زوايا الولادة والزواج والحمل والموت، فلأنّ هذه الزوايا ترسم ملامح التمييز الذي تتعرّض له النساء.
 
فضعف الصحة الإنجابية هي السبب الرئيسي لموت النساء بين سنّي الـ15 والـ49 في العالم، إذ تموت إمرأة كلّ 90 ثانية بسبب تعقيدات الحمل والولادة. واللافت أنّ 140 مليون إمرأة تعرّضن للختان، و50 مليون مراهقة زوّجت قبل أن تبلغ الـ19 من عمرها.

وفي دولة مثل لبنان ما زال معدّل الأمية بين النساء يصل إلى 15 في المئة تقريبا، هذا ما تؤكده الأسطا: "من ناحية فإنّ المرأة في لبنان أفضل من بلاد أخرى لكن لم نتوصل الى الشيء الجيّد وما زلنا بعيدين عن المساواة والحقوق اللازمة، ما زال قانون الجنسية لم يقرّ ولا قانون العنف الأسري على سبيل المثال".

في لبنان أيضا، كما في العالم كلّه، ينخفض معدّل الخصوبة عاما بعد عام، ليختفي الهرم الذي كانته نسب الأعمار في لبنان، وهو الآن في طريقه إلى أن يصير مستطيلا، حيث المعمّرون يوازي عددهم عدد الأطفال والمراهقين، وربما يصير الهرم مقلوبا بعد عقود قليلة، بحسب نوفل: " سيرورة لبنان نحو مجتمع معمر سيرورة تندرج ضمن النمط العالمي المتجه الى انخفاض الخصوبة ونسبة الصغار وارتفاع نسبة صغر السنّ. لذا يفترض ان تلحظ السياسات في لبنان هذه المسألة وعلى مستوى الاختصاصات يجب ان يكون هناك اختصاصات جامعية اكبر لكبار السن". وتضيف الأسطا: "المرأة المتعملة لا تنجب أولادا مثلما كان يفعل الأقدمون، وتستعمل وسائل حمل أكثر وتربي ولدين بدل 5 أو 6 والتطور الطبي جعل الاطفال يعيشون أكثر وما عادت المرأة في حاجة لتخلف 10 ليعيش 2 أو 3 منهم".

دراسات الأمم المتحدة تؤكّد أنّ تثقيف المرأة هو ما يخفّض خصوبتها، أي أنّ المرأة كلّما تحرّرت أكثر إنخفض عدد أولادها أكثر. وكلّما ظلمت أكثر إزداد العالم عنفا وحروبا، والإنسان ما زال عاجزا عن تحرير المرأة من دون السير إلى شيخوخة الكوكب. 

السابق
ميقاتي: “حزب الله” تهمه مصلحة لبنان وأن تمر الأوضاع بأمن وسلام
التالي
اللواء: الإتحاد الأوروبي يرحّب بإتفاق الدوحة ·· ولجنة من الجامعة لمعاينة الوضع على الأرض