جعفر فضل الله: لتفعيل الحركة الاقتصادية واعطاءالمواطن حقوقه الاتفاق بين سوريا والجامعة العربية يجنب المنطقة خطر التدخلات الأجنبية

ألقى السيد جعفر فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:" في البداية، ترك الاتفاق الذي تم بين سوريا والجامعة العربية، ارتياحا ملحوظا لدى الأوساط الشعبية والرسمية في العالم العربي والإسلامي، واعتبر مقدمة لحل الأزمة في سوريا، وإذا ما خلصت النوايا فإن من شأن هذا الاتفاق أن يجنب سوريا والمنطقة خطر التدخلات الأجنبية".

اضاف:" إننا نرى في الجهود التي بذلت في هذا المجال، ما يدعو إلى التفاؤل بقرب عودة الاستقرار إلى هذا البلد العربي الشقيق، كما نأمل أن تكون الجامعة العربية قد بنت مبادرتها على روح جديدة متوافقة مع روحية الحراك الشعبي في العالم العربي الذي نأمل أن يكون قاعدة لانطلاق الجامعة العربية على أسس جديدة، تعمل من خلالها على تحقيق المصالح العربية المشتركة، بدلا من أن تكون هامشا لحركة الإدارات الغربية الاستكبارية، ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية، التي تصر على فرض مشاريع الهيمنة والتسلط على الواقع العربي والإسلامي، كما فعلت بالاشتراك مع دول أوروبية حليفة في المسألة الليبية. وفي الوقت نفسه، ندرك أن حركة المصالح الدولية، والأميركية بالخصوص، قد تسعى ـ كما كانت دائما ـ إلى تعطيل الحوار المرتقب بين السلطة والمعارضة حول الإصلاح بهدف استكمال الخطة الغربية في نشر الفوضى في المنطقة خدمة لمصالحها وضمانا لعدم استقرار محيط الكيان الصهيوني".

وتابع:" وفي مشهد آخر، شهد العالم كله الفضيحة الكبرى لحركة السياسة الأميركية تجاه قضايا الشعوب وحقوق الإنسان، عندما عارضت بشدة قرار الأونيسكو بقبول عضوية فلسطين في هذه المنظمة الدولية، وقررت سحب تمويلها منها في حركة تظهر نوعا من الحالة المأزومة التي تعاني منها الإدارة الأميركية اتجاه القضية الفلسطينية.
وإذا كان ما يدعو للأسى هو أن نهلل لحصول أصحاب الأرض على أبسط الحقوق الإنسانية وهو الاعتراف بالوجود في إحدى منظمات الأمم المتحدة، فإن علينا أن نعي جملة من الأمور على هذا الصعيد:" أن ثمة تحولات تحدث على مستوى العالم في حركة مصالح الدول، مما يفترض على كل الدول المستضعفة استعادة زمام المبادرة، والعمل على تجميع نقاط القوة التي تمكنها من مواجهة تسلط الادارة الأميركية بالخصوص على القرار العالمي في أكثر من مجال.وأن أحد أهم عوامل تحقيق هذا الاعتراف، هو المقاومة المسلحة للشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال، وفرضها لمعادلات توازن جديدة في مسيرة استعادة الحق الفلسطيني المشروع، مما يفرض على الجميع حماية هذه المقاومة وإخراجها من دائرة التجاذب وتسجيل النقاط من هنا وهناك.و ضرورة العمل على تعزيز الوحدة والتماسك الفلسطيني الداخلي، بما يتوزع فيه الفلسطينيون الأدوار في استكمال عملية بناء القوة، وفي إطار استراتيجية التحرير الكبير، واستعادة الأرض كل الأرض المحتلة".

واضاف:"على خط مواز، نلاحظ تصاعد وتيرة التهديدات الإسرائيلية لإيران، في ظل تصريح الأمين العام للحلف الأطلسي أن الحلف لا ينوي التدخل في إيران ويدعم التوصل إلى حل دبلوماسي للخلاف حول الملف النووي".

واستطرد" في الوقت الذي قد تفسر هذه التهديدات بأنها هروب إسرائيلي إلى الأمام، في محاولة لإعادة الملف الإيراني إلى الواجهة، خوفا من الفراغ الذي سيخلفه انسحاب قوات الاحتلال الأميركي من العراق، وبأنها تأتي بعد تعثر الخطط لضرب محور الممانعة في المنطقة، إضافة إلى الاهتزاز الذي لحق بالصورة الإسرائيلية داخليا على أثر صفقة تبادل الأسرى مع حماس، وفيما تبدو التهديدات في سياق المحاولات اليائسة لإعادة شيء من التوازن المفقود في علاقة الكيان ببعض المحاور العربية على أثر الثورات العربية، فإننا ندعو الدول العربية إلى الحذر من الوقوع في الشرك الأميركي الصهيوني الهادف إلى توتير العلاقة بين الدول العربية وإيران، فضلا عن شراء سكوت العرب على أي عدوان مغامر قد يقوم به كيان العدو بدعم أو تغطية من الدول الكبرى".

اضاف:"لقد اختبرت كل الأنظمة والحكومات العربية نبض الشارع العربي والإسلامي، وظهر لها جليا وبوضوح أنه يقف في موقع المواجهة لكل احتلال واغتصاب للأرض وللمقدسات، وأن فلسطين تبقى الحاضر الأكبر في عقله ووجدانه، ولذلك فإن الإخلاص لهذه الشعوب يفترض من الجميع التلاقي على دعم قضايا الأمة الكبرى، وفي مقدمها تحرير فلسطين، وهذا يفرض أن يتلازم مع التقاء الدول العربية مع إيران في محور واحد، والعمل على إدارة أي اختلاف يحصل بينهما بالحوار العقلاني الموضوعي الذي يفوت الفرصة على الدول المستكبرة، المتربصين بالجميع الشرور".

وتحدث عن الوضع في لبنان وقال:" نلاحظ أن كثيرا من السياسيين يصرون على عدم السير في سياسة داخلية لبنانية، تستهدف تحقيق مصالح هذا الشعب على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والأمني وما إلى ذلك، بحيث نستفيد من التنوع السياسي ليكون عنصر توازن في تحقيق المصلحة الوطنية، وتعزيز القوة الذاتية في مواجهة العدو الصهيوني، لا أن يكون هذا التنوع عنصر إثارة للمناكفات والعصبيات، أو قاعدة لتحريك مشاريع خارجية لا تريد خيرا بهذا البلد، ولا بتنوعه الديني والإنساني".

ولفت الى ان " المطلوب هو أن يأخذ التخطيط مداه في تعزيز العيش الكريم للمواطن اللبناني، حتى لا يكون علاج القضايا المعيشية على طريقة الأعطيات والمكرمات، بل من خلال تفعيل الحركة الاقتصادية التي تعطي المواطن حقوقه، ولا تتركه لحركة السوق وجشع المتاجرين بلقمة عيش الناس الذين يسعون دائما إلى امتصاص أي زيادة للرواتب قبل دخولها إلى جيب المواطن".   

السابق
زهرا: أسوأ موقف لميقاتي وصفه دعوة حزب الله للتصويت على التمويل بالايجابية
التالي
أحمد قبلان: لبناء دولة وقيام مؤسسات حقيقية هوة سحيقة بين أهل السلطة والناس في عالمنا العربي