أحمد قبلان: لبناء دولة وقيام مؤسسات حقيقية هوة سحيقة بين أهل السلطة والناس في عالمنا العربي

ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة "ذكر السياسيين في لبنان بأن الدهر يومان يوم لك ويوم عليك، فإن كان لك فلا تبطر وإن كان عليك فلا تحزن واصبر".وتساءل "لماذا هذا الكيد السياسي ولماذا هذا التنازع الذي خلف الأحقاد بين الناس؟ فهل هو من أجل المصلحة العامة أم انه تنازع على السلطة؟ فإذا كان من أجل الصالح العام ولا أظنه كذلك يجب أن يكون تنازعا هادفا بناء للوطن والمؤسسات، أما إذا كان تنازعا من أجل السلطة فاعتبروا يا اولي الألباب كلكم راحلون عنها ولن تبقى لأحد منكم".

ورأى قبلان "ان المنطقة بأسرها باتت في عنق الزجاجة، ونحن امام انسدادات كبرى وانعدامات محكمة في المخارج التي توصل الى حلول عادلة ومقبولة تخفف من وطأة التوترات والتشنجات السياسية والامنية والاقتصادية التي باتت تلف العالم بأسره وبالخصوص منطقتنا العربية حيث ما تشهده من أحداث وتطورات وخاصة ما تتعرض له سوريا من تهديدات واستهدافات تدلل كلها على أن المنطقة في مواجهة مع هجمة غير مسبوقة تحاول اخضاعنا وكسر إرادتنا التي لن تكون مطواعة لما تريده أميركا ولمحاولاتها في جرنا الى إرباكات وفوضى تصب في مصلحة الكيان الصهيوني" .
 
أضاف : "إزاء هذه الهجمة الاميركية المنظمة على المنطقة وإزاء هذه المواقف المنحازة والداعمة والمساندة للعدو الاسرائيلي من قبل الادارة الاميركية وسياساتها العدائية والعدوانية ضد القضايا العربية وفي مقدمها القضية الفلسطينية والتي تجلت مؤخرا في رفض الادارة الاميركية علنا الاعتراف بدولة فلسطين وانزعاجها الشديد من قبول عضويتها في منظمة اليونسكو، إزاء كل هذا العدوان الاميركي الصهيوني على المنطقة وشعوبها ومحاولات التفكيك والتفتيت الفاضح والمكشوف تحت مسميات الديمقراطية وحقوق الانسان وغيرها من العناوين الجوفاء، لا بد من اجراء جردة كاملة وشاملة لكل السياسات العربية الفاشلة التي لم تنتج حتى الآن سوى المزيد من الانهيارات والانهزامات وتضييع الحقوق، جردة تعيد الامور الى نصابها وتضع حدا لهذا التهاوي العربي الذي قارب نهاية الانحدار ".

ودعا قبلان الى صحوة عربية عاجلة تبدأ بالملوك والامراء والرؤساء وتدفعهم للخروج من ذهنيات التسلط وسياسات التحكم والاستبداد والدخول في مصالحة حقيقية وصادقة مع شعوبهم، مصالحة قائمة على التعاون والتكامل والتجانس التام بين الانظمة والشعوب" .

وتابع: "هناك هوة سحيقة بين أهل السلطة والناس في عالمنا العربي يجب ردمها بأسرع وقت ممكن وذلك من خلال الإصغاء الى الناس والإلتفات الى حقوقهم وتأدية مطالبهم، وإلا فالعواقب وخيمة والنهايات لن تكون لا في صالح الحكّام ولا في صالح الشعوب، وعلى القيادات العربية سماع صوت العقل والركون الى الحكمة في إدارة الامور ومداراتها والتعامل مع واقع لم يعد مقبولا ولا يمكن الاستمرار فيه، ولا بد من الإقدام وبشجاعة على الإصلاح الذي ينصف الناس ولا يترك ذريعة للذين يحاولون توظيف العناوين وإستغلال الفرص للانقضاض على دولنا والنيل من شعوبنا".

وعن لبنان قال: "إن ما يفرح اسرائيل ويريحها اليوم هو ما نحن فيه من فوضى وعدم استقرار، وما علينا الا أن نخرج من هذا الدوامة، حيث الحاجة ملحة لقلب الصفحات السود وفتح صفحة جديدة عنوانها كلنا لهذا الوطن وكلنا للعمل من أجل أن نخرج بلدنا وأنفسنا من دائرة التشاحن والتباغض والتحاقد، فالأوطان لا تبنى بالضغائن ولا بتقديم المصالح الخاصة على المصلحة العامة بل تبنى بالتضحيات وسلوك المسلك الوطني القويم الذي يوصل الى التماسك والتكاتف والجدية لانقاذ بلد لم يعد يوجد فيه ما يطمئن، لا اقتصاديا ولا اجتماعيا ولا أمنيا ولا سياسيا".

وطالب قبلان "الايدي المسؤولة بألا تبقى مكتوفة حيال هذا الواقع المأزوم"، محذرا "الحكومة من سياسة المماطلة والتسويف حيال مسؤوليات واستحقاقات يجب بتها وحسمها بالسرعة الممكنة، فهناك حقوق للناس، حقوق بالعيش الكريم، حقوق بالطبابة، حقوق بالامن، حقوق بالتربية، حقوق بالعمل، حقوق بالتنمية، وحقوق بالاستقرار النفسي والوطني والمادي، حقوق كلها لا تحتمل التسويف والتدوير والتأجيل، انما تستوجب سياسة شفافة وعملية قابلة للتنفيذ بعيدا عن منطق التحدي والكيد وتقسيم المغانم" .

وختم بالدعوة الى "بناء دولة وقيام مؤسسات حقيقية تخرجنا من هذه الفوضى المدمرة، وتعيد للمواطن ثقته بدولته وبحكومته".وتوجه الى كل "المسؤولين والسياسيين بالدعوة الى التلاقي والبدء بحوار جدي وصادق يحدد العناوين الوطنية الكبرى والخيارات المجدية وبخاصة خيار الجيش والشعب والمقاومة الذي لا يجوز لأي كان أن يناور به أو يساوم عليه".كما دعا الى "إبعاد البلد عن الرهانات الخاطئة والمميتة والى شبك الايدي والتكاتف، لا سيما في هذه المرحلة المليئة بالتحديات والعواصف العاتية والتي تحتم علينا بل تلزمنا بأن نكون جميعا على قدر المسؤولية وعلى درجة عالية من الاستعداد والتأهب لدرء وجبه الأخطار المحدقة" .  

السابق
جعفر فضل الله: لتفعيل الحركة الاقتصادية واعطاءالمواطن حقوقه الاتفاق بين سوريا والجامعة العربية يجنب المنطقة خطر التدخلات الأجنبية
التالي
مسؤولية الغرب عن حماية الربيع العربي