عون فَقَدَ الأمل في الحكومة والمجلس

لماذا يرى العماد ميشال عون ان الانتخابات في سنة 2013 هي "آخر مناسبة للتغيير والاصلاح ومن بعدها سيكون الانهيار التام"، مضيفا: "ان الاصلاح يبدأ دائما بالإتيان بالأشخاص الذين يطبقون النصوص القانونية لأن هذا هو مفتاح الإصلاح".
تجيب أوساط سياسية عن هذا السؤال بالآتي:

أولاً: إن العماد ميشال عون الذي رفع في الانتخابات الأخيرة شعار "الجمهورية الثالثة" لم يتوصل إلى إقامتها وحجته أنه لم يحصل هو وحلفاؤه على الأكثرية النيابية التي تمكّنه من تحقيق ذلك وتالياً تحقيق شعار تكتله وهو "التغيير والاصلاح".
ثانياً: لم يتمثل تكتله في الحكومات التي تألفت إلا بعدد قليل من الوزراء وهذا لا يمكنه أن يفعل شيئاً وأن يفي بما وعد به الناس مثل "تحصين القضاء وتغيير التشريعات وحتى تغيير الانسان" لأن الرجال في نظره "هم الذين يقيمون العدالة ويطبقون النصوص، العدالة غير الخاضعة للسلطة السياسية إنما العدالة المستقلة ماليا واداريا، ولأن أكثر الفساد في العدالة يأتي من الوصاية السياسية التي تضغط عليها"، ولم يتمكن من مكافحة الفساد المشكو منه في كل الوزارات والادارات العامة "لأن التعيينات يتم التعاطي معها على أساس المحسوبيات والمحاصصة، وليس على أساس الكفاية والجدارة ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب وألا يخضع اختياره للمساومة، والمسؤولون عن ذلك هم الذين لديهم صلاحية التوقيع وهم بتوقيعهم إما أنهم يفعّلون المؤسسات أو يهدمونها". ثالثاً: إن العماد عون ظنّ أنه باعتماده قانون الـ60 للانتخابات النيابية والذي اعتقد انه يعيد للمسيحيين حقوقهم يستطيع مع حلفائه الفوز بالأكثرية النيابية التي تمكنّنه من إقامة "الجمهورية الثالثة" بحيث يكون لهذه الاكثرية السلطة الكاملة من رئاسة الجمهورية الى رئاسة مجلس النواب الى رئاسة الحكومة والوزراء، لكنه لم يحصل على هذه الاكثرية وبات عليه ان ينتظر نتائج انتخابات 2013 التي يعتبرها مصيرية وحاسمة ليس بالنسبة الى لبنان دولة وكيانا وهوية، بل بالنسبة اليه والى تياره ايضا. فإذا لم يفز وحلفاءه بالاكثرية النيابية المطلوبة في هذه الانتخابات ليكون لها الحكم في كل المؤسسات فإن تقدمه في السن لا يعود يسمح له بانتظار انتخابات نيابية تجرى سنة 2017، كما لا يعود تياره يحلم بالفوز بهذه الاكثرية، لان هذا التيار هو تيار شخص العماد عون بالذات ولا تيار بعده…

لذلك يرى العماد عون ان انتخابات 2013 “هي آخر مناسبة للتغيير والاصلاح ومن بعدها سيكون الانهيار التام". وقد لفت في تصريح له بعد لقائه بطريرك الروم الارثوذكس اغناطيوس الرابع في البلمند الى "ان للشعب الحق في ان يحلم وان يتمرد وان يتقدم لأنه إذا بقي للموافقة فقط فالعوض بسلامتكم… ". ولأن العماد عون لم يتمكن من الايفاء بوعوده للناس وحجته انه اقلية في مجلس الوزراء وفي مجلس النواب حتى وإن كان رئيس ثاني اكبر كتلة نيابية في المجلس ورئيس اكبر كتلة وزارية في الحكومة الحالية، فإن اولويات حلفائه هي غير اولوياته، فبات اهتمامه منصبا الآن ليس على ما ستفعله حكومة منقسمة على نفسها ولا على مجلس نيابي لا اكثرية ثابتة فيه بعد تبدل مواقف النائب وليد جنبلاط، بل على انتخابات 2013 سواء لجهة القانون الذي ستجرى على اساسه، او لجهة التحالفات والاجواء السياسية التي ستكون سائدة في حينه، وهي تحالفات تفرضها هذه الاجواء وتاليا صيغة قانون الانتخاب علّ اعتماد النسبية افضل للعماد عون من قانون الـ60.
وليس العماد عون وحده من يهتم بالانتخابات المقبلة انما الرؤساء والوزراء والنواب والسياسيون ايضا لأن على نتائجها يُعرف اي مجلس نواب سينبثق منها واي اكثرية ستحكم، وهل تستطيع ان تحكم اذا ظل السلاح خارج الدولة، واي رئيس للجمهورية ستنتخب وأي رئيس لمجلس النواب وأي رئيس للحكومة وأي حكومة.

وإذا كان العماد عون يرى في انتخابات 2013 "آخر مناسبة للتغيير والاصلاح ومن بعدها سيكون الانهيار التام" فلأنه يتوقع ذلك إذا لم يفز مع حلفائه بالاكثرية النيابية فيها ليكون لها الحكم كاملا… ولأنه لم يعد يعلّق آمالاً لا على نسبة مشاركته الزائدة في الحكومة الحالية ولا على مجلس النواب وبات يتمنى الخروج منها كي لا يُسأل عن مشاريعه ووعوده التي لم يستطع تحقيق شيء منها لا داخل الحكم ولا خارجه.
لكن سياسيين يرون ان انتخابات 2013 ينبغي ان تكون مصيرية وحاسمة ليس بالنسبة الى اي زعيم انما بالنسبة الى لبنان كوطن سيد حر مستقل وكدولة قوية قادرة على بسط سلطتها وسيادتها على كل الاراضي اللبنانية، فلا تكون دولة سواها ولا سلاح غير سلاحها. وهذه الدولة لا تقوم الا بقانون انتخاب يؤمن التمثيل الصحيح لشتى فئات الشعب ويصلح لاعادة تكوين السلطة على اسس سليمة تنهض بالبلاد في كل المجالات. 

السابق
عن الاستحالات الجنبلاطية وخريف المختارة!
التالي
مشاريع قديمة