سمير القنطار يا حيف

رغم كل الدم الذي سفك في الشوارع السورية على أيدي قوات الجيش السوري والأمن والشبيحة. رغم عشرات الالاف من المعتقلين في السجون. رغم كل من شردوا منذ بداية حركة الاحتجاجات الشعبية. رغم آلاف الفيديوهات التي بثت على مواقع التواصل الاجتماعي العالمية للمتظاهرين السوريين الذين سقطوا خلال التظاهرات السلمية. رغم كل ذلك خرج عميد الاسرى السابق في السجون الاسرائيلية سمير القنطار ليقول انه سيقطع اليد التي تمتد إلى النظام السوري، وانه مستعد للذهاب إلى دمشق كي يقطع هذه اليد.
واذا كان مفهوما ان يتخذ «حزب الله» مواقف مؤيدة للنظام السوري نظرا للتحالف الذي يربطه مع النظام ومع ايران، فإن من المؤلم جدا ان يتخذ أسير ومقاوم «سابق» يعرف تماما معنى السجن والاسر والظلم والاستعباد، مثل القنطار، هذا الموقف المستغرب وغير المألوف، والذي لاقى صدى سيئا بين غالبية السوريين الذين يعيشون ظروفا صعبة هذه الايام، حيث لا يخلو بيت من شهيد او معتقل او مصاب او هارب اومفقود.
ان كلام السيد القنطار يعطي دلالة واضحة على ما يفعله حزب الله والحكومة اللبنانية بالسوريين المقيمين في لبنان من تضييق وطرد من البيوت، ولا غرابة ان وصلوا الى مرحلة «قطع ايدي وألسن» الشرفاء من اللبنانيين الذين يؤيدون الشعب السوري في انتفاضته من اجل الحرية والكرامة، لأن من يهدد السوريين وهو بعيد عنهم، أسهل عليه ان يطول من هم قريبون منه. ثم ان كلام القنطار يعطي اشارة الى امكانية مشاركة ايرانية او من «حزب الله» والفصائل المقاومة والممانعة في قمع الاحتجاجات في سورية، لأن من يهدد بقطع الايادي والألسن لمعارضي النظام السوري لن يتورع عن استخدام كل الوسائل لقمع الاحتجاجات والمحتجين والمعارضين اينما كانوا سواء في سورية او لبنان. التهديد بقطع الايادي والألسن هو ارهاب بكل معنى الكلمة، لكنه ارهاب لفظي يخرج من فم «مقاوم» سابق ذاق معنى الارهاب. 
هل اقتلع الإسرائيليون أظافرك أيها المقاوم كما يفعل عناصر الاستخبارات السورية بحق المعتقلين السياسيين والمعارضين؟ على العكس تماما انت حصلت على شهادة جامعية وأنت في سجن «العدو الصهيوني»، هل تم تعذيبك بالكهرباء والكرسي الالماني كما يفعل الأمن السوري للمعتقلين؟ هل طلب منك أي جندي إسرائيلي ان تقول «لا اله إلا نتانياهو او بيريز» كما يريدوننا ان نقول في السجون السورية؟ هل أتى الاسرائيليون بأختك او امك واغتصبوها امامك من اجل ان ينزعوا منك اعترافا سياسيا؟ هل شعرت يوما بالخوف من ان ترجع الى اهلك جثة هامدة؟ هل سمعت بالسجناء السوريين في سجني تدمر وصيدنايا؟ هل تعرف ما حصل في تلك السجون وكم الف معارض قتل تحت التعذيب او اعدم؟ هل قرأت في الصحافة السورية الرسمية، حواراً مع احد السجناء السوريين كما فعل معك الاسرائيليون بشكل دوري؟

ثم لنكن صريحين أكثر، هل سجنتك اسرائيل لأنك عبرت عن رأيك او شاركت في مظاهرة سلمية ضد حكومتها؟ لا.. اسرائيل اعتقلتك وسجنتك لأنك ساهمت في قتل مواطنين اسرائيليين وليس كما السجناء السوريين الذين يبقون عشرات السنين في المنفردات لمجرد الخلاف مع النظام في الرأي السياسي، اسأل رياض الترك الذي سجن 17 عاما في منفردة واسأل عن العشرات من الحالات التي تشبه رياض الترك… للأسف ايها «المقاوم السابق» فإن كل ذلك يحصل في سورية التي تدافع عن نظامها وتهدد بقطع أيادي وألسن من يتظاهرون ضده.

انت يا سمير القنطار لا تعرف ماذا يعني ان تكون سجينا في السجون السورية، هناك فرق كبير بين ان تكون سجينا في اسرائيل وان تكون سجينا سياسيا في سورية، واذا كنت لا تعرف، يمكنك الاتصال بأي معارض سوري، او يمكنك سؤال اهالي درعا عما حصل مع اطفالهم، حين اقتلعت اظافرهم لمجرد انهم خربشوا على الجدران بكلمات استمدوها من وحي الربيع العربي.
سمير القنطار، انت وصفت معارضي النظام السوري بالعملاء لكن هل تسمح انت لأحد بأن يصفك بالعميل؟ وهل تسمح لأحد ان يصف العملية التي قمت بها (هدكاليم 1979) بأنها ارهابية؟ رغم انك هاجمت بيتاً يأوي يهوداً عُزلا وقتلت من قتلت منهم، هل تسمح لأحد بوصف تصرفك هذا بالاجرامي؟
رغم مرور عدة أيام على تهديد سمير القنطار بقطع أيدي الثوار السوريين فلا يمكن تخيل كيف يمكن له أن يقول كلاماً ورأيا كهذا، حتى لو افترضنا جدلاً أن معارضي النظام السوري يستحقون العقاب وانهم هم القتلة والمجرمون وليس النظام السوري.. ولكن ما هذه العقلية الهمجية من العصور الوسطى؟ قطع الأيدي؟ من حقنا ان نسأله وهو من الذين سجنوا في اسرائيل سنين طويلة كيف يحتفظ بأعضائه كاملة حتى اليوم، وكيف خرج حيا ولم يقطع لسانه؟ 

السابق
الراي: الراعي قلق من استهداف المسيحيين في دول الربيع العربي
التالي
سورية توافق بلا شروط: وقف العنف وإطلاق المعتقلين وبدء حوار