النهار: آلية متدرّجة لعودة اللبنانيين من إسرائيل والحوار بين بري وميقاتي والسنيورة

لم يقلل تجدد المواجهات الساخنة في الجلسة الاشتراعية لمجلس النواب امس على خلفية الملفات و"المربعات" الامنية، أهمية الدلالة التي اكتسبها إقرار الهيئة العامة للمجلس اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي الى معالجة أوضاع المواطنين اللبنانيين الذين لجأوا الى اسرائيل عام 2000 بعد ادخال تعديلات عليه، في حين لم تكتمل موافقة المجلس على اقتراح اعطاء تعويضات او معاشات تقاعد للمعتقلين المفرج عنهم من السجون السورية وأعيد الى لجنة الادارة والعدل لإدخال تفصيلات اضافية عليه.
وعلى رغم حرص مختلف الكتل النيابية على الفصل بين الاقتراحين وعدم ربط أحدهما بالآخر، اكتسبت المناقشة النيابية للاقتراحين بعدا سياسيا مهما لقضية اللاجئين اللبنانيين الى اسرائيل بعد 11 سنة من نشوئها عقب الانسحاب الاسرائيلي من الجنوب عام 2000 وكذلك لقضية السجناء المفرج عنهم من السجون السورية في حقب متفاوتة. وهو نقاش اتسم بطابعين انساني وأمني لقضيتين تمسان بشرائح واسعة من اللبنانيين وغالبا ما كانتا مثار انقسامات سياسية حادة. ولكن استرعى الانتباه في الجلسة الاشتراعية امس بروز مناخ سياسي "ناضج" لمعالجة هاتين القضيتين ووضع حد لكل منهما، وإن تكن مسيرة المراسيم التطبيقية للاقتراح الاول حددت بمهلة سنة، في حين ان الاقتراح الثاني عاد الى مرحلة استكمال النقاش والتعديل ليشق طريقه مجددا الى الموافقة النهائية.
ويتناول اقتراح معالجة اوضاع اللبنانيين الذين لجأوا قسراً الى اسرائيل عام 2000 فئات مختلفة من هؤلاء، مع العلم ان العدد التقديري للبنانيين الموجودين في اسرائيل يناهز اربعة آلاف، ولا تملك السلطات اللبنانية رقما محددا وثمة تقديرات متداولة بين وزارة الداخلية وبعض المراجع الدينية المعنية. ويبذل جهد لتحديد العدد الحقيقي باعتبار ان لبنانيين كثرا هاجروا من اسرائيل الى بلدان أخرى في السنوات الـ11 التي مرت على لجوئهم حتى الآن. 
وتميزت مناقشة الاقتراح الذي قدمه "تكتل التغيير والاصلاح" بعدم مواجهته اعتراضات جوهرية، في ما عدا تساؤلات عن حالات معينة، الى ان طرح رئيس مجلس النواب نبيه بري صيغة معدلة تلحظ اجراء "محاكمة عادلة لمن فرّ الى اسرائيل وانضم عسكريا في أي حين في حال عودته ويسلم الى وحدات الجيش، أما المواطنون الآخرون الذين لم ينضووا عسكريا وأمنيا بمن فيهم زوجاتهم وأولادهم الذين لجأوا الى الاراضي المحتلة، فيسمح لهم بالعودة ضمن آليات تطبيقية تصدر بمراسيم في مجلس الوزراء خلال سنة". وأقر المجلس هذه الصيغة معدلة.
وأوضح عضو "التكتل" النائب ابرهيم كنعان لـنا أن القانون "سيشمل جميع المواطنين الذين لجأوا الى اسرائيل والذين لا ملفات عسكرية أو أمنية في حقهم ولم ينضووا في "جيش لبنان الجنوبي" ولا ملفات الآن في حقهم". وقال: "صار في إمكان هؤلاء العودة الآن على أن يخضع جميع الآخرين للمحاكمة العادلة. فيما تعود عائلات هؤلاء من دون أي ملاحقة". وأضاف أن المراسيم التطبيقية ستلحظ بعض الاشكاليات بينها حالات الذين جندوا في اسرائيل أو تزوجوا اسرائيليات. ولفت الى أن أفكاراً جرى تداولها، بينها "إقامة مدرسة تأهيلية لفترة أربعة أشهر لهؤلاء، لا تكون سجناً بل تكون في اشراف الجيش اللبناني لإعادة تأهيلهم". كما جرى تداول حالات الذين لا يحملون هويات لبنانية أو جوازات سفر وزودوا جوازات سفر اسرائيلية. وأكد أن ثمة اتجاهاً الى "التسهيلات لأن هذه مسؤولية الدولة التي تخلت عن هؤلاء اللاجئين ليس منذ لجوئهم الى اسرائيل فحسب بل منذ أكثر من 25 سنة والمعالجة ستكون تدريجية" واصفاً الخطوة بأنها "مهمة".
أما الجانب الساخن من الجلسة، فحضر مع سجالات حادة عقب مداخلتين لكل من النائبين اكرم شهيب ومروان حماده على خلفية حوادث الخطف والاعتداء على طلاب الجامعة اللبنانية – الأميركية في ذكرى مولد الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وبادر عضو "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب حسن فضل الله الى الرد بالحديث عن "مربع أمني يحكم طوقه في قريطم"، مما استدعى رداً من حماده قائلاً: "الكل يتكلم عن مربع أمني إلا حسن فضل الله، هلق صارت قريطم مربع أمني والبلد كله فالت؟".

خلوة
الى ذلك تميزت نهاية الجلسة بخلوة بين الرئيس بري ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي والرئيس فؤاد السنيورة تناولت موضوعاً مالياً يتعلق بالانفاق الاستثنائي للحكومة الذي طالب السنيورة ونواب المعارضة في الجلسة بالحصول على توضيحات تفصيلية عنه. وقال السنيورة لـنا ان الاجتماع "كان جيداً وكان هدفه التعاون ولكن شرط الا تبقى الأمور في إطار الكلام". وأوضح أن الاجتماع تناول موضوعين، الأول مالي انطلاقاً من مشروع الانفاق الاستثنائي ومن أجل الوصول الى آلية للتعاون مع الحكومة في معالجة الموضوع المالي. أما الموضوع الثاني فيتعلق بمبادرة الرئيس بري للحوار. وإذ رحب السنيورة بالفكرة، استدرك قائلاً: "يجب أولاً توافر إجابات عدة واضحة عن بعض الأسئلة".
وفي سياق آخر، أكدت أمس مصادر رسمية بارزة لـ"النهار" أن قراراً واضحاً اتخذ في مجلس الوزراء بتكثيف جلساته ابتداء من 11 تشرين الثاني لمناقشة مشروع قانون الانتخابات النيابية وإقراره، ولو اقتضى الأمر عقد جلسات عدة متعاقبة اسبوعياً من أجل انجاز هذا المشروع نهائياً في مهلة لا تتجاوز كانون الأول المقبل. 

السابق
400 مليار في البحر
التالي
الراي: الراعي قلق من استهداف المسيحيين في دول الربيع العربي