الاخبار: البرلمان أقر أبجدية اللاجئين إلى… إسرائيل!

كالعادة، تحولت الجلسة النيابية أمس، إلى سجالات وتراشق بالاتهامات بين فريقي المعارضة والموالاة، لكن على غير العادة لم تحصل هذه السجالات مباشرة، بل «بالدور»، حيث تكلم نائبان من الأكثرية بعد إنهاء 11 نائباً معارضاً مداخلاتهم، باستثناء اتهام متبادل بين نائب من هنا وآخر من هناك بشأن من اغتصب بيروت

مبروك، بات للبنان عيد للأبجدية. لكن المؤسف أن الذين أقروا هذا العيد، استخدموا أسوأ ما في الأبجدية في مناقشاتهم أمس، حين تراشقوا بالاتهامات بشأن من اغتصب… بيروت. فالنائب علي عمار أثار كيفية وضع شركة سوليدير يدها على أملاك الغير، وقال إن «بيروت اغتصبت»، فما كان من النائب عمار حوري إلا الرد بأن «بيروت اغتصبت في 7 أيار»، فتدخل رئيس مجلس النواب نبيه بري، داعياً إلى الاتفاق على أن «بيروت اغتصبت عام 1982 أثناء الاجتياح الإسرائيلي».
حدث هذا في الجلسة التشريعية لمجلس النواب أمس، التي مرت مناقشة بنود جدول أعمالها بسلام، بما فيها الاقتراح الذي حولت فيه الأبجدية العملاء إلى «الذين لجأوا إلى إسرائيل»، لكن الحماوة الكلامية حدثت قبل البدء بجدول الأعمال، حيث تحدث 13 نائباً، 11 منهم من المعارضة، اكتفى عدد منهم بإثارة قضايا عامة كالسدود والكهرباء والموضوع الاقتصادي، وحتى تصريف زيت الزيتون في الكورة، ولم تخل مداخلات البعض من مناكفات متفرقة، كقول النائب فريد حبيب إن عدد مرافقي وزير الداخلية أصبح 52، وعدم تفويت النائب أنطوان زهرا الفرصة لمهاجمة جاره البتروني الوزير جبران باسيل.

لكن البارز في مداخلات نواب المعارضة هو تحويل بداية الجلسة إلى ما يشبه مساءلة الحكومة، في موضوعي الاقتصاد والأمن خصوصاً. وقد بدأ النائب أكرم شهيب بإثارة قضية «المخطوفين السوريين»، مطالباً بتخصيص جلسة لها في اللجان المشتركة أو جلسة عامة سرية، ورأى زميله السابق في الكتلة، النائب مروان حمادة، أن هؤلاء المخطوفين «يسلمون للتصفية»، سائلاً: «أين الشهامة؟»، مثيراً وبعده النائب أحمد فتفت قضية برج حمود وحادثة الجامعة اللبنانية الأميركية و«منع الاحتفال بميلاد الرئيس الشهيد» رفيق الحريري. 
وأثار النائب غازي يوسف موضوع الأسئلة والأجوبة، فقاطعه بري قائلاً إن جلسة مخصصة لهذا الأمر ستعقد على الأرجح بين 15 و16 من الشهر الجاري، فأصر يوسف على توجيه أكثر من سؤال إلى وزير الاتصالات.
أما النائب خضر حبيب، فكانت له شكوى خاصة: هناك من ينتحل اسمه على الفايسبوك و«يدعي أنني أعدّ لانقلاب على سوريا»، مطالباً المجلس بالتدخل «في هذا الموضوع الذي يهدد حياتي».
اللافت أنه خلال مداخلات نواب المعارضة، لم يردّ أي من نواب الأكثرية، وانتظروا حتى أفرغ الزملاء من الفريق الآخر ما في جعبتهم، ليتكلم منهم اثنان فقط، أولهما النائب حسن فضل الله الذي رد بنحو مركز على حمادة، مستخدماً عبارات من عيار الحقد الأسود وعمى الألوان وطمس الحقيقة و«أول شاهد زور»، ثم تحدث عن استهداف العمال السوريين عام 2005، «فأين الشهامة آنذاك؟». كذلك تناول حادثة الجامعة اللبنانية الأميركية، قائلاً إن طلاباً تعرضوا للاعتداء في حرم جامعتهم وجرح عدد منهم «لأن مربعاً أمنياً في قريطم صار محمية عصية على الدولة وأجهزتها»، سائلاً: «هل جرح هؤلاء الطلاب بسلاح القلم أم رشقوا بورق البردى يا معالي وزير الداخلية؟». وذكّر بحادثة خطف الأستونيين ليسأل: «من خطط وخطف وأفرج؟ وهل استدعيتم السفير المعني بترتيب عملية الإفراج؟ وهل ينسجم هذا مع السيادة؟».

وبعده، ردّ النائب آغوب بقرادونيان على ما يثار في قضية برج حمود، قائلاً إن الأمر «لا يتعدى إلا تنظيم المخالفات ومنع التعديات والممارسات المخالفة للآداب العامة والأخلاق من لبنانيين وغير لبنانيين، وذلك بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية». ورأى أن الحديث عن هذا الموضوع «هو محاولة لضرب التعايش في برج حمود ولضرب تاريخ مشترك ومصير واحد بين الشعبين الكردي والأرمني اللذين تعرضا لمجازر ومعاناة واحدة بيد جلاد واحد».
بعد ذلك بدأت مناقشة جدول الأعمال المتضمن 22 بنداً، وجرى إقرار 18 بينها عيد الأبجدية، وكان اقتراحا «إعطاء تعويضات أو معاشات تقاعد للمعتقلين المحررين من السجون السورية»، و«معالجة أوضاع المواطنين اللبنانيين الذين لجأوا إلى إسرائيل»، أكثر بندين أثارا نقاشاً في الجلسة، وبرز في مناقشة الاقتراح الأول قول الرئيس فؤاد السنيورة إنه مع موافقته على الاقتراح «عندي حساسية بأن يكون هناك ربط ما بين هذا الموضوع مع الموضوع المتعلق بالذين لجأوا إلى إسرائيل»، فرد عليه نواب من تكتل التغيير بأن لا ربط بينهما. واقترح فتفت أن يشمل الاقتراح المحررين في لبنان، فوافقه النائب نواف الموسوي؛ «فهناك 4 ضباط اعتقلوا ظلماً وعدواناً لأسباب سياسية». وبالنتيجة، أعلن بري أن المجلس يوافق من حيث المبدأ على الاقتراح «لكن هناك تفصيلات بحاجة إلى صياغة معينة نعود فيها إلى لجنة الإدارة والعدل»، فرُدّ الاقتراح إلى اللجنة.

النقاش في الاقتراح الثاني شهد مفارقة بارزة، حيث أبدى نواب الأكثرية تفهماً للجانب الإنساني في هذا الموضوع، مع مطالبة بالتمييز «بين الميليشيات والعائلات التي لجأت إلى إسرائيل»، فيما رد النائب عمار حوري سائلاً: «كيف نعرف العائلات التي لجأت قسراً»، مقترحاً عدم التشريع لأمر غير مضبوط». وعندما قال النائب حكمت ديب إن الأمر يتعلق بعائلات وأطفال، اعترض النائب عماد الحوت، قائلاً إن «هؤلاء الأطفال تربوا ونشأوا في إسرائيل منذ 11 سنة».
ورفض بري «عدم التمييز بين العميل والمحتل، وبين الأطفال والشيوخ»، واقترح إضافة المراسيم التطبيقية لدرس كل حالة على حدة، فصدق الاقتراح مع الإضافة.
وقبل نهاية الجلسة، وزع مشروع الإجازة للحكومة بصرف مبلغ 8900 مليار ليرة خارج القاعدة الاثني عشرية، حيث سجل تحفظ للنائب فتفت، فوضع هذا الموضوع جانباً ريثما يطلع عليه النواب، ولم يطرح للتصويت. وقد بحث هذا المشروع وموضوع الموازنة في خلوتين عقدهما بري بعد الجلسة، مع كل من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، والسنيورة، بحسب ما ذكر ميقاتي. 

السابق
المجلس الوطني السوري: التماثل مع ليبيا
التالي
نجح بتغييرها