على من يكذب باراك ويهّول؟

تحدث وزير الحرب الإسرائيلي إيهودا باراك عبر الإعلام بكّم من "التنبؤات" توحي بأن «إسرائيل» بدأت تتحضّر لعمل عسكري في مكان ما من الشرق الأوسط، من دون أن يحدّد لنا وجهته بوضوح.
وبدأت وسائل الإعلام «تتحزّر» حول ما قصده باراك بأن إسرائيل «قد تضطّر للدفاع عن مصالحها الخارجية من دون الاعتماد على جهات خارجية». ومروحة التوقعات هنا واسعة، تبدأ من غزة والضفة، الى جنوب لبنان، الى الجولان… وصولاً الى المنشآت النووية الإيرانية.

ولكن باراك في استرساله التصعيدي يعود فيقع في مطبّات المزايدة، الاعلامية البحتة عندما يُردِفُ «أن الجو الجيواستراتيجي والاقتصادي الداخلي والخارجي مميز ولم نشهد له مثيلاً، فهناك «الربيع العربي» والزلزال في الدول العربية…».
إذن، «إسرائيل» بدورها تصّفق "للربيع" العربي من نافذة مصالحها الاستراتيجية، وهي تنتظر نتائج هذا «الربيع»، الذي لم يزهر بعد حيث تتوقّع. ففي مصر وتونس وليبيا جاء القطاف ملائماً، لأنه يلائم الولايات المتحدة أيضاً. ولكنّ «اسرائيل» لا تزال تضرب في المجهول في ما يخصّ «الربيع» الآخر والأصعب، حيث تجهد مع واشنطن وأنقرة ومن يرغب من العرب أيضاً في إنجازه على الأرض السورية. 
ولأن الأمر كذلك، فممنوع على «إسرائيل» أميركياً أن تفكر في أيّ عمل عسكري في هذه المرحلة. وإذا كان الأمر كذلك، فكلام باراك هو للتسلية الإعلامية، أو في حدّه الأقصى للايحاء بأن «إسرائيل» تراقب ما يجري حولها باطمئنان بانتظار مرحلة حسم الصراع لمصلحتها في العام المقبل، على حد تعبير باراك.

يستطيع باراك أن يحلم ويتمنّى. ولكنَّ الاحلام والتمنيّات شيء ووقائع الأحداث شيء آخر. فمن دون تدخّل حلف «الناتو» في سورية، يصبح من المستحيل على باراك وحكومته أن يحلما بقلب الوضع الجيو – استراتيجي لمصلحتهما في المنطقة. و«إسرائيل» تعلم جيداً أن «الناتو» لن يتدخل في سورية كما فعل في ليبيا، وذلك لأسباب جيو – استراتيجية معروفة. ومن دون ضوء أخضر أميركي نحو إيران، لن تجرؤ «إسرائيل» على شن ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية «من دون الاعتماد على جهات خارجية» كما يطيب لباراك الكلام. وعملية ضرب ايران غير مدرجة على الأجندة الاميركية، أكانت واشنطن تصدّق اتهامها لطهران بمحاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن أم لا تصدّق.
فأميركا، مهما كان حبّها لـ «إسرائيل»عظيماً، لن تبدّي مصالح «اسرائيل» على مصالحها.

إذا صحّت هذه القراءة للتصعيد الكلامي «الباراكي»، يصبح من الممكن حصره في الداخل «الإسرائيلي»، وذلك من باب التعبئة المعنوية، ليس تحضيراً للحرب، بل لصرف الرأي العام «الاسرائيلي» عن الاندفاع في مزيد من تصعيد التظاهرات المطلبية والمعيشية التي قد تهدّد الحكومة «الإسرائيلية» بالسقوط.
فهل يجوز، في منطق باراك، إسقاط حكومة ذاهبة إلى تغيير خرائط الشرق الأوسط، بمطالب معيشية واجتماعية تافهة  

السابق
استقالة المدير !!
التالي
فضل الله: عيد الأضحى الأحد