جنبلاط في عيون 14 آذار

كانت «قوى 14 آذار» تترقب كلمة النائب وليد جنبلاط في الجمعية العمومية للحزب التقدمي الاشتراكي، يوم الأحد المنصرم، معتبرة أنها ستشكل بوصلته الجديدة. التقى بعض اعضائها جنبلاط في الفترة الاخيرة وتقاسما طعام الغداء كما الذكريات وقراءة التطورات خصوصا في سوريا ولبنان. حرص الرجل على تمييز نفسه حتى في الجلسات التي يغلفها بطابع «الصداقات القديمة». لكنه، في الوقت نفسه، ارسل اشارات واضحة الى انه غير مرتاح في موقعه وان الربيع العربي «لا بد ان يشمل لبنان».
لذا كانت انتظارات «14 آذار» من جنبلاط تستند الى تحليل لبعض ما سمعته منه، كما الى بعض تمايزاته العلنية سواء في المواقف السياسية أو في الاداء الحكومي.
لا يعطي جنبلاط سرّه لأحد. لا حلفاء ولا خصوم. ينتظر الجميع اطلالات «البيك» لتحليل مواقفه والبناء عليها. في الموعد الأخير الذي ضربه في عاليه، أعلن خارطة طريقه المرحلية. فالزمن زمن متغيرات كبيرة ولا يمكن الطلب من جنبلاط، خصوصا، تحديد خياراته واصطفافاته النهائية.

استمعت اليه «14 آذار» بلهفة. ولا شك أن الرضا تسلل الى نفوس كثيرين، خاصة حين قال إن «هناك ايضا صفحة مضيئة من تاريخنا هي مع 14 آذار في ثورة الاستقلال». لكنه رضا غير مكتمل، تماما كمواقف جنبلاط.
يحاول مصدر في «تيار المستقبل» قراءة ما بين سطور الكلام الجنبلاطي. يشير الى «أن هموما ومخاوف كثيرة تتنازع الزعيم الدرزي ونتفهم معظمها. لذا حتى في اقسى الظروف حين انحاز الى الفريق الآخر لم نشن عليه اية حملة وتفهمنا هواجسه الشخصية والعامة».

لا يعتبر المصدر أن جنبلاط عاد الى «14 آذار» «هو يقوّم التجارب الكثيرة والمتعاقبة على البلد وفي محيطه ويبني عليها. ليس بعيدا عنا في مواقفه من الكثير من المواضيع سواء المطروحة داخل مجلس الوزراء وعلى بساط النقاش الوطني او تلك المتعلقة بالربيع العربي. لكنه يحاول ان يقيم في وسطية ستثبت له الايام انها رمادية تحجب الرؤية ولا تسمح لا بالتقدم ولا بالتراجع. عندها سيغادر جنبلاط هذه الرمادية وسيعود الى اعتماد لغتنا ومنطقنا».
وفي الانتظار؟ يجيب المصدر «في الانتظار تجمعنا نقاط عدة. ونحن نعتبر وزراءه في الحكومة قريبين جدا من طروحاتنا وجمهوره يتوافق مع جمهورنا».
واذا كان «المستقبليون» واثقون ضمنا من «عودة الابن الضال» وينتظرونه لذبح «العجل المسمن له»، يتخوف بعض مسيحيي «14 آذار» من ان يكونوا هم ذاك العجل.
وفي عدد من الحلقات الضيقة جدا يردد بعضهم «أن جنبلاط لا يؤمن له. يقف اليوم على مفترق طرق مستغلا موقع طائفته في المعادلة اللبنانية وموقعه الشخصي في طائفته، وينتظر مؤشرات الريح. يوحي لكل الاطراف أنه معهم وعلى مسافة منهم، في الوقت عينه. يحاول ان يبلور خطا ثالثا لكنه لا يبدو موفقا في رسم أطره. وعندما يشتمّ وجهة الريح سيجاريها اعتمادا لسياسة القصبة، لكننا لا يمكن أن نراهن على اعتماده خيار السنديانة للصمود في وجه العاصفة». ويذهب هؤلاء الى التساؤل «ماذا لو اشارت بوصلة جنبلاط الى ما يعاكس رياحنا؟ هل نعود مجددا اليمين السخيف والجنس العاطل وينبش القبور؟. الى اي حد قد تؤثر عودته الى «14 آذار» على متانة علاقتنا بـ«المستقبل» وهل يمكن ان تتقدم رغبات «البيك» ومصالحه على اعتباراتنا ومصالحنا؟»
يقتصر هذا الكلام على حلقات ضيّقة فيما المعمم على الانصار والمحازبين التزام «الحياد الايجابي» من مواقف جنبلاط والابقاء على «العلاقات الطيبة مع جمهور الاشتراكي المتقدم على زعيمه في حفاظه على افضل العلاقات مع مكونات «14 آذار سواء المسيحية منها او المسلمة».

لكن فريقا آخر من مسيحيي «14 آذار» يرى وجوب «تعبيد الطريق امام جنبلاط الابن الضال العائد، وحتى تدليله، فهذا يعني انه «كان ضالا فوجد» بحسب ما يورد الانجيل». ويضيف احد المسؤولين «صحيح أن جنبلاط لم يعلن عودته الى انتفاضة الاستقلال لكنه اعتبرها مع كل ما سبقها من مصالحة الجبل وغيرها من المحطات المضيئة. ربما على الطريق اضعنا جميعا بعضا مما جمعنا لكن خصوصية الجبل وما يمثله في لبنان، وخصوصية الطائفة الدرزية والموقع الذي يحتله زعيم المختارة في قلبها، تبيح لجنبلاط ما لا تتيحه لغيره». ويعتبر هذا الفريق أن «الجرح الذي تركه جنبلاط في جسد «14 آذار» يوم غادرها يمكن مداواته بالمصارحة والمصالحة التي دعا اليهما جنبلاط نفسه وبالاتفاق على رؤى مشتركة لمستقبل لبنان كما مستقبل العالم العربي ودور لبنان فيه».
 

السابق
أوقِفوا المماطلة العقوبات تقترب!
التالي
الأشقر:رفع الطلب على الفنادق إلى 130%