انتخابات اليسوعية غداً: معارك حامية

لن تختلف التحالفات السياسية في الانتخابات الطالبية في جامعة القديس يوسف، التي تنطلق يوم غد الخميس في كل أحرام الجامعة حيث يوجد أكثر من اثني عشر ألف طالب. ما زالت المعارك الانتخابية تخاض على الانقسام عينه: تحالفات قوى الثامن من آذار، مقابل تحالفات قوى الرابع عشر من آذار، علماً أن التسمية الحقيقية للمعركة هي: اثبات وجود بين العونين والقواتيين في الجامعة، بدعم من الطلاب المؤيدين لحزب الله، وحركة أمل للفريق الأول، وتيار المستقبل للفريق الثاني. أما طلاب منظمة الشباب التقدمي فهم ملزمون بالامتناع عن المشاركة في الانتخابات تصويتا وترشحا للسنة الثانية على التوالي (على الرغم من مشاركتهم إلى جانب 14 آذار في انتخابات 2009)، وذلك "لأننا نرى أنفسنا على مسافة واحدة من الجميع، ولا نود أن نخوض الانتخابات في ظل هذه الأجواء الحادة"، وفق ما يقوله مسؤول الجامعات الخاصة في منظمة الشباب التقدمي، باسل العود لـ"السفير". وعن مشاركة طلاب المنظمة في انتخابات طلابية في جامعات أخرى لا تقل حدة عن اليسوعية؟، يوضح العود: "لكل جامعة خصوصيتها، نحن نفضل ألا نشارك في انتخابات اليسوعية لأسباب اضافية بينها أن قوانين ادارة الجامعة باتت صارمة جدا لدرجة تضيّق الخناق على العمل السياسي للطلاب وندواتهم وشعاراتهم في الجامعة، كما أننا لا نرى أن المجلس الطلابي يقدم الكثير عند فوزه!".

إذاً تشتعل فروع الجامعة اليسوعية غداً حماسة مع انطلاق الانتخابات في كل من أحرام "العلوم الطبية"، و"الانسانية" وفي الحرم الجديد "الابتكار والرياضة"، و"العلوم الاجتماعية – هوفلان" الذي يشهد أجواء حماسية ومتوترة دوما، وفي مدرسة العلوم والتكنولوجيا – مار روكز (التابع لكلية الهندسة)، وفي فروعها الثلاثة في صيدا (فازت 14 آذار بالتزكية)، وزحلة وطرابلس. وتتنافس في اليوم الانتخابي الطويل ستون لائحة انتخابية على اساس قانون النسبية المعتمد في اليسوعية. ومن المعروف أن الانتخابات الأكثر توتراً وحماسا تُسجل في حرم "هوفلان" في مونو، وتحديدا في كلية ادارة الأعمال، وفي كلية الهندسة، ومن المتوقع سخونة اجواء حرم "العلوم الطبية" هذا العام.

وتعتمد "النسبية" في الجامعة للسنة الثانية على التوالي، بعد أن أُقرت العام الماضي على حساب قانون الأكثرية، الذي كان يحسم الفوز لطرف من دون آخر في الجامعة. وما زالت الجامعة فخورة بإنجازها بتطبيق قانون النسبية في انتخاباتها الطلابية، على الرغم من تحفظ كثير من الطلاب لا سيما المتحزبين منهم، الذين يودون "اكتساح" المقاعد، وحسم النتائج لصالحهم مع إلغاء وتهميش تام للطرف الآخر. وهذا تماما ما تتجنبه ادارة الجامعة، إذ يشرح مفوض رئيس الجامعة للحياة الطالبية والتزام المواطنية جوزف عتيق لـ"السفير"، أن "نظام النسبية هو نظام مثالي لمجتمع متعدد، يمنع أن يطغى فريق على فريق آخر، ويسمح بتمثيل كل الأطراف، كما يساهم في تدريب الطلاب على التعايش مع نتيجة انتخابات تجري وفق نظام النسبية، واحترام الآخر. وبهذا نكون نُخرِّجهم كمواطنين يمكنهم أن يختلطوا ويتعايشوا مع بعضهم في المجتمع اللبناني".  
ولا ينفي عتيق أنه "على الرغم من ايجابيات نظام النسبية إلا أنه يُلغي حق الترشح بشكل منفرد، ويلزم الطلاب أن يكونوا ضمن لائحة مجموعة أو حزب". من جهة ثانية، يشير عتيق إلى أن "الجامعة تقوم للسنة الأولى بمكننة التصويت في كلية ادارة الأعمال، وفق نظام يحفظ سرية وصدقية العملية، بحيث أنه بعد التصويت عبر الكومبيوتر يتم طباعة التصويت وإدخاله في الصندوق".
ولا يتوقف وضع جامعة القديس يوسف ثقلها في قوننة وتنظيم انتخاباتها الطلابية عند اجرائها وفق نظام النسبية، بل تعمل على التدقيق في الانفاق الانتخابي، الذي سجل في الأعوام الماضية أرقاما خيالية، بعدما قامت معظم الأحزاب بتمويل الحملات الانتخابية، وكأنها تخوض انتخابات نيابية عامة. وشمل الإنفاق السهرات والحفلات والمطبوعات والتذكارات والقبعات والقمصان والفولارات… وما الى هنالك من إكسسوارات للترويج لهذا الحزب أو ذاك. ويلفت عتيق إلى أنه "من المعروف أن البذخ في انتخابات يلعب دورا ضد ديموقراطية الانتخابات، بحيث يسلط الضوء على أطراف معينة، ويحجب طلابا آخرين قد لا يملكون التمويل الكافي لمجاراة الفريق المقابل".. لهذا ناقشت الجامعة هذا العام الطلاب في قضية الإنفاق الانتخابي، واتفقت معهم وفق ميثاق شرف على مراعاة سقف مقبول للإنفاق لهذا العام، على أن تعمل الجامعة على وضع بند أساسي في قانون انتخابات الجامعة في العام المقبل، يحدد سقفا ممنوعا تخطيه في الإنفاق الانتخابي، "لأننا نريد للطلاب أن ينتخبوا على مضمون برامجهم لا على المطرب أو الحفل أو الهدايا الرمزية".
ويُسجل لجامعة القديس يوسف أنها بخطواتها هذه، تظهر نية جدية في تحويل الجامعة إلى مساحة تقلب المعادلة، وتغير في أنماط التفكير لدى الطلاب، فتدفعهم إلى الالتزام بالقوانين وتصدير نوع من الديموقراطية إلى المجتمع بدلا من جمع الاحتقان من المجتمع وتفريغه في قلب الجامعة". علما أن المعادلة عينها تتوفر من وجهة نظر الجامعة، من دون أن تتحول إلى واقع ملموس في انتخابات يوم غد، بحيث ينجح الطلاب في ابتكار سبل مختلفة للترويج لأحزابهم ورغبتهم بإلغاء الآخر، وهو ما يظهر من خلال وعود وتحليل وقراءات مسؤولي الأحزاب في الجامعة.

الكل سيفاجئ الكل
كما في كل عام، المعارك الانتخابية تحمل عنواناً متداولا: "ع المنخار"، بحيث تشهد بعض الكليات تنافسا حاداً يحسمه الفوز بفارق بسيط جدا لأحد الأطراف. ويشير مسؤول دائرة "الجامعات الفرنكوفونية" في "القوات اللبنانية"، نديم يزبك إلى أن "تحالف قوى الرابع عشر من آذار يعمل على الحسم النهائي، بحيث لا نترك لفريق الثامن من آذار المجال لأن يتفوقوا علينا بأي شكل من الأشكال". و"يعد" يزبك منافسيه أنه لن يكون لهم أي رئيس هيئة في مجمعات بيروت الثلاثة هذا العام". ويُذكّر يزبك أن "تحالف 14 آذار فاز العام الماضي في 11 كلية في بيروت إضافة إلى كلية الطب (علما أن الفوز فيها كان في واقع الأمر لمستقل، تجزم القوات أنها دعمته). ويشدد يزبك إضافة إلى "محافظتنا على الفوز في هذه الكليات، نتجه إلى الفوز في الحرم الجديد عند طريق الشام، وهو حرم الابتكار والرياضة، وفيه أربع كليات: العلوم الاقتصادية (التي انتقلت من هوفلان)، والعلاج الفيزيائي، والعلاج الحركي وعلم النطق (انتقلت من حرم العلوم الطبية)".
بدوره، ينطلق مسؤول الجامعات الخاصة في بيروت في التيار الوطني الحر جان جاك مانانيان من أن "قوى الثامن من آذار فازت العام الماضي بإحدى عشرة كلية في بيروت، ليؤكد انها ستضيف هذا العام فوزا جديدا وسنفاجئ الكل".
ووفق وعود الطرفين، تعمل القوات على الفوز في كليات الهندسة والآداب والترجمة، والحفاظ على فوزها في ادارة الأعمال والاقتصاد والطب، فيما يسعى التيار الوطني الحر للمحافظ على فوزه في الهندسة والآداب والترجمة، وشد الحبال لـ"سحب البساط" من تحت أقدام القوات في كلية ادارة الأعمال تحديدا.

ويعتمد كل من الطرفين على دعم ضروري من الأحزاب الأخرى، مما يفسح المجال لتبادل الاتهامات، ويرى مانانيان أن "التيار الوطني الحر لا يميز بين شيعي ومسيحي في الجامعة، وهو يعتبر أن قوى الثامن من آذار كتلة موحدة، ولا نحب أن نقسّم الطلاب حسب طوائفهم، إنما يمكن القول إن دعم طلاب حزب الله وحركة أمل لنا، تماما مثل دعم طلاب تيار المستقبل للقوات اللبنانية".
بدوره يقول يزبك إنه "لا يمكن للتيار الوطني الحر الربح من دون دعم حزب الله وحركة أمل، معتبراً ان الأرقام خير مثال على ذلك، ومنها معركة كلية إدارة الأعمال، إذ لا يتعدى عدد العونيين فيها 220 ناخبا، ويستفيد هؤلاء من 370 ناخباً لحركة أمل وحزب الله، أما القوات فعددهم 410 ناخببين لوحدهم، ويضاف إليهم 170 ناخبا من تيار المستقبل".

ويرغب يزبك بأن يسمي هذه المعطيات بـ"تمدد حزب الله في الجامعة"، ويستدرك ليقول "نحن لا مشكلة لدينا بتواجد طلاب لهذا الحزب في الجامعة، إن مشكلتنا بطريقة وجودهم وطريقة فرض رأيهم، وأبسط مثال على ذلك ما حصل يوم الجمعة الفائت في فرع الجامعة في صيدا، حيث تأخروا عن تقديم لوائحهم، ففازت قوى 14 آذار في الفرع، وعند رفض الادارة للوائح بعد المهلة المحددة، اعتصموا في اليوم التالي وأقفلوا الجامعة".

هنا يوضح عتيق أنه "فعلا تم التأخر في تقديم اللائحة الثانية للترشح للانتخابات في حرم صيدا، مما دفع بعض الطلاب إلى الاعتصام في اليوم التالي، وقامت إدارة الجامعة بمحاورة الطلاب، وأنهت الاشكال". وهو ما يعتبره مندوب حزب الله في الجامعة محمد وهبه "اغفالا لحق الطلاب في الترشح، إذ لم يكن طلاب الثامن من آذار يعرفون أن باب الترشيح ينتهي في ذلك الوقت، لهذا اعتبروا أنفسهم مغبونين ومنعوا من الترشح لانتخابات كان فوزهم فيها مؤكدا، علما أن ما حصل في اليوم التالي هو احتجاج وليس اشكالا، أو اقفال للجامعة كما يتم الترويج له". ويوضح وهبه "أن تحالف حزب الله مع التيار الوطني الحر يأتي ضمن الثوابت الوطنية، وليس لمصالح على حصص طائفية مؤقتة، لذلك من الطبيعي أن نجيّر ثقلنا في كلية ادارة الأعمال لصالح التيار الوطني الحر". ويؤكد "ليس من المفترض لوجودنا في الجامعة أن يستفز أحداً، لا سيما أننا نتصرف مثل أي طالب يسعى لتحصيله العلمي، ولا نعيّر الآخر وفق عقائده الخاصة".  

السابق
الأشقر:رفع الطلب على الفنادق إلى 130%
التالي
أهالي السجناء الموقوفين يهددون بإشعال ثورة.. ليلاً نهاراً