هل يعود لبنان ساحة لحروب الآخرين؟!

هل يمكن القول إن لهيب النار في سوريا بدأ يقترب من لبنان والمنطقة بعدما حذّر الرئيس بشار الاسد في حديثه الى صحيفة "الصنداي تلغراف" البريطانية من "زلزال يحرق المنطقة كلها في حال حصول تدخل غربي ضد بلاده"، ورد رئيس اللجنة الوزارية العربية المكلفة متابعة الملف السوري رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم محذرا دمشق من "عاصفة كبيرة" وطالبها باتخاذ خطوات حاسمة لوقف العنف والتوقف عن "اللف والدوران"؟ حديث الرئيس الاسد هذا ورد في لقاءات سابقة بينه وبين مسؤولين عرب واجانب وفي تقارير ديبلوماسية بعد دعوته الى التنحي والقول إنه فقد شرعيته.
تقول اوساط سياسية مراقبة ان الرئيس السوري بات يخشى ان يفتح الانتهاء من ملف ليبيا والاستعداد لخروج الجيش الاميركي من العراق الباب امام المجتمع الدولي للتركيز على بلاده والسعي الى تعديل مواقف روسيا الاتحادية والصين بتقديم اغراءات شتى لهما. 

والواقع أنه كلما شعر الرئيس الاسد بأن خطر سقوط نظامه قد اقترب فإنه لا يتردد في اشعال المنطقة سواء ببلقنتها او بتحويلها افغانستان اخرى حتى لو ادى ذلك الى تفكيك الدول فيها وتقسيمها دويلات. فقد سبق له ان قال لمسؤول تركي ان اول صاروخ يسقط فوق دمشق فإنه بعد ساعات من سقوطه سيكون قد اشعل المنطقة والحرائق قرب حقول النفط واغلق المضائق والممرات المائية، وان حصول اي عمل جنوني ضد بلاده يجعل مئات الصواريخ تسقط على الجولان وعلى تل ابيب، وسيطلب من "حزب الله" فتح قوة نيرانية على اسرائيل لا تتوقعها كل اجهزة الاستخبارات، وستتولى ايران ضرب بوارج اميركية راسية في مياه الخليج، وسيتحول الشيعة في العالم العربي فدائيين انتحاريين صوب كل هدف يرونه، وان سياسة "عليّ وعلى اعدائي" هي السياسة التي سينتهجها عندما تسحب منه كل الاوراق ويتفلت من كل الضوابط بحيث تصبح المرحلة المقبلة مفتوحة على كل الاحتمالات.

والسؤال المطروح ويهم لبنان على الاخص هو: هل يقوم "حزب الله" بعمل أمني لإحكام السيطرة في الداخل وفتح جبهة الجنوب مع اسرائيل على ايقاع ساعة سقوط النظام السوري بحيث يستطيع عندئذ ان يفاوض من موقع قوة على موضوع المحكمة الدولية وعلى شروط السلام مع اسرائيل؟
وما يجعل الحزب يقوم بذلك هو قول امينه العام السيد حسن نصرالله في احتفال حزبي: "هناك من يريد ان يدفع سوريا الى التقسيم خدمة لمشروع الشرق الاوسط الجديد الذي مزقناه في لبنان مع سوريا وايران وكل الاشقاء في حرب تموز 2006، واني بكل صراحة اقول: الاخلاص للقدس، الاخلاص لفلسطين، الاخلاص للبنان. حتى هؤلاء الذين من اللبنانيين يساعدون على توتير الاوضاع في سوريا ويرسلون الاسلحة ويحرضون، لن يبقوا لبنان بمنأى (…)".
وهكذا يبدو الانقسام اللبناني عميقا حول الاحداث في سوريا، ويزيده انقساما الاختراق العسكري السوري للحدود المشتركة وعمليات الخطف التي تتم داخل الاراضي اللبنانية، فإذا لم يعالج ذلك بحكمة فإن هذا الانقسام قد يتحول فتنة خصوصا عندما يقترب النظام السوري من السقوط وينفذ الرئيس الاسد تهديداته باشعال لبنان والمنطقة بعد تحويل بعض المناطق الحدودية جبهة اشتباكات مشتعلة. فإذا لم يتم التوصل الى ضبط الحدود بتعاون لبناني – سوري صادق، فإن الشرر الذي يتطاير عبر الحدود المشتركة ينذر بدنو موعد اقتراب الحريق السوري من لبنان وقد لا يكون احد في العالم مهتما باطفائه.
واللافت في آخر تقرير للامين العام للامم المتحدة بان كي – مون دعوته الحكومة اللبنانية الى تنفيذ القرارات المتخذة في الماضي من الحوار الوطني مثل تفكيك القواعد العسكرية الفلسطينية خارج المخيمات وهي تنتشر في اكثرها على الحدود بين لبنان وسوريا فتقوض السيادة اللبنانية وتتحدى قدرة الدولة على ادارة حدودها البرية. وطالب سوريا بالمساعدة على ذلك، واكد ان الازمة العميقة في سوريا زادت اعاقة التقدم في اتجاه ترسيم الحدود من اجل الحيلولة دون الانتقال غير المشروع للاسلحة، وعبّر التقرير عن قلقه العميق من اثر التطورات في سوريا على الوضع السياسي والامني في لبنان

هل ينفذ الرئيس الاسد تحذيراته ونصرالله تهديداته ويكون قلق الامين العام للامم المتحدة في محله، أم ان الجامعة العربية قد تنجح في التوصل الى حل عادل ومتوازن لأحداث سوريا قبل ان يتولاه مجلس الامن الدولي فيكون حلا مرا؟
وهل يورّط "حزب الله" لبنان في احداث سوريا كونه حليفا لها ولايران ويعيد لبنان ساحة مفتوحة لحروب الآخرين، ام انه يمتلك مقدارا من الحكمة والعقلانية يجعله لا يذهب الى المغامرات المكلفة، فيكون خياره منع الفتنة وتحصين الداخل؟ 

السابق
الاخبار: تصعيد يسبق اجتماع القاهرة ودمشق تستوضح ولا تردّ
التالي
فليتشر: التلكؤ في التمويل إشارة سيئة