شباب لبنانيون في البرلمان الأوروبي

الى لوكسمبور انطلق خمسة شبان لبنانيين في آب الماضي للمشاركة في الدورة الـ14 للقاء يجمع شباباً من أوروبا وكندا، لمناقشة مواضيع تعني شعوبهم، ترفع الى البرلمان الأوروبي الذي يتولى لاحقاً مناقشتها والاهتمام بتطلعات الشباب وهواجسهم. لكن الى أي مدى كانت المشاركة اللبنانية فاعلة لدى مناقشة الامور الاساسية بالنسبة الى دول الغرب والتي ليس للبنان شأن مباشر فيها؟

في زيارة الى "النهار" لفت بشارة الشمالي (ماستر في العلاقات الدولية في جامعة القديس يوسف) الى "ان اللقاء يجسّد نموذجاً لعمل البرلمان الأوروبي الحقيقي، يجمع شباباً من كل الجامعات الفرنكوفونية في أوروبا وكندا. وقد تقررت في هذه الدورة دعوة طلاب لبنانيين، كون الجامعة اليسوعية جامعة فرنكوفونية، ولبنان هو البلد الوحيد المختار من الشرق الاوسط، فتقدمنا مع غيرنا من الطلاب بطلبات للمشاركة، وتم اختيارنا".
وأوضحت ترايسي الحلو (علوم اقتصادية في الجامعة الاميركية في بيروت وعلاقات دولية في جامعة القديس يوسف) "ان الاحزاب تتمثل في البرلمان الاوروبي أكثر من البلدان، لذلك انتسب كل منا الى حزب من الاحزاب القائمة. فأنا انتسبت الى الوسط اليميني، وجون الأشقر الى حزب الخضر، وبشارة الشمالي الى الحزب اليساري، وزينة قزي الى الحزب اليميني، وألان واكد الى الحزب الشيوعي. وكل ما قمنا به من بحوث قبل ان نغادر لبنان ارتكز على توجهات الحزب الذي انتسبنا اليه. اما العمل الحقيقي فكان داخل المجموعات الحزبية، اذ لم تعد هوية البلد الذي ننتمي اليه ذات معنى انما انتماؤنا الحزبي".  
وعن الدور الذي اضطلعت به البعثة اللبنانية في اللقاء قالت: "انها المرة الاولى التي يتعاملون فيها ضمن هذا اللقاء مع اشخاص يختلفون عنهم في طرق تفكيرهم. كنا نتناقش كثيراً في غير موضوع، وهم أبدوا رغبة كبيرة في التعرف الى طريقة تفكيرنا وثقافتنا ونظرتنا الى الدين، وكيف نعيش، حتى انهم كانوا يعتقدون اننا نعيش في حال حرب. بدورنا كنا نحاول دائما اعطاءهم الصورة الحقيقية لما نحن عليه، وما نعيشه في المنطقة ولبنان".

النقاشات والقرارات
اختار كل من شباب البعثة اللبنانية أحد الموضوعات المطروحة للنقاش للعمل عليها، فتولى بشارة موضوع البيئة، في حين عمل جون وزينة على الضريبة الاوروبية، وترايسي على التجارة البحرية، اما ألان فعلى مكافحة الارهاب.
"باشرنا العمل على هذه القضايا قبل مغادرتنا الى لوكسمبور، اذ كان علينا ان نكتب وثيقة عن القضية التي نعالجها، والدور الذي يمكن فرنسا ان تلعبه في هذا المجال"، قال بشارة موضحا "اننا كلبنانيين مثّلنا فرنسا، ولم يكن ذلك عاملاً مؤثراً، اذ ان الدور الأقوى كان للحزب الذي ننتمي اليه على حساب الدول".
وتدخلت زينة (حقوق – جامعة القديس يوسف): "نحن لم نختر الاحزاب كعقيدة، لأن احزابهم تختلف كلياً عن المنطق الحزبي في لبنان… كان عملنا يتم داخل اللجان الحزبية، فكان الحزب يعرض وجهة نظره ويحدد مصالحه من تعديل مواد معينة اثناء التصويت، فاتفقنا على التعديلات خلال عملنا مع الحزب وصوّتنا عليها في الهيئة العامة. الى ذلك قمنا بتمرير 3 قرارات لا علاقة لها بالمواضيع المطروحة، الاول عن القتل الرحيم، والثاني عن زواج المثليين، والثالث فرض عقوبات على النظام السوري، وقد اقترحه الفريق اللبناني، غير ان آلان اعترض عليه".
واستكمل جون (علوم اقتصادية وعلاقات دولية في جامعة القديس يوسف) لافتاً الى أن "الدور اللبناني في تمرير قرار لفرض عقوبات على (الرئيس) بشار الأسد والنظام السوري لاقى ترحيباً من البعثات الأخرى، وقاموا جميعهم بالتصويت معه تقريباً، غير أن آلان امتنع وبدأ الجميع ينظرون اليه باستغراب لأننا نحن كلبنانيين من اقترح القرار وفي المقابل امتنع لبنان عن التصويت عليه".

اختلاف في المبادئ وطرق العمل
اعتقدت زينة "أننا لن نعتاد على الجو بسرعة، لأن مستوى تفكيرهم مختلف عنا، وحتى قيمهم الاجتماعية، فهم يناقشون في مواضيع لا نناقشها في لبنان، لكن سرعان ما اعتدنا الجو واكتشفنا أنهم كانوا في انتظارنا لاكتشاف نمط تفكيرنا. وبدا لنا ان لديهم صورة سلبية عن لبنان، لكنهم أحبونا في النهاية وصوتوا لنا على أننا افضل بعثة شاركت في الدورة، وكتبت عنا الصحف". وأكد جون "تفاعل شباب الغرب معنا، فقد شاركونا رقص الدبكة في وسط البرلمان الأوروبي، ومع ذلك هناك فارق شاسع في المبادئ، حتى أننا غير مقتنعين بتبنّي مبادئهم". وأثنى "على طريقة تفكيرهم وتعاطيهم مع القضايا داخل البرلمان، فأعمار المشاركين لا تفوق الـ24 أو 35 عاماً لكنهم يناقشون في أمور يعجز كثر من مثقفي لبنان عن التحدث فيها، فنوعية الحوار داخل البرلمان اللبناني وبين الشباب اللبناني لا يمكن أن تقارن مع طريقتهم".
واوضحت ترايسي ان "اهم ما تعلمناه خلال هذه المناقشات هو كيفية تقديم التنازلات خلال التفاوض، مع المحافظة على مبادئنا وخطنا السياسي، وهذا ما نفتقده في لبنان، فهم يجيدون كيفية إقامة نقاش بنّاء، في حين اننا لا نجيد ذلك ابداً".
ولفت جون الى ان "مشاركة البعثة اللبنانية هذه السنة جعلتهم يفكرون في دعوة دول اخرى، كالمغرب وتونس وبعض الدول الافريقية. ومن جهتنا قررنا المشاركة السنة المقبلة في اللقاء الذي سيعقد في مونتريال، ومن ثم في ايطاليا، واقترحنا عليهم تنظيم اللقاء بعد ذلك في بيروت، فأبدوا حماسة حيال ذلك".
واشارت زينة الى ان البعثة تحمّلت كلفة المشاركة هذه السنة، مع الحصول على مساعدات قليلة من بعض الجهات، "لكن الدورة المقبلة ستعقد في كندا والتكاليف ستكون أغلى، ونحن في حاجة الى من يؤمن لنا مصاريف الرحلة. تحمّلت الدول الاخرى وجامعاتها وبلدياتها تكاليف البعثات الاخرى دعما لمشاركة شبابها، في حين اننا تحملنا اكثر من نصف الاعباء المادية".
وختم جون بالاشارة الى "اننا نرضى بعدم المشاركة في الدورة المقبلة في مونتريال، شرط ان يشارك بدلاً منا 128 نائباً لبنانياً ليتعلموا كيفية مناقشة مواضيع تهم الناس وتحاكي همومهم!".

السابق
تشابــه
التالي
ليون: نقاط التلاقي موجودة في قانون الانتخابات