بين العراق البعثي والعبثي!

يبدو أن الدور التخريبي للحكومة العراقية الحالية قد يتجاوز الداخل العراقي للخارج، وتحديدا سوريا. وذلك من خلال دعم النظام الأسدي، على حساب الشعب السوري نفسه، حيث قرر العراق الحالي الوقوف على خط واحد مع النظام في سوريا، مثله مثل إيران وأتباعها بالمنطقة.
فلمعرفة خطورة عراق اليوم، وتحديدا عراق حكومة نوري المالكي، لا بد من تأمل خبرين مهمين للغاية، يحكيان الكثير عن واقع بغداد اليوم، وخطورة العقلية التي تدير الأمور هناك. فالخبر الأول يقول إن 13 من 14 جهازا خاصا بمراقبة الإنترنت تم بيعها من قبل شركة أميركية إلى الحكومة العراقية، انتهت بيد النظام البعثي في سوريا، وذلك لمساعدة النظام الأسدي على مراقبة المتظاهرين، والتضييق عليهم، من أجل وأد الثورة السورية، علما أنه محظور على كل متعامل مع الشركات الأميركية بيع أو منح النظام في سوريا أي معدات تكنولوجية أو خلافه، بحسب نظام العقوبات الأميركي المطبق على النظام السوري!

أما الخبر الثاني، الذي نشر في نفس اليوم، وهو من العراق نفسه، فيقول إن الحكومة العراقية قامت بإلقاء القبض على قرابة 600 عراقي تتهمهم بالانتساب إلى حزب البعث، بل إن رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، نفسه صرح قائلا في مقابلة تلفزيونية حول تلك الاعتقالات، بأن «حزب البعث حزب محظور بموجب الدستور؛ لأنه حزب مجرم أسقط السيادة الوطنية، واستهدف عموم أبناء الشعب العراقي، من خلال المقابر الجماعية والأسلحة الكيميائية وغيرها». والأهم من كل ذلك، أن المالكي نفسه يرى أن «عقلية البعث هي عقلية المؤامرة والانقلابات»!
 
وعليه، فكيف يطارد رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، المنتمين لحزب البعث في بلاده العراق، بل يصفهم بالحزب المجرم المسؤول عن إسقاط الشرعية، واستهداف الشعب من خلال المقابر الجماعية، ويقول إن عقلية البعث هي «عقلية المؤامرة والانقلابات»، ثم تقوم نفس الحكومة العراقية بدعم النظام البعثي في سوريا؟ أمر لا يستقيم! فهل يجوز قتل السوريين من قبل نظامهم البعثي، بينما يتم إلقاء القبض على بعثيي العراق؟ وهل عقلية البعث التي يتحدث عنها نوري المالكي للعراقيين اليوم لا تراها الحكومة العراقية واقعة اليوم في سوريا، خصوصا بعد وقوع قرابة ثلاثة آلاف قتيل في سوريا، من نساء ورجال وأطفال، أم أن القصة هي أبسط من كل ذلك: فطالما أن النظام الأسدي هو نظام محسوب على المحور الفارسي بالمنطقة، فلا ضير في أن تقمع الأقلية الأكثرية بسوريا، طالما أن تلك الأقلية محسوبة على المخطط الفارسي بالمنطقة، وحتى إن كانت بعثية، وتمثل الوجه الآخر لنفس العملة التي كانت سائدة في عراق صدام حسين؟ ولذا، بالطبع رأينا كيف أن البعض من قيادات العراق الحالي، سواء العليا أو حتى الحزبية، انتفضت دفاعا عن شيعة البحرين، وقالت عن أهل الخليج العربي ما قاله مالك في الخمر، بينما ها هم اليوم يدعمون نظام بشار الأسد البعثي، الذي كان المالكي نفسه يتهمه بالأمس بالتآمر على العراق، بينما يتم قمع المواطنين العراقيين بحجة الانتماء للبعث.
أمر مؤسف، ومحزن، وينبئ بأن ليل أهل السواد طويل. 

السابق
ورشة اعمال لعوائل الشهداء
التالي
أجراس الإنذار بدأت تدق بقوة!