هل قرر نتنياهو وباراك مهاجمة إيران؟

هل اتفق رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه، إيهود باراك، على توجيه ضربة عسكرية إلى المنشآت النووية الإيرانية؟ سؤال تصدّر أمس الصفحة الأولى ليديعوت أحرونوت، التي أكدت أن هذا السؤال يشغل الكثيرين في المؤسسة الأمنية والمسؤولين السياسيين في تل أبيب، «ويقض مضاجع حكومات أجنبية تجد صعوبة في فهم ما يجري».
وفي ما يبدو أنه امتداد واستكمال لتقارير إعلامية إسرائيلية نشرت أخيراً في وسائل الإعلام العبرية، حذر كبير المحللين السياسيين في يديعوت أحرونوت، ناحوم برنياع، من وجود ما سمّاه «الشائعات» الآخذة بالازدياد، التي تتحدث عن ضربة إسرائيلية لإيران، مشيراً إلى أن «الخطوة الإسرائيلية التي سيُبادَر إليها، من شأنها أن تغير وجه الشرق الأوسط، وتقرر مصير الدولة اليهودية للأجيال المقبلة». أضاف متسائلاً: «هل اتفق نتنياهو وباراك في ما بينهما على ضرب المنشآت النووية الإيرانية قبل فصل الشتاء المقبل، رغم معارضة مسؤولي الأجهزة الأمنية في إسرائيل، ومن دون مناقشة الموضوع في المؤسسات ولدى الجمهور الإسرائيلي؟».
وقال برنياع إن مؤيدي العملية العسكرية ضد إيران، يرون إمكان نجاحها، وأنها لن تؤدي إلى ردود فعل سلبية على إسرائيل، «تماماً كما حدث في المرتين السابقتين حيال المفاعل النووي العراقي (عام 1981)، والمفاعل النووي في سوريا» عام 2007. لكنه ينقل عن المعارضين للضربة، تأكيدهم أن الأمر مغاير هذه المرة؛ لأن إيران «تقع في مكان مختلف (وبعيد)، ولديها نظام وثقافة مختلفان، فضلاً عن أن مشروعها النووي مختلف عن غيره، مع مستوى عال من المخاطرة». 
وتحدث برنياع عن وجود أربعة معسكرات لدى القيادة السياسية والأمنية في إسرائيل: إذ يرى المعسكر الأول أن نجاعة الضربة العسكرية محدودة، وفي الوقت نفسه، «المخاطر جنونية؛ لأن الإيرانيين سيردون بإطلاق صواريخ من إيران ومن لبنان ومن قطاع غزة». وبحسب الكاتب، يرى هذا المعسكر أنّ «من الأفضل الاعتماد على العقوبات الدولية ضد إيران».
أما المعسكر الثاني، فيرى وجوب الانتظار والتريث. ويؤكد أصحابه أن البرنامج النووي الإيراني لن ينتهي قبل عامين أو عامين ونصف عام، «وفي هذه الأثناء ستجري الانتخابات الرئاسية الأميركية، وفي حال فوز الرئيس باراك أوباما بولاية ثانية، أو انتخاب رئيس جمهوري آخر، فإنهما سيأخذان مهاجمة إيران على عاتقهما، كذلك ثمة احتمال بتغيير النظام الإيراني أيضاً؛ إذ يمكن أشياء كثيرة أن تحدث خلال عامين».
ويؤكد برنياع أن قادة الأجهزة الأمنية في إسرائيل، ينتمون إلى المعسكر الثالث، الذي يرفض توجيه ضربة عسكرية لإيران في هذه الفترة، بما يشمل رئيس هيئة الأركان بني غانتس، ورئيس الموساد تامير باردو، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية أفيف كوخافي، ورئيس جهاز الأمن العام يورام كوهين. يضيف أن «هؤلاء الأربعة متفقون على رأي واحد، ويعارضون الضربة، وهذا موقف مطابق لموقف أسلافهم في قيادة الأجهزة الأمنية، غابي أشكنازي ومائير داغان وعاموس يدلين ويوفال ديسكين». إلا أن الاختلاف بينهم، بحسب الكاتب، أن «المسؤولين الأمنيين السابقين تمتعوا بمكانة عامة وصلبة، وأوحوا تجاه السياسيين بالتصميم والثقة بالنفس، أما المسؤولون الجدد، فأقل شهرة وحزماً».
المعسكر الرابع، بحسب برنياع، يتمثل ببنيامين نتنياهو وإيهود باراك «التوأمين السياميين حيال قضية إيران، والحديث هنا عن ظاهرة نادرة بمفاهيم السياسة الإسرائيلية، وهي رئيس حكومة ووزير دفاع يعملان كجسم واحد لهدف واحد ودعم متبادل ومدائح متبادلة»، مضيفاً أنه «يجري تصوير نتنياهو وباراك بأنهما يحثان على الضربة؛ إذ صاغ نتنياهو المعادلة التي سيعمل عليها في بداية ولايته، وحدد أن أحمدي نجاد هو (الزعيم النازي أدولف) هتلر، وإذا لم يوقف في الوقت المناسب فستحدث كارثة». ويصف الكاتب حماسة نتنياهو، فيقول إن «إيران هي وسواس بالنسبة إليه، كذلك فإن حلم حياته أن يتحول إلى (رئيس الوزراء البريطاني السابق ونستون) تشرشل، وإيران تعطيه هذه الفرصة». أما من جهة باراك، فإنه «يدفع نحو عملية عسكرية، بلا اهتمام كبير بالنعوت التي قد تطلق عليه، وهو على يقين من أنه كما أحبطت إسرائيل مشروعات نووية في الماضي، يقع على عاتقها واجب إحباط المشروع الإيراني».
وعن قدرة الأجهزة الأمنية على صد النيات الهجومية للقادة السياسيين، قال برنياع إن «الإجراء المتبع في إسرائيل حيال القرارات في الشؤون الأمنية واضح؛ فالمستوى السياسي يقرر، والمستوى التنفيذي ينصاع». وأضاف أن «رئيس الحكومة في واقع الأمر لا يستطيع أن يتوصل إلى قرار مصحوب بمخاطرة، إذا عارضه وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان ورئيس الموساد ورئيس الشاباك، كلهم أو أكثرهم».
وفي السياق، حذر رئيس الدائرة السياسية الأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس جلعاد، من أن إيران تمثّل التهديد الرئيسي على إسرائيل. ورداً على سؤال عما إذا كان يجب توجيه ضربة عسكرية إسرائيلية إلى إيران، قال جلعاد: «كل الخيارات مطروحة». 

السابق
جمعة موفقة !؟
التالي
ورشة عمل في نادي الصحافة