نحاس: تصحيح الأجور بقوة القانون

موضوع تصحيح الأجور خرج من لجنة مؤشر غلاء المعيشة بالسياسة، وأعيد إلى موقعه الطبيعي في اللجنة، بعد صدور قرار مجلس شورى الدولة، بعدم الموافقة على مشروع مرسوم زيادة الأجور بسبب مخالفته القوانين واتفاقيات العمل ومبادئ المساواة والعدالة الاجتماعية، وبعد قرار تشكيل اللجنة التي يترأسها رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، وتضم إليه الوزراء: محمد الصفدي، شربل نحاس ونقولا نحاس. ومهمة هذه اللجنة إعادة درس الموضوع مع وزير العمل والجهات المعنية للوصول إلى صيغة قانونية تحقق مطالب العمال ويوافق أصحاب العمل عليها.
علمت «السفير» من مصادر مطلعة أن الموضوع سيعاد إلى لجنة مؤشر غلاء المعيشة، بعدما يجتمع رئيس الحكومة مع أعضاء اللجنة الوزارية، وتدرس الموضوع في ضوء ملاحظات مجلس شورى الدولة، لوضع آلية جديدة، ومن ثم تجتمع لجنة المؤشر بأطرافها، وتعيد الاطلاع على رأي أصحاب العمل والعمال، بصرف النظر عن الوقت الذي تحتاجه. وتقول هذه المصادر إن الاتفاق الذي أذاعه مجلس الوزراء، وجرت صياغة المرسوم على أساسه، كان تحت ضغط الإضراب، وان قسماً من أصحاب العمل فوضوا ميقاتي اتخاذ القرار والجميع موافق عليه.

نحاس: اجتماع للجنة المؤشر

وأكد وزير العمل شربل نحاس لـ«السفير» انه «بعد تعليق قرار التصحيح السابق في مجلس الوزراء، اثر صدور قرار مجلس شورى الدولة، وتشكيل اللجنة الوزارية في الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء، سنلتقي مع وزير الاقتصاد، قريباً جداً، ونبحث في العودة إلى اجتماعات لجنة المؤشر للوصول إلى الصيغة المرجوة، على أن ينضم إلى اللجنة عضو من لجنة التنسيق النقابية، بعد موافقة رئيس الحكومة على مشاركتها في اللجنة».
وردا على سؤال حول موعد اجتماع لجنة مؤشر الغلاء، أجاب نحاس انه لن يتعدى بداية الأسبوع المقبل، ونباشر بالبحث من النقطة التي توقف عندها النقاش قبل مقاطعة الاتحاد العمالي للجنة.
ولفت وزير العمل شربل نحاس، في تصريح الى أن رأي مجلس شورى الدولة كان متوقعا، وقراره ليس قضية الموافقة أو المعارضة، بل هي دراسة لعدد من المسائل الأساسية، وكل القرارات المتخذة هي ملزمة، كرفع الحد الأدنى أو رفع الأجور بحسب ارتفاع الأسعار. ورأى أن «المسار الطبيعي الذي سار فيه من خلال لجنة المؤشر كان الأجدى أن يستمر من دون الوقوف عند تصرفات الاتحاد العمالي العام أو الهيئات الاقتصادية، إضافة الى الاتصالات من خارج الإطار القانوني والاعتداء على صلاحيات الوزير»، معتبرا أن «الرأي القضائي أعاد الأمور الى نصابها، وأتى لينصف الدولة في موقعها كراعية للعلاقات الاجتماعية في البلد».
وأضاف: «أما القرار الذي سيصدر عن الحكومة والذي أكد عليه مجلس شورى الدولة فسيستند الى نقاط عدة أبرزها نسبة الغلاء المعيشي التي تصدر عن لجنة المؤشر باعتبار أنها المبرر لإصدار المرسوم الذي سيحدد الحد الادنى ونسب زيادة الغلاء التي يمكن أن تكون مقطوعة على الجميع أو بحسب الشطور، وهذا ما يتعلق بصلاحيات الحكومة». واعتبر ان «زيادة الأسعار أمر غير مقبول في كل مرة ارتفعت الأجور»، وأكد أن «فترة اسبوع أو عشرة أيام هي الوقت الكافي لأخذ القرار الصائب في الحكومة».  
في هذا السياق يمكن التأكيد ان اصحاب العمل فقدوا التهديد بالطعن بالمرسوم امام مجلس الشورى، بحجة انه لا يحق للدولة التدخل الا في تحديد الحد الادنى للاجور، بعد رأي مجلس الشورى الذي اكد قانونا «ان تدخل المشترع في هذه المسألة اقترن بتفويضه السلطة التنفيذية أن تتولى تحديد الحد الادنى الرسمي للاجور ونسبة غلاء المعيشة وكيفية تطبيقها وذلك عند الاقتضاء وكلما دعت الحاجة (المادة 6 من القانون رقم 36/67 تاريخ 16/5/1967)، على ان يتم ذلك بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على الدراسات وجداول تقلبات اسعار كلفة المعيشة».

وزير الاقتصاد: إعادة نظر بالمرسوم

أما وزير الاقتصاد والتجارة نقولا نحاس فقال في تصريح، امس، ان «مجلس الوزراء سيعيد النظر في مرسوم تصحيح الاجور نظراً الى الخلافات الكثيرة حوله كي يتلاءم مع كل القطاعات ويوافق عليه مجلس شورى الدولة لأن ذلك يطمئن شرائح المجتمع»، وأشار الى ان «اللجنة الوزارية المكلّفة درس الملف لن تأخذ الكثير من الوقت كي تعيد النظر في هذا الموضوع».
وأوضح ان «مجلس الوزراء عند اتخاذه مرسوم تصحيح الاجور لم يكن قصده ظلم أي فئة من اللبنانيين»، لافتاً الى ان «مجلس شورى الدولة نصّ على مراعاته أمرين، اولاً احترام حرية التعاقد المحصورة بالدستور، وثانياً القانون الرقم 36 الذي يرعى كيفية إعطاء غلاء المعيشة وتحديد النسب. وهذان الامران سنأخذهما في عين الاعتبار في مقاربتنا الجديدة لتصحيح الاجور كي ننصف الجميع والاقتصاد أيضاً»، مؤكداً ان «أي شيء سنقدّمه هدفه الاساسي المحافظة على القدرة الشرائية، لأننا لا نريد ان نفعل كما فعل غيرنا بأن نصرف من شيء لا نملكه»، اننا نريد ان «نوازن بين النمو الاقتصادي والقدرة الشرائية».

الوطني للنقابات: لإعادة فتح الحوار

ومن جهة الاتحاد العمالي العام فقد دعا رئيسه غسان غصن الى اجتماع لهيئة مكتب المجلس التنفيذي، للبحث في تصحيح الاجور، مع انه لجأ خلال الايام القليلة الماضية الى الدفاع عن الاتفاق مع انه جاء مبتورا حرم شريحة كبيرة من الاستفادة من زيادة الاجور، خصوصا الذين تتجاوز رواتبهم المليون و800 الف ليرة، وحوله الى انتصار، استفاد منه ما يفوق التسعين في المئة من عمال ومستخدمي لبنان.
وأعلن الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في بيان أنه «بعد الرد الصادر عن مجلس شورى الدولة الذي يطلب فيه إعادة تصحيح قرار مجلس الوزراء بخصوص تصحيح الأجور والتقديمات الاجتماعية، يؤكد الاتحاد على ما كان قد تقدم به من مطالب مع غيره من الاتحادات والنقابات التي تقوم بواجب الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة والفئات الشعبية وكل شرائح المجتمع اللبناني».
وبعد رد مجلس الشورى قرار مجلس الوزراء، عاد الاتحاد الى التأكيد على «أحقية المطالبة بتصحيح الأجور وعلى أساس الشطور لكامل الأجور ودون أي تمييز وعلى حماية الأجر الاجتماعي والتقديمات الاجتماعية». كما طالب وزير العمل شربل نحاس بإعادة فتح الحوار من خلال لجنة المؤشر من اجل تصحيح ما كان قد فُرض على العمال من خلال قرار مجلس الوزراء وتحالف أصحاب العمل وترك الساحة أمامهم من خلال تراجع من كان يفترض به الدفاع عن حقوق العمال والطبقة العاملة في لبنان. كما طالبه بضم الاتحادات التي كانت قد اعترضت على قرار مجلس الوزراء الى لجنة المؤشر وفتح النقاش بإعادة تصحيح الأجور ومشروع التغطية الصحية الشاملة على ان يتم التوصل الى حل من خلال اللجنة خلال مدة لا تتجاوز 10 أيام من اجل إصدار قرار لجنة المؤشر وإعادة إقرار تصحيح الأجور مع كل الملحقات في مجلس الوزراء وأخذ قرار مجلس الشورى في الاعتبار بمندرجاته كافة.
ودعا الاتحاد «كل الاتحادات والنقابات إلى لقاء تشاوري يوم الثلاثاء في 1/11/2011 الساعة 5 بعد الظهر في مقر الاتحاد الوطني للنقابات من اجل تحديد الخطوات المستقبلية في خطة التحرك من اجل تحقيق مطالب الطبقة العاملة. كما نعلن مشاركتنا في المؤتمر النقابي وندعو النقابات والاتحادات كافة إلى المشاركة الفاعلة في أعمال المؤتمر يوم الأحد في 30/10/2011 الساعة العاشرة صباحا في الاونيسكو».

فاضل: مقاربة خاطئة

اعتبر النائب روبير فاضل أنّ «مقاربة زيادة الأجور التي تمت في الأسابيع الماضية هي مقاربة خاطئة وغير مدروسة، خاصّة أنّها أتت في غير وقتها لأنّ الوضع الاقتصادي في تراجع وبالتالي انّ أيّة زيادة للأجور دون مقاربة شاملة تضمن زيادة النمو المتوازي معها هي خطرة على الوضع الاقتصادي والعمال في آن معاً».
وأخيراً دعا فاضل الى حوار مباشر بين الهيئات والعمّال اذ رأى أنّه ومن خلال الحوار المسؤول من الطرفين ومع الأخذ بعين الاعتبار الوضع المعيشي المأساوي والأزمة الاقتصادية الحالية نتوصّل الى حلّ شامل يضمن مصالح الأجراء وأصحاب العمل والاقتصاد في مجمله.
عدنان حمدان 

السابق
الاشتراكي يصفق للربيع العربي ويهمل خريفه الحزبي
التالي
معرض الكتاب الفرانكوفوني الـ 18 في البيال