مصير السلطة الفلسطينية في المجهول

فتح الرئيس الفلسطيني محمود عباس الباب على مصراعيه خلال اجتماعات المجلس الثوري لحركة فتح، حين قال إن لقاءه المرتقب مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل لن يكون للبحث في ملف المصالحة فحسب، وإنما أيضاً في مصير السلطة الفلسطينية، وما إذا كان يجب الإبقاء عليها أم حلها أو البحث عن بدائل أخرى، في تصريحات تسابق المحللون السياسيون لمعرفة معناها وانعكاساتها على مستقبل العمل الوطني الفلسطيني في ظل «معركة الأمم المتحدة».
وقال عباس أمام المجلس الثوري إن «السؤال الذي نطرحه وطرحناه على القيادات، ونطرحه عليكم اليوم: إلى أين؟ هذا السؤال من المهم جداً أن نجيب عليه. أين نحن ذاهبون، وهذا ما قلته للرئيس (الأميركي باراك اوباما)، بأننا سنعود لنبحث ثلاث قضايا، الأولى اقتراحات الأمم المتحدة بالذهاب إلى الجمعية العامة، والقضية الثانية هي بيانات (اللجنة) الرباعية، والقضية الثالثة هي أن السلطة ليست سلطة، ويسألني الناس والمؤسسات الفلسطينية عن جدوى استمرار السلطة».
وأضاف «نحن نريد أن نجيب على هذا السؤال، لذلك فسيكون أحد المواضيع التي سنبحثها مع أخينا خالد مشعل، باعتباره قائد حماس».
هذه التصريحات تبعتها مجموعة من التسريبات عبر قيادات في حركة فتح. وقال مصدر من الحركة لـنا نعم الرئيس بدا جدياً، وهو عملياً يفكر في التخلص من عبء السلطة التي صارت في نظر الناس مجرد حامٍ للاحتلال». 
وأضاف إن عباس «سيضع العالم أمام خيارين: إما دولة فلسطينية تكون عضواً كاملاً في الأمم المتحدة، ويتدخل العالم كله من أجل إقامتها، وإما يكون على إسرائيل أن تتحمّل مسؤولياتها كقوة احتلال عسكري تحتل خلافاً للقانون الدولي الأراضي الفلسطينية». وأكد المصدر أن عباس «أبلغ دولاً عديدة عربية وأجنبية بأنه قد يسلّم مفاتيح السلطة لإسرائيل في شهر كانون الأول المقبل».
في هذا الوقت، نقلت صحيفة «معاريف» عن مسؤول فلسطيني إن القيادة الفلسطينية «بلورت خطة احتياطية لحل نفسها، في حالة فشل المساعي في الأمم المتحدة لقبول عضوية دولة فلسطينية». وبحسب «معاريف» فإن «هذه الخطة أعدت بناء على طلب أبو مازن بعدما عاد من خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة». وبحسب الخطة ستلقي السلطة بالمسؤولية عن شؤون الصحة، التعليم، والسياحة، على إسرائيل.
وأوضحت «معاريف» أن فكرة حل السلطة الفلسطينية كانت تطرح في الماضي من محافل فلسطينية تعارض المفاوضات مع إسرائيل. ولكن مؤخراً بات الموضوع يدرس بعمق في دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، وجُهزت استعدادات ملموسة لذلك.
وبحسب الصحيفة فإن التعليمات لبلورة الخطة صدرت بعد مشاورات بين عباس ومسؤولين بارزين في السلطة الفلسطينية، فقد التقى عباس الأسبوع الماضي مع أعضاء اللجنة المركزية في فتح وطرح عليهم الفكرة. ووفقاً للمصدر الفلسطيني فقد أعرب المشاركون في الجلسة عن تأييدهم لبلورة الخطة الاحتياطية.
وكجزء من الخطة، طُرحت تقديرات بشأن ردود الفعل الإسرائيلية المحتملة، وإحداها هي فك الارتباط عن الضفة الغربية وفرض إغلاق عليها، مثل الوضع في قطاع غزة اليوم.
ومع ذلك، شدد المصدر بأنه لا يوجد أي قرار في هذا الشأن، وذلك ضمن أمور أخرى، بسبب معانيه، وليس بالذات السياسية، إذ أن «عدد موظفي السلطة يصل اليوم إلى 250 ألفاً، بالإضافة إلى 50 ألفاً من رجال الأمن… وليس واضحا ماذا سيحل بهم». ولكن من جهة أخرى، فإن القيادة الفلسطينية ملت من التسويف السياسي. وبحسب المصدر فإن «التوجه إلى الأمم المتحدة كان المرحلة الأخيرة في هذا الحل، وبعده لا يوجد ما يمكن عمله أكثر».
بدوره، قال عضو اللجنة المركزية في حركة فتح محمود العالول، في تصريح صحافي، إن «المقصود بتصريحات عباس حول حل السلطة هو الدعوة إلى إعادة وصفها وتسميتها بسلطة بلا سيادة ومسلوبة الصلاحيات وتحت سيطرة الاحتلال الذي صادر ولاياتها وصولاً إلى إفراغ محتواها».
وأضاف إن «هناك الكثير من الأفكار، مثل طلب وصاية دولية، وهناك من يفكر بدولة واحدة، وهناك من يفكر بالتخلص من كل الالتزامات السابقة، وهناك تفكير في إعادة القضية إلى مرجعيات جديدة كالأمم المتحدة».
أما المحلل السياسي هاني المصري فقال إن «هذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها عباس عن حلّ السلطة، لكني أستبعد أن يتمكن من ذلك لأنه وببساطة سيجد معارضة مذهلة داخلية وخارجية، حيث هناك آلاف المنتفعين من وجود السلطة». أضاف «بدل الحديث عن شيء كبير لا يمكن فعله ربما الأجدى عمل أشياء فورية مهمة مثل وقف التنسيق الأمني، وإلغاء اتفاقية باريس».
وقال المصري إنه «في حال كان الرئيس جاداً في طرحه، فربما عليه وضع إستراتيجية بديلة تقوم على الوحدة الوطنية أولاً، والمقاومة السلمية ثانياً، ثم مقاطعة إسرائيل سياسياً واقتصادياً، ونقل كل ملف فلسطين إلى الامم المتحدة والمطالبة بحلول قائمة على قرارات الأمم المتحدة، والبحث عن البعد العربي والمراهنة على الشعوب العربية، بدل الحديث مع لجنة رباعية فارغة، وكل خطواتها وقراراتها بلا قيمة». 

السابق
أسبوع لبنان في فرنسا: أسواق جديدة
التالي
الاشتراكي يصفق للربيع العربي ويهمل خريفه الحزبي