شهر العسل بين حزب الله وعون يترنّح!

إذا كان شهر العسل الذي امتدّ لسنوات منذ شباط من العام 2006 حتى الآن بين "التيّار العوني" و"حزب الله" قد بدأ يترنّح في الأسابيع الأخيرة، فإنّ بذور الخلافات في وجهات النظر من الناحية المبدئيّة قد تظهّرت أخيراً إثر تراكم الملفّات الخلافية داخل فريق الأكثرية.

فالتيّار الذي تمكّن بفعل انكفاء قوى 14 آذار عن المشاركة في الحكومة، من الإفادة بمضاعفة حجمه التمثيلي، على رغم أنّ الرجل الثاني في التيّار اللواء عصام أبو جمرا يعتبر أنّ هذا الحجم مضخّم عن الحجم الطبيعي، على خلفية أنّه لو شاركت الأكثرية السابقة في الحكومة الحاليّة لكان التيّار العونيّ تمثّل بخمسة وزراء فقط، فإنّ نوعاً من "الغرور السياسي" قد ضرب "البرتقاليّون" بعدما ظنّوا أنّ الحجم التمثيلي الحقيقي ـ بنظرهم ـ في لبنان قد تجاوز الثلث، وهو ما يمكّنهم وفق تقديرهم، الخاطئ طبعاً، من تعطيل أيّ قرار على المستوى السياسيّ.

هذا "الغرور" المستجدّ، ما لبث أن ووجِه على مراحل بمواجهات باردة من قبل قيادة "حزب الله" بعدما تدارست تلك القيادة السلوك العونيّ السياسيّ الذي تخطّى كافّة الخطوط الحمر الداخلية.
 
وبالتالي تحدّثت مصادر سياسيّة عن اعتراضات رفعها "حزب الله" في وجه "الإندفاعة" العونيّة، فيما تعمّد على ضفّة أخرى إقرار "ممانعة" إزاء العديد من الملفّات السياسية والاجتماعية الحسّاسة، ولا سيّما العقارية، ممّا استدعى خلوة للتيّار دقّ فيها العونيّون ناقوس الخطر، بعدما جرى التداول في أوساط العماد عون عن محاذير داخليّة وهواجس تهدّد شعبيته عشيّة استحقاقات سياسيّة وانتخابية كبرى.

وأضافت المصادر أنّ عدداً من قياديّي "حزب الله" سجّلوا في مجالسهم الخاصة "خيبة أمل" من أداء بعض وزراء التيّار بعدما وصلت تضحية الحزب بالنأي عن المشاركة في الحكومة لحساب التيّار إلى حدودها القصوى. فالاتّصالات في أسوأ أدائها الوظيفي، والاتّصالات الخلويّة تشوبها الأعطال، أمّا السياحة فقد سجّلت أسوأ نتائج لها منذ حرب تمّوز، فيما أخفق وزير العمل بإصدار مرسوم عادل لزيادة الأجور بعدما أفصح بنفسه عن فشله في إقناع مجلس الوزراء بإبعاد هذا الكأس عنه، أمّا "الفشل الكهربائي" فلا يستره تصديق الخطة الكهربائية، خاصة بعدما أعلن وزير الطاقة جبران باسيل شبه استسلام في حال لم يتمكّن من تمرير خطوط التوتّر العالي في المنصورية، ناهيك عن بطء العمل في وزارة العدل، حيث وصل تأجيل الجلسات المستعجلة إلى ما بعد ستة أشهر، من دون أن يتمكّن الوزير من "المَون" على القضاة لتسريع العمل القضائي وحلحلة قضايا الناس.

وعلى صعيد تمويل المحكمة الدولية، برز التيّار وحيداً وأوّلاً في مخاصمة الأسرة الدوليّة لأنّ رفض التمويل لا يفهم منه سوى مواجهة الأمم المتّحدة أكثر ممّا هو مواجهة اللبنانيّين وأهالي ضحايا التفجيرات الإرهابيّة في لبنان.

وكشفت المصادر عن عتب قياديّ في التيّار على الحزب الذي يقف اليوم في أوج مجده "وفي حماية مئة ألف صاروخ"، بينما يقاتل وزراء التيّار منفردين ويتلقّون صفعات الفساد والهدر والمحسوبيّات والمحاصصات العائدة لبعض محازبيهم ولسائر حلفائهم، الذين لا ينفكّون يمنّنونهم بإدخالهم في الحكومة الميقاتية وحصولهم على أضعاف حصّتهم من "الكوتا" المحسوبة لكلّ طرف من أطراف الأكثرية الحاليّة. وسأل القيادي العونيّ نفسه عن تبعات الفشل في إرساء وتطبيق شعارات "الإصلاح والتغيير".

والثابت برأي المصادر السياسية، أنّ لا إصلاح ولا تغيير في المدى المنظور، خصوصاً وأنّ الوضع الحكوميّ بدأ يهتزّ بسبب تمويل المحكمة الدولية، والتناقض بين الحلفاء في الأكثرية حوله، وذلك بالتزامن مع ظهور مؤشّرات تدل على عملية خلط أوراق قيد الإنجاز داخل الحكومة بسبب التجاذبات التي تتداخل فيها الطوائف والقوى السياسيّة والقوى العمّالية والهيئات الاقتصادية، وذلك في الوقت الذي بدأت فيه عملية خلط أوراق إقليميّة ودولية. وأكّدت أنّ المنطقة تقف على عتبة حقبة مفصليّة يجري خلالها عمليّة تبديل لقواعد اللعبة، خصوصاً في سوريا، ممّا سيؤدّي إلى "هزّات ارتدادية" على الساحة الداخليّة اللبنانية وعلى اللاعبين المحلّيين كباراً كانوا أم صغاراً من حيث التمثيل السياسي والحجم الحقيقي! 

السابق
وسام الاستحقاق للطبيب اللبناني العالمي أكيسكال
التالي
تمويل المحكمة وتمنع السيد عنه!