الزيتون الجافّ بديل التبغ الآفل: الشباب يهاجرون والعمال الأجانب يحصدون

بدأ موسم قطاف الزيتون باكراً هذا العام، وانهمك معظم الأهالي في بنت جبيل ومرجعيون كعادتهم بعملهم الموسمي هذا، الذي يعتبر مورد رزقهم الثاني بعد زراعة التبغ، خصوصا بعدما عمد الكثيرون منهم، في السنوات الأخيرة، الى استغلال ما تبقى من الأراضي لزراعة أشجار الزيتون كبديل الزامي عن التبغ، ذلك أنّ بعض المزارعين هجروا زراعة التبغ واستبدلوها بزراعة أشجار الزيتون، كما يقول أحمد أشمر، من بلدة العديسة في مرجعيون، الذي أكد أنّ "الزراعة الرئيسية في المنطقة تتحوّل تدريجاً من التبغ الى الزيتون بسبب هجرة الشباب وعدم عمل من تبقى منهم في الزراعة، لأنهم من جيل الانترنت والموضة الجديدة، حتى أننا بتنا نتكل على العمال الأجانب لقطاف الزيتون، ما يعني خسارتنا جزءاً كبيراً من الانتاج".
 
تؤكد على ذلك الحاجة خديجة نصرالله من بلدة عيناتا، التي فضّلت الاتكال على خادمتها لقطاف الزيتون: "أولادي يعملون خارج الوطن، واستئجار العمال الأجانب مكلف كثيراً، لذلك لا حيلة لي سوى استخدام خادمة المنزل بأجر اضافي". ويعتبر سامي رمال، من العديسة، أن "العمال السوريين هم الوحيدون الذين يعملون اليوم في قطاف الزيتون، باستثناء بعض عائلات المنطقة، وأجرة العامل تزيد على ثلاثين ألف ليرة يومياً، رغم أن معدل قطاف الفرد يومياً لا يزيد على 40 كلغ، أي أقل من نصف تنكة زيت"، ويلفت الى أن "معظم المزارعين يتقاسمون الغلّة مناصفة مع العمال، فمن يقطف الزيتون يحصل على نصف الموسم، رغم أن المزارع يضطرّ أيضاً لدفع بدل عصر الزيتون أيضاً، اضافة الى تأمين الفطور للعمال"، ما يجعل الربح شبه معدوم.

قطاف الزيتون المبكر هذا العام يعود بحسب رمال الى "المرض الجديد الذي أصاب حبات الزيتون، فيجعلها تتساقط أرضاً بعد جفافها ويباسها، فقد سارع معظم المزارعين الى القطاف المبكر خوفاً من سقوط المزيد وخسارة الموسم". ويعتبر محمد فرحات، من بلدة برعشيت، أن "هذا المرض مختلف عن مرض عين الطاووس الشهير، الذي استطعنا مكافحته بالمبيدات، ويمكن أن يكون السبب عائد الى تغير المناخ، وفي جميع الحالات فإن المزارعين خسروا نحو ربع الموسم بسببه، كما أن حبات الزيتون غير المريضة لا تنتج الزيت الكثير كما كل عام".

وفي هذا السياق تقول فاطمة سلمان، من بلدة شقرا انها اضطرت "الى قطاف أشجارنا باكراً بعد أن تراءى لنا سقوط حباتها أرضاً، وتفاجأنا بأن محصولها من الزيت قليل جداً، فأربعين مدّ من الزيتون أنتج لنا 4 تنكات زيت فقط، رغم أن الكمية نفسها في العام الماضي أنتجت 10 تنكات".

ويعتبر علي مستراح، من بلدة الطيبة، أن "سبب تدني الموسم يعود أيضاً الى تغيّر المناخ، وسقوط الأمطار في مطلع الصيف الفائت، فقد لاحظت أن أزهار الزيتون سقطت أرضاً في بداية الصيف، كما فوجئت بوجود ديدان صغيرة جداً داخل حبات الزيتون تنمو بداخلها وتؤثر على نموها، وتؤدي الى تساقطها"، لذلك، وبحسب مستراح فإن "المزارعين اليوم يسارعون الى قطاف أشجار الزيتون باكراً خوفاً من يباس ما تبقى من الموسم، ما يعني أن حبّات الزيتون التي لم تصب بالمرض يتم قطفها قبل نضوجها، وبالتالي فان انتاجها من الزيت يتضاءل كثيراً".

وبحسب سامي رمال فإن "ما يحصل لأشجار الزيتون والعنب والصحاري، لا يعود فقط الى تغير المناخ، بل الى عدم الاهتمام بالأراضي الزراعية، التي كانت تعتمد سابقاً على الأسمدة الطبيعية من زبل الأبقار والأغنام التي كانت تنتشر في معظم حقولنا الزراعية، وهي الى انقراض". 

السابق
جمعية المعاق تناشد وضع حدّ للمتسولين
التالي
النهار: مسؤول أوروبي في بيروت يتمنى الوفاء بالالتزامات الدولية ومتابعة الإصلاح