السفير: دمشق تحتوي المبادرة العربية: أسئلة ما بعد التفاهم على تقييم الأزمة

بضعة أيام للتفكير، قبل الاجتماع المقبل، الأحد، الذي سيبحث بعمق أكبر سبل حل الأزمة السورية من قبل وزراء الخارجية العرب، بعد أن حصل لقاء كسر الجليد، وبناء أسس الثقة المفقودة سابقا، خصوصا بعد اجتماع المجلس الوزاري الأخير والذي وصل الى حد طلب تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية من قبل بعض الدول العربية.
وقد حرصت قطر، وفقا لما علمته «السفير» على تقوية فرصها في هذه الثقة، حيث أبدى رئيس وزرائها الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني «حرارة» في لقائه المسؤولين السوريين، ورد الجانب الآخر بإبداء إيجابية في التعامل مع اللجنة التي ترأسها قطر. ويذهب بعض الدبلوماسيين في دمشق إلى القول إنها «تحركها أيضا».

وقد أكد الوفد العربي منذ لحظة دخوله على لسان رئيس الوفد القطري أن الوفد «حريص على استقرار سوريا» ويبغي مساعدة دمشق في التوصل إلى حل، حيث اتفق الجانبان على دراسة بعض جوانب المبادرة العربية، وفقا لمعلومات «السفير» وتم التطرق خلال الاجتماع الذي دام ساعتين ونصف الساعة إلى هذه المبادرة وبنودها، ولا سيما الرئيسية، ولكن من دون تفصيلات، وحصل نقاش عام حول هذه البنود التي اتفق الطرفان على إبقائها بعيدة عن الإعلام.
ووفقا لمصادر «السفير» فإن كلا الجانبين حرص على استثمار مزيد من الوقت في دراسة وجهة نظر الطرف الآخر. وفيما استمع الوفد العربي إلى التقييم السوري لأوجه الأزمة الحالية طلب الجانب السوري وقتا للإجابة على بعض متطلبات الوفد العربي، ولا سيما تلك التي تحتاج إلى مؤسسات ومتخصصين.

وجرى الاتفاق على أن يكون موعد الاجتماع الجديد لبحث «الأزمة السورية» في دمشق او على هامش اجتماع لجنة المبادرة العربية الاحد المقبل في الدوحة. وكان واضحا أن أجواء اللقاء كانت أفضل مما هو متوقع، إذ حرصت وكالة الأنباء السورية (سانا) والتلفزيون السوري على نشر صور يظهر فيها الطرفان في حالة ارتياح، وفي جو تميزه الابتسامات على الوجوه.

وكان الرئيس السوري بشار الأسد استقبل عند الثالثة بعد ظهر أمس وفد اللجنة الوزارية برئاسة الشيخ حمد. وتم خلال اللقاء استعراض المبادرة العربية حول الأوضاع في سوريا، وفق ما ذكرت «سانا». ودار «نقاش ودي وصريح حول ما يجري في البلاد، وتم الاتفاق على أن يكون هناك اجتماع بين اللجنة الوزارية العربية والحكومة السورية بتاريخ 30 الحالي لمواصلة التداول في ما تم بحثه اليوم (أمس)».
وتتألف اللجنة الوزارية التي حضرت اللقاء من الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي ونائبه احمد بن حلي ووزراء خارجية سلطنة عمان يوسف بن علوي والجزائر مراد مدلسي والسودان علي أحمد كرتي ومصر محمد كامل عمرو. كما حضر اللقاء من الجانب السوري وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم ونائبه فيصل المقداد والمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية بثينة شعبان ومندوب سوريا الدائم لدى الجامعة العربية يوسف أحمد والوفد المرافق للجنة الوزارية. وذكرت «سانا» أن اللقاء الذي دام أكثر من ساعتين سادته «أجواء من الإيجابية».
 
من جهته، قال الشيخ حمد إن لقاء اللجنة الوزارية مع الأسد كان صريحاً وودياً، مشيرا إلى بحث «النقاط التي تضمنتها المبادرة العربية بصراحة»، ووجدنا حرصا على التوصل الى حل مع اللجنة العربية من الحكومة السورية».
وأضاف أنه «جرى الاتفاق على اللقاء في 30 الحالي»، لافتا إلى أن «الاجتماع بين اللجنة العربية والحكومة السورية يمكن ان يعقد في دمشق أو على هامش مؤتمر لجنة مبادرة السلام في الدوحة»، مشيرا إلى أن ثمة «نقاطا اتفق عليها بكل أمانة، ونقاطا أخرى تحتاج إلى دراسة من قبل الطرفين، ونحن نريد الوصول إلى نتائج، ونريد لهذا الموضوع أن يبقى في طي الكتمان إلى أن يتم الاتفاق عليها إن شاء الله، كما أننا لا نريد الخروج ببيان شفاف لا يأتي بنتيجة لا تهم السوريين ولا تهم العرب».
وتابع «هناك أمور يريد الجانب السوري دراستها أكثر، ولكن هناك نقاطا اتفق عليها بالخط العريض وأخرى طلب الجانب السوري أن ينظر فيها خلال هذين اليومين، وكلجنة عربية نريد الاجتماع في ما بيننا للتشاور». ورأى أن الهدف الأساسي هو «وقف العنف والاقتتال».

ورداً على سؤال حول الأعمال «الإرهابية» التي ترتكبها المجموعات الإرهابية المسلحة بحق السوريين، قال الشيخ حمد «الإرهاب منبوذ في أي زمان ومكان، وفي ظل أزمة يكون هناك ناس كثر تستغل الأزمة من أي طرف، المهم ألا يكون هناك ضحايا من أي طرف في سوريا». ودعا «إلى أن يبدأ الحوار بين السوريين مع بعض، بحيث نتوصل لنتائج تحقق رغبات الشعب في الإصلاح». وأضاف «كما تعلمون هناك حراك جرى في بعض الدول العربية، ويجري في دول عربية أخرى، نحن في فترة نحتاج لإجراء إصلاح جذري وليس شكليا بحيث يحس المواطن في قطر وفي سوريا أن هناك نية صادقة للتقدم بإصلاحات والتنفيذ وليس وعودا، ولكن المهم وقف العنف والاقتتال من أي طرف ووقف المظاهر المسلحة».

تركيا وفرنسا

وأكد (أ ف ب، أ ب، رويترز) رئيس «المجلس الوطني السوري» المعارض برهان غليون في مقابلة مع قناة «الجزيرة» ان «على المجتمع الدولي إيجاد صيغ تحمي الشعب السوري بعد ثمانية اشهر من القتل المنظم والمنهجي». وأضاف «ان حماية الشعوب التي تتعرض لجرائم ضد الانسانية واجب على المجتمع الدولي. تبدأ بإرسال مراقبين دوليين على الارض يحول دون استعمال القوة». وطالب العرب بمناسبة زيارة الوفد الوزاري «ان يقولوا لهذا النظام الذي يدمر استقرار المنطقة كفى». وتابع «نراهن على الموقف العربي حتى نتجنب احتمالات التدخل الخارجي».
من جهتها، اعتبرت تركيا على لسان وزير خارجيتها احمد داود اوغلو في عمان ان ما يحصل في سوريا «أليم جدا»، مؤكدا ضرورة وقف العمليات «غير الانسانية» ضد المدنيين. وأضاف اوغلو، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الاردني ناصر جودة، «نحن سعينا بكل ما بوسعنا لحل هذه المشاكل لكن الحكومة السورية، لم تستجب لمطالبنا وما زالت مستمرة في استخدام اساليب قاسية ضد مواطنيها». (تفاصيل صفحة 13)
وقال وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه «سينتهي هذا الامر بسقوط النظام. أوشك هذا المصير ان يكون حتميا». وأضاف للاذاعة الفرنسية «سينتهي هذا بسقوط النظام ولا يمكن تفادي هذا تقريبا لكن للأسف قد يستغرق وقتا لأن الوضع معقد لوجود خطر نشوب حرب أهلية بين فصائل سورية إذ إن الدول العربية المجاورة لا تريد منا أن نتدخل». وقال انه في حين ان معظم الدول العربية تعارض اتخاذ اجراء ضد سوريا، فإن تركيا تقترب من الموقف الغربي وبدأت ممارسة ضغوط على الحكومة السورية لوقف الحملة.

وفي واشنطن، عبرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية فكتوريا نولاند عن املها بعودة السفير الاميركي لدى سوريا روبرت فورد الى دمشق خلال شهر، وذلك بعد ايام من استدعائه «خوفا على حياته». وقالت «لقد اشترى ديك عيد الشكر من اجل اعضاء السفارة. وهكذا يبدو انه سيعود قبل عيد الشكر» أواخر تشرين الثاني المقبل.
واعتبر برلمانيون اميركيون في رسالة الى المندوبة الاميركية لدى الامم المتحدة سوزان رايس ان «على مجلس الامن الدولي ان يكلف المحكمة الجنائية الدولية النظر في اعمال العنف التي ترتكب في سوريا ضد معارضي النظام».
وجاء في الرسالة التي وضعها السناتور ريتشارد دوربن، الرجل الثاني في الاغلبية الديموقراطية ووقعها اعضاء مجلس الشيوخ الديموقراطيون بن كاردن وروبرت ميننديز وبرباره بوكسر، «من المهم ان يتطرق مجلس الامن الى الشكوك ذات الصدقية حول الجريمة ضد الانسانية التي يرتكبها نظام الرئيس بشار الاسد امام المحكمة الجنائية الدولية». وطالبوا بمزيد من الضغوط الاميركية على النظام السوري، وأضافوا «نكتب كي نعبر عن قلقنا المتزايد حيال الوضع في سوريا حيث يتواصل عنف الحكومة ضد المتظاهرين المسالمين ويتكثف».

تظاهرة داعمة للأسد
وتزامنت زيارة الوفد العربي مع خروج مئات الآلاف من السوريين إلى وسط دمشق في مسيرة مؤيدة للأسد. وتجمع المتظاهرون في ساحة الأمويين والشوارع المحيطة بها وسط دمشق، معلنين رفضهم لما سموه التدخل الخارجي في الشأن السوري، وأعربوا عن تأييدهم «للخطوات الإصلاحية» التي سبق أن أعلنتها الحكومة السورية.
وحمل المشاركون في مسيرة ساحة الأمويين أعلام سوريا وروسيا والصين و«حزب الله» ولافتات داعمة للأسد. ورددوا شعارات مؤيدة، كما وصل المشاركون خمسة أعلام ضخمة «تمثل شجرة عائلة الشعب السوري» من جهات الساحة الأربع توسطتها صورة الأسد، وكتبت عليها أسماء مواطنين ومواطنات شاركوا في التجمع. وهتف المشاركون «الشعب يريد بشار الأسد». كما خرجت مسيرة مماثلة في محافظة الحسكة شمال شرقي البلاد شارك فيها الآلاف.
وذكرت «لجان التنسيق المحلية» المعارضة أن «الإضراب الذي دعت اليه نفذ بشكل كامل في درعا وريفها وفي حيي القابون وبرزة في دمشق إضافة لريف دمشق وإدلب وريفها وبانياس وحماه وريفها وحمص وريفها وفي دير الزور وريفها وفي ريف حلب». وقال احد سكان درعا لوكالة «فرانس برس» ان الاجهزة الامنية عمدت الى تكسير المحال المغلقة في المدينة «كما قابلت الاجهزة الامنية العديد من التظاهرات المناهضة للنظام بالعنف حيث اطلقت النار لتفريق تظاهرة حاشدة خرجت في ساحة الجامع الكبير بمدينة معرة النعمان وعلى تظاهرة خرجت في بلدة حمورية».

ميدانيات
وذكرت مواقع إلكترونية سورية أن اشتباكات بين القوى الأمنية ومسلحين جرت في مدينة سراقب في ريف إدلب، وذلك بعد أن قام مسلحون بهجوم على أحد حواجز الجيش في المنطقة. وأشار موقع «شوكوماكو» المقرب من السلطات الى أن مسلحين اغتالوا مواطنا، كما «استشهد الرقيب دانيال سلطاني من رجال شرطة حفظ النظام في سجن إدلب المركزي، حيث استهدفه مسلحون بإطلاق النار عليه أثناء تواجده قرب محطة وقود الشقيفة قرب ناحية سرمين.
وذكر الموقع أنه «في ناحية إحسم في جبل الزاوية استطاعت قوى حفظ النظام إزالة حواجز نصبها المسلحون الذين منعوا الأطفال من الذهاب لمدارسهم، حيث تم فتح الطرق وعادت الحياة إلى طبيعتها وعاد الأطفال لمدارسهم». وقتل 3 من عمال شركة الوليد للغزل بحمص وجرح آخرون في هجوم «مجموعة إرهابية مسلحة» على باص يقل عمال الشركة عند دوار الفاخورة بالقرب من جامع رياض الصالحين. كما «أصيب عاملان من فرع شركة الخطوط الحديدية بحمص. وهاجمت مجموعتان مسلحتان مدرستي هشام عباس والخنساء بالمدينة وكسرتا الأثاث الموجود فيهما».

كما اغتيل، وفقا لمواقع إلكترونية، أحد نشطاء ما يعرف بـ«الجيش الالكتروني السوري» الذي يشن حملات إلكترونية مؤيدة للنظام في دمشق، وذلك بعد أن كان اختطف منذ ثلاثة أيام.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان «قتل 16 مدنيا، بينهم طفلتان في حمص، حيث قتل ثلاثة عمال من شركة الغزل إثر إطلاق رصاص من قبل مسلحين مجهولين على حافلة كانت تقلهم، وقتل ثمانية آخرون برصاص الامن والقصف بالرشاشات الثقيلة في عدد من احياء حمص». وأشار الى «مقتل طفل في دوما (ريف دمشق) ورجل في البوكمال ومواطن في الرستن (ريف حمص) واثنان في سراقب التابعة لريف ادلب».
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن «اطلق مسلحون قذيفة آر بي جي على حافلة كانت تقل عناصر من الجيش في قرية الحمرات الواقعة على طريق حماه ـ السلمية ما اسفر عن مقتل 9 عسكريين، بينهم ضابط». 

السابق
العثور على سيارة في صيدا عليها آثار دماء
التالي
البناء: مسيرات مليونية في دمشق و الحسكة دعماً للإصلاح و رفضاً للتدخل الخارجي