ترشيش أولاً

لولا النائب سامي الجميّل لمرّت مؤامرة مدّ خط الكابل الهاتفي لشبكة الاتصالات الأرضية للمقاومة مرور الكرام، ولمرّت معها المياه من تحت أقدام ترشيش من دون ان تدري الاخيرة، ولتمكنت المقاومة من اجراء اتصالاتها الهاتفية واستكمال منظومة التحكم والسيطرة لديها من دون حسيب او رقيب. لكن لا يا سادة، فالبلاد لا تقبل بدولة ضمن الدولة، ولا بمنظومة اتصالات ضمن منظومة الاتصالات الرسمية. يجب أن تقف الامور عند حد، ولذلك كان لا بد من ترشيش اولاً.

عبثاً حاول فرع تنظيم «القاعدة في بلاد الشام» اصدار بيانات تضليلية للرأي العام، لإلهاء المسيحيين في لبنان وفي المنطقة، وتهديدهم بالويل والثبور وعظائم الامور، فتلك محاولات للفت النظر لن تعمي نائبنا الشاب عن سعيه الى التصدي للمؤامرات الكبرى. وسواء أصدرت كتائب عبد الله عزام بياناً يوم السبت الفائت أو لم تصدر، لن تتغيّر وجهته العقائدية قيد أنملة.
والكتائب (كتائب عزّام لا الجميّل)، التي يبدو أنها باتت تعمل لمصلحة حزب الله، أصدرت بياناً يهدد النصارى، إذا ذهبوا مذهب الاقليات في لبنان وسوريا، بالتصدي لهم، وقتالهم. وهو، في كل الاحوال، دعا أهل السنة في لبنان الى التسلح، والاستعداد لحرب، يبدو أنها ستكون طائفية، وطويلة، ومديدة، وهدفها في لبنان أولئك الذين يساندون النظام السوري. والأنكى أنه وسم الحراك السوري، فدعا الى الاستعداد لعمليات تفجير وتأطير للمنشقين عن الجيش، وتوسيع الانشقاقات، وضرب البنى التحتية للنظام وخطوط النقل.

علماً ان الكتائب التي تمثل تنظيم «القاعدة في بلاد الشام» سبق ان دعت في بيانها ما قبل الاخير «ولتستبين سبيل المجرمين 6» الى الابقاء على سلمية التحرك، معلنة رفضها لعسكرة الثورة السورية. لكن اليوم، ومع تحوّلات المنطقة، فإن التنظيم الدولي بفرعه المحلي قد حوّل من وجهته التكتيكية، ربما في مسعى لجذب انظار النائب المتني ــــ ابناً عن أب عن جد ــــ سامي الجميّل عن قضايا مركزية، كمحاولة النزول الى مونو، ومنعه من قوات الجيش اللبناني الذي يسيطر عليه حزب الله (بحسب كتائب عبد الله عزام ايضاً).  
تعصف التغييرات بالمنطقة العربية. ربما يسيطر الأميركيون على خناق ثوراتها، وربما تشتعل في اقاصي المنطقة، وتتغير الاردن والمملكة العربية السعودية والجزائر، وغيرها من الدول، بعدما بدأت ليبيا ومصر وتونس واليمن وسوريا تتغيّر، وقد تتحول أنظمة الحكم الى انظمة تعتمد الشريعة الاسلامية على النمط التركي ــــ الاطلسي، او انظمة حكم اسلامية سلفية، أو انظمة أكثر ديموقراطية. كل المنطقة قلقة، وكل الناس يراقبون ما تحمله الاعوام المقبلة في انظمة الحكم والعلاقات البينية، الا النائب المتني، إذ إن عينه ساهرة على المؤامرات الكبرى، على نمط مدّ خطوط الهاتف غير الشرعية، ومحاولات القوات السيطرة على مقر الامانة العامة لقوى 14 آذار واصدار بيانات الدفاع عن قوى 14 آذار برمتها، وباسم القوات وحدها، وربما الاب والابن، والجد ايضاً.
الاميركيون يبحثون كيف يغطون انسحابهم من العراق، وكيف يردون الصفعة الايرانية السورية، والنظام السوري يبحث في كيفية التخلص من معارضة تضم كل شيء، والمعارضة السورية تخشى تحول الامور الى قيادة بعض الخارج المشبوه، والاميركيون يخافون من حركة اسرائيلية ما تورطهم في صراع في لبنان، تحت حجج ومصالح مختلفة، تبدأ بتحرشات حدودية، ولا تنتهي باستدراج المزيد من التمويل من الولايات المتحدة، والحفاظ على نمط الحياة الاسرائيلية على حساب نمط الحياة الاميركية، الا نائبنا الفذ، فإنه يبحث عن الغريب المتسلل الى ترشيش، والذي قد يعدّ العدّة لإطلاق رعد واحد وزلزال اثنان من ترشيش.

يدخل الامين العام لحزب الله على محاولات تضليل النائب عن المؤامرة الكبرى، وتمويهها، فيضيف الى الولايات المتحدة الاميركية والى اسرائيل، القوى التكفيرية، مسمياً اياها بالاسم هذه المرة، وشارحا عن دورها في العراق، ومحذراً من دورها في المنطقة، ومشيراً الى مخاطرها على السنة والشيعة والمسيحيين في آن معاً، وداعياً الى تكاتف الجميع لصياغة حالة جديدة في المنطقة.
لكن كل ذلك لا يلهي النائب سامي الجميّل عما يحصل في خراج بلدة ترشيش، ولحسن الحظ، وبفضل وعي رئيس البلدية هناك، الذي ينتمي هو ايضا الى حزب الكتائب، وبعون الله، تم احباط المؤامرة الكبرى.
تحار اي مهزلة تشاهد، اهي كوميديا سامي الجميّل، ام النائب احمد فتفت ودم اطفال الرمل العالي لمّا يجف بعد، كما ضيافة الشاي، ام مأساة القوات اللبنانية التي تدافع عن الثورات العربية وقيم الحرية، بعدما انهت عقداً ونصف عقد من السفك بدماء المسيحيين، وبدأت تخطط لتعاون مباشر مع واشنطن. ولبنان يقف امام حرب اسرائيلية جديدة… فتخيل.  

السابق
عون معارض في الحكومة والمعارضة
التالي
خلوة كتائبية: مع النسبية او ضد؟