الجمهورية: والاس على لبنان احترام العقوبات الجديدة على سوريا ومصدر أوروبي يؤكد انه لن نتساهل مع دعم بيروت لدمشق

ارتفع منسوب التوتر في لبنان، بعدما افصح "حزب الله" رسميا عن موقفه راسما معالم المرحلة المقبلة ، وكثرت التساؤلات عن خطوة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لجهة التوفيق بين التزامات لبنان الدولية وموقف الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله، الذي قطع الشك باليقين مكررا التأكيد على "رفض المحكمة وتمويلها، "ومن يرد التمويل من جيبه فليفعل، واذا كان التمويل من الموازنة فالقرار يتخذ في مجلس الوزراء، واذا لم نصل الى موقف جماعي في هذا الشان ننتقل الى التصويت".

السفارة الأميركية

وانشغل لبنان الرسمي في زيارة نائب مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الأدنى جايك والاس، وهي الثانية له الى لبنان، الذي جال على رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيسي مجلسي النواب والوزراء نبيه بري ونجيب ميقاتي، قبل سفر الاخير الى الرياض للمشاركة في تشييع الامير سلطان بن عبد العزيز. كما التقى المسؤول الأميركي حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووزير المالية السابق محمد شطح.

وأعلنت سفارة الولايات المتحدة الاميركية في بيروت، في بيان، ان والاس ناقش مع كبار المسؤولين الوضع السياسي والأمني والاقتصادي في لبنان، كما تناول معهم الوضع الحالي في سوريا. واضاف البيان، انه شدد خلال لقاءاته على حاجة لبنان لتلبية جميع التزاماته الدولية، بما فيها تمويل المحكمة الخاصة بلبنان والتعاون معها. وأكد مجددا وجهة النظر الاميركية،التي تشدد على ألا يولّد عدم الإستقرار في سوريا توترا في لبنان.

كما جدد والاس أيضا "التزام الولايات المتحدة بلبنان مستقراً وسيداً ومستقلاً".

وتأتي زيارة والاس بعد أقل من 24 ساعة على مواقف السفيرة الاميركية مورا كونيللي وتنبيهها من الرابية، الى عواقب عدم دفع لبنان حصته من التمويل. وهي اعربت عن قلق الولايات المتحدة من ان فشل لبنان في الوفاء بالتزاماته تجاه المحكمة الخاصة ، قد يؤدي الى عواقب جدية تجاهه في حال عدم وفائه بالتزاماته الدولية".

وعلمت "الجمهورية" ان والاس ابلغ الى كل من التقاهم بضرورة احترام العقوبات الجديدة على سوريا، منبّها من عواقب عدم تمويل لبنان المحكمة وتداعيات خطوته، التي ستلحق ضررا كبيرا بمصالحه الاقتصادية والمالية.

المفوض الأوروبي لسياسة الجوار

وفي السياق عينه ، يزور لبنان المفوض الأوروبي لشؤون التوسع والسياسة الأوروبية للجوار ستيفان فوليه في 27 و28 الجاري، مذكّرا قبيل زيارته بـ"توقعات الاتحاد بوفاء لبنان بالتزاماته الدولية".

وبالتزامن مع هذه الحركة الدبلوماسية، أكد مصدر أوروبي "عزم الإتحاد على العمل من أجل إقناع السياسيين في لبنان للتخفيف من دعمهم للنظام السوري، وعلى توضيح الموقف الأوروبي تجاه الأحداث في سوريا" كاشفا أن الموضوع السوري سيكون من بين مواضيع عديدة سيبحثها المفوض الأوروبي مع الرئيس ميشال سليمان، والرئيسين ميقاتي وبري، ووزير الخارجية عدنان منصور . وابدى رغبة الإتحاد الأوروبي في ثني لبنان عن الاستمرار في تقديم الدعم للنظام في دمشق، قائلا:"على رغم علمنا بحساسية العلاقة بين دمشق وبيروت، إلا أننا نرغب أن يتفهم اللبنانيون مضمون الموقف الأوروبي تجاه دمشق".

وأقر المصدر بعدم إمكان وضع الحكومة اللبنانية في مواجهة كاملة مع سوريا، فـ"نحن لا نريد أن يقفوا ضد دمشق، ولكن أن يخففوا من دعمهم لها".

وقال: "لكننا لن نتساهل مع دعم مطلق تقدمه بيروت لدمشق في المرحلة الراهنة". واشار الى ان البحث سيطاول أيضاً المحكمة الدولية، مشددا على الموقف الأوروبي الثابت تجاه هذا الأمر، فـ"نحن نشجع القادة في لبنان على الاستمرار في تمويل محكمة الحريري لإقرار العدالة، فهذا أمر يصب في مصلحة لبنان". ورأى أن إصرار لبنان على عدم الاستمرار في تمويل المحكمة سيطرح "مشكلة حقيقية" في العلاقات الثنائية بين بروكسل وبيروت.

 
الوفد الإستثنائي

وبعد ساعات على عودة ميقاتي والوفد المرافق الى بيروت ، يتوجه رئيس الجمهورية على رأس وفد وزاري وقيادي امني وسياسي الى الرياض، لتقديم التعازي الى العاهل السعودي.

وعلمت "الجمهورية" ان الوفد الرئاسي شُكّل استثنائيا، وسيضم بالإضافة الى اربعة وزراء كلا من الرئيس امين الجميل، والعماد جان قهوجي، واللواء اشرف ريفي، والعميد عباس ابراهيم، واللواء جورج قرعة، بالإضافة الى عدد من مستشاري رئيس الجمهورية، ووفد اداري واعلامي.

وفي هذا الاطار، يتوجه وفد موسع من قوى 14 آذار إلى الرياض اليوم لتقديم واجب العزاء إلى القيادة السعودية، ومن الطبيعي أن تشكل هذه الزيارة مناسبة لإجراء تقييم مشترك للتطورات والأحداث على المستويين المحلي والإقليمي، كما ستشكل فرصة للقاءات ثنائية تجمع، ربما، الرئيسين سعد الحريري ووليد جنبلاط.

الى ذلك من المتوقع ان ينعكس الغياب الوزاري اليوم على مصير جلسة مجلس الوزراء المقررة بعد الظهر في السراي، ما يؤدي الى تعطيلها.

وقالت مصادر وزارية، ان النصاب مهدد ما لم يعد رئيس الجمهورية والوفد المرافق الى بيروت، في ظل غياب عدد من الوزراء خارج لبنان في مهمات مختلفة.

شمعون

في غضون ذلك، خلفت مواقف نصر الله موجة ردود، فأكد رئيس حزب الوطنيين الاحرار النائب دوري شمعون لـ"الجمهورية"على أنّ ميقاتي "لا يستطيع إلاّ أن يلتزم تمويل المحكمة، ففي النهاية هو رئيس حكومة لبنان، وعليه التزام قرارات الدولة اللبنانية"، مشيرا إلى أنّ "نتيجة التصويت في مجلس الوزراء غير محسومة لمصلحة عدم التمويل".

أضاف: "ليقل نصرالله بصراحة إنه "مش فارقة معو" ويريد بناء دولته، كفى اختباء وراء اصبعه". (راجع ص 6)

اده

بدوره، قال عميد حزب الكتلة الوطنية اللبنانية كارلوس اده لـ"الجمهورية" انه اذا سقط بند تمويل المحكمة في مجلس الوزراء عبر التصويت، فلا خيار امام ميقاتي سوى ان يكون صادقا مع نفسه ومسؤولا وان يستقيل فورا، وهذا ما يجب ان يفعله رجل دولة في مركزه. ووصف اده دعوة الامين العام لحزب الله مَن يريد التمويل الى ان يفعل ذلك من جيبه بالكلام الخفيف، قياسا على شخص في هذا الوزن، مذكرا هنا بالاجماع الحاصل في طاولة الحوار حول موضوع المحكمة، بمَن فيهم ممثلي حزب الله.

وقال اده إن التغيير في الاكثرية حصل تحت ضغط السلاح والتهديد، وفي القانون لا قيمة لأي عمل يحصل تحت ضغط التهديد. واعرب عن اعتقاده ان حزب الله وافق في السابق على المحكمة لاعتقاده انها لن تصل الى اي نتيجة ولن تجد اثباتات، لكن بعدما ظهرت دلائل الاتصالات التي ادت الى اتهام عناصر من حزب الله، بدأ الحزب باستعمال كل الوسائل لمنع المحكمة. وكأن الآن تفاصيل المحكمة باتت اهم من العدالة، واهم من الوصول الى الحقيقة، ولم يبقَ مكان للعدالة.

وأكد ان نصرالله يكيل بمكيالين، فالثورات التي تناسبه يؤيدها والتي تتعارض مع مصالحه يتحمل الاميركيون المسؤولية، وقال: ان الحزب لا يسير حسب مبادئ بل حسب مصالحه. واعتبر اده "اننا بتنا في دولة حزب الله، لكن هناك مناطق ما تزال عصية عليه وتحاول ايقاف تمدده. ودان الصمت الرسمي حيال الممارسات السورية في لبنان" وقال: ان مَن يسكت عن هذه التصرفات هو بمثابة المساهم فيها.

14 اذار

وقال احد اقطاب قوى 14 آذار لـ "الجمهورية" ليل امس، ان موقف السيد نصرالله انهى مفاعيل كل التعهدات الكبرى التي التزم بها سليمان وميقاتي وما تضمنه البيان الوزاري، بما يختص بالتزامات لبنان الدولية. وان الإقرار بعدم التمويل سينهي هذه التعهدات متى طرح الموضوع على جلسة مجلس الوزراء، قياسا على التوازنات العددية فيه.

اضاف: ان السيد نصرالله كان واضحا عندما اشار الى ان الأمر محسوم في مجلس الوزراء بالتصويت، وهو ما سيؤدي الى جرّ لبنان الى مواجهة غير محسوبة النتائج، إلا إذا كان السعي قائما الى "تحويل لبنان بؤرة في مواجهة المجتمع الدولي" وان هذا التوجه سيقودنا الى ذلك الموقع من دون اي تعب. واستغرب ألّا يتولى رئيس الحكومة أو أي من وزرائه الوسطيين الرد بشكل من الأشكال على ما سمعناه.

وختم بالقول: من دون ان نتذاكى على بعضنا البعض، المطلوب من رئيس الحكومة اعلان موقف نهائي من هذا الأمر، ومتى التزم بهذه التوجهات يكون دوره قد انتهى، وان عليه التزام مضمون البيان الوزاري والتزاماته التي تقاسمها ورئيس الجمهورية امام مجلس الأمن، وسأل: هل نسي اللبنانيون ان لبنان عضو في مجلس الأمن الدولي حتى نهاية العام الجاري؟

وعن حجم ردات الفعل لدى قوى 14 آذار تجاه مواقف نصرالله، قال القطب : ان الموضوع مطروح للبحث في كل وقت وعلى جدول اعمال كل لقاء، لكن الأمر يحتسب على اساس ردات الفعل في الشارع الذي يشهد المزيد من الإحتقان مع كل إطلالة من هذا العيار.

كتلة "المستقبل"

وطالبت كتلة "المستقبل" الحكومة اعلان الموقف من المحكمة الدولية من دون التباس، وليس الاكتفاء بإطلاق الوعود الفارغة. واستهجنت الكتلة موقف حزب الله من المحكمة، وقالت انه يدفع بلبنان لأن يصبح مشكوكا بصدقيته، وهذا الموقف يؤثر في علاقة لبنان مع الاخرين". 

السابق
في مكانه !!
التالي
اللواء: سليمان على رأس وفد جامع و14 آذار تلاقي الحريري بالرياض