الانباء: معادلة جنبلاطية إما التمويل أو الانسحاب من الأكثرية

عنوان رئيسي أعمدة عامود رئيسي أشارت الاطلالة الإعلامية للسيد حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله عبر قناة «المنار» والتي بثتها قناتا «العالم» و«الدنيا» الايرانيتان، وقناة «NBN» التابعة لحركة أمل، بالتزامن، الى شمولية وأساسية الأمور التي طرحها.

ولاحظت مصادر سياسية لـ «الأنباء» ان الوضع في لبنان جاء في الجزء الأخير منها، فظهر كممسك فعلي بتلابيب الحركة السياسية الداخلية، والمؤثر تاليا، في الأحداث الجارية في المنطقة، عشية الانسحاب الأميركي من العراق ومقتل العقيد معمر القذافي في ليبيا، وبعد صفقة تبادل الأسرى المشهودة بين حماس وإسرائيل.

وأضاء نصرالله على النقاط الأساسية في المشهدين الإقليمي والعربي، واستنتجت صحيفة «اللواء» القريبة من تيار المستقبل من كلام نصرالله، قطعه وعلى نحو يقيني لا يقبل التأويل او الاجتهاد بأن الحزب ليس مع تمويل المحكمة، وقد رسم آلية للخروج من المأزق متجاوزا الديموقراطية التوافقية بدعوته الرئيس ميشال سليمان الى الاحتكام للتصويت في مجلس الوزراء بعد مناقشات مستفيضة للأمور حول وجهات النظر المتناقضة حول تمويل المحكمة.

وتميزت لهجة السيد نصرالله بالهدوء وبالارتياح تجاه الرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي والنائب وليد جنبلاط الذين يمثلون «الفريق الآخر» ضمن الحكومة التي تسيطر أكثريته عليها، حيث أدرج مواقفهم المؤيدة لتمويل المحكمة الدولية، في خانة التعددية السياسية داخل الحكومة، مؤكدا على العلاقة الاستراتيجية مع حزب وليد جنبلاط.

وفي حين تجاهل نصرالله مشكلة محلية قائمة تتمثل بردود الفعل الأهلية في بعض المناطق المسيحية احتجاجا على مد شبكات هاتفية خاصة بالحزب، في بلدة «لاسا» اليوم وفي «ميروبا» لاحقا، فقد دافع عن الخروق السورية للحدود اللبنانية في الشرق والشمال، وآخرها الخرق الذي حصل قبل يومين في منطقة وادي خالد، معتبرا ان هذا يمكن ان يحصل بين دول صديقة.

مصادر حكومية نقلت عن الرئيس ميقاتي قوله ان الجميع يعرف ان مسألة الغاء المحكمة الدولية ليست بيد لبنان، وطالما ان هذه المحكمة ستستمر فإن مصلحة لبنان والمقاومة عدم مواجهة المجتمع الدولي، لأن فشل مشروع التمويل يعني ان لبنان والمقاومة والحكومة سيتضررون.

وكان السيد نصرالله أعلن عدم الممانعة في تأمين التمويل للمحكمة من اي جهة أخرى، لكنه اشترط لاعتماده من قبل الحكومة مروره بالتصويت في مجلس الوزراء، حيث الأكثرية له ولحلفائه، ما يعني سقوط الاقتراح حكما. وترد المصادر بأن لبنان الذي طلب مساعدة المجتمع الدولي للحفاظ على حدوده البحرية وثروته النفطية والغازية، لا يستطيع ان يدير ظهره لطلب هذا المجتمع من لبنان الإسهام في تمويل المحكمة العاملة من أجل الاستقرار فيه.

وواضح ان التصويت في مجلس الوزراء لا يحرج رئيس الجمهورية الذي يرأس المجلس ولا يصوت، بينما الاحراج يحاصر رئيس الحكومة، حيث عليه اتخاذ موقف صريح، وهذا ما يضيق هامش الخيارات امامه، وهو المتعهد للداخل والخارج باحترام قرارات الامم المتحدة، وعلى رأسها قرار تشكيل المحكمة وتمويلها، وتقول المصادر ان خنق لبنان اقتصاديا في حال الامتناع عن التمويل سيؤدي الى خنق سورية اقتصاديا ايضا، في وقت تتجه فيه القوى الضاغطة على النظام السوري الى تغليب العامل الاقتصادي على الاسلحة المستخدمة في مواجهته.

وكانت السفيرة الاميركية مورا كونيللي اعلنت عبر بيان في اعقاب زيارتها العماد عون ان الولايات المتحدة تتوقع تلبية لبنان جميع التزاماته الدولية بما فيها التزامه بتمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والتعاون معها.

واعرب البيان عن قلق الولايات المتحدة من ان فشل لبنان في الوفاء بالتزاماته تجاه المحكمة قد يؤدي الى عواقب جدية، اما العماد عون فقد تمسك برفض المحكمة واعتبارها غير موجودة.

زوار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي نقلوا عنه امس ان وصوله الى رئاسة الحكومة لم يقترن بتفاهم مسبق على رفض المحكمة الدولية، واكد تمسكه بوجهة نظره القائلة بمضي لبنان في تسديد حصته في موازنة المحكمة كجزء لا يتجزأ من التعاون معها ومع مجلس الامن.

ويبني ميقاتي مواقفه بحسب ما نقلت صحيفة «الاخبار» عن زواره وفق المعطيات التالية:

اولا: لا يسعه كرئيس للحكومة ان يكون عائقا امام تمويل المحكمة او متسترا على كل من يعطل عملها وتعاون لبنان معها.

ثانيا: ادرجت المحكمة تحت الفصل السابع بأوسع اجماع دولي، بمعنى ان لبنان لا يتعامل مع قرار دولي فحسب، بل مع اجماع دولي.

ثالثا: ان التمويل استحقاق حتمي على لبنان، علما انه تأشيرة دخول الى تعديل البروتوكول المعقود بينه وبين الامم المتحدة بشأن المحكمة، وهنا ينقل الزوار عن ميقاتي قوله: ليس في يدي القول ان بروتوكول التعاون قانوني او غير قانوني، دستوري او غير دستوري، فقد انشئت المحكمة بقرار من مجلس الامن وهو الذي يقرر ماذا يفعل.

من جهة أخرى، تعتقد مصادر سياسية مطلعة ان هامش الوقت امام الرئيس ميقاتي بدأ يضيق، خصوصا في ظل تصاعد الخلافات بين مكونات الاكثرية الحكومية التي باتت في حالة تعارض عميق بشأن اكثر من ملف خلافي، ولعل احاديث الطلاق التي تخرج شيئا فشيئا من الاحاديث الضيقة الى العلن، هي مؤشر على وصول هذا الائتلاف الى مفترق مصيري، واستحقاق تمويل المحكمة الدولية سيشكل لحظة الحقيقة.

واعتبرت المصادر ان التراشق الاخير بين وزراء الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر، يشكل حلقة اولى من مسلسل سقوط او ترنح التضامن الحكومي.

وقالت: ان «الهجمة العونية» المتصاعدة ضد رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط سببها ان فريق 8 آذار تبلغ معلومات دقيقة بأن جنبلاط جدي بتهديداته بالانسحاب من الائتلاف الاكثري للحكومة فيما لو سقط بند التمويل، وهذا الموقف الحاد لجنبلاط سببه ان رفض بند التمويل لم يعد مقتصرا على مواقف العماد عون، بل انتقل الى كلام مباشر اكده الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.

واشارت المصادر الى وجود بصمات لتوجهات اقليمية وايحاءات خارجية من اجل رفع منسوب «الهجمة» على جنبلاط بما يساهم في «فرملة» اندفاعاته لانجاز بند تمويل المحكمة والتضامن مع ثورات الربيع العربي.

وقالت: ان الجمعية العمومية للحزب التقدمي الاشتراكي نهاية هذا الشهر ستبلور الموقف الجنبلاطي النهائي حيال معادلة: اما التمويل او الخروج من الائتلاف الحكومي. 

السابق
هل يعجز العدوعن شنّ حرب قريباً؟
التالي
المضاربات العقارية قد تهجّر من تبقى من أهالي بنت جبيل ومرجعيون