ميرزا ينقض رواية ريفي

أربعون نائباً ووزيران اجتمعوا، أمس، في قاعة المكتبة العامة في المجلس النيابي للاستماع لإفادة مدعي عام التمييز سعيد ميرزا حول ملفات المخطوفين شبلي العيسمي، جوزف صادر والإخوة الجاسم.
وبعدما كانت لجنة حقوق الانسان النيابية تبحث بشق النفس عن النصاب لتجتمع سابقاً، تحولت إلى قبلة كل النواب المستنفرين من الاجتماع الأخير للجنة، والذي قدم خلاله المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي مداخلة مطولة، لم يخفت دويها خلال الاسبوعين الماضيين. حينها أعلن ريفي، بصفته الشخصية، كما قال، اتهامه للسفارة السورية في بيروت باختطاف العيسمي بعدما تبين أن عملية اختطافه تشبه عملية اختطاف الإخوة الجاسم، التي أشار إلى وجود تقرير شامل حولها لدى القضاء العسكري، يبين تورط مسؤول أمن السفارة السورية في بيروت.

كانت شهادة ميرزا أمس مفاجئة لـ14 آذار تماماً كما كانت لـ8 آذار. في قضية العيسمي نفى ما قاله ريفي، مؤكداً أن لا ملف لديه حول الموضوع. كما تبين أن إفادة الشاهد ع. ش. الذي قيل إنه أعلم ابنة العيسمي بأنه رأى أحد الخاطفين ويدعى وليد ش. من صور، قبل ان يتبين أن المذكور هو من سوق الغرب وفي العقد السابع من عمره، وهو ما أكد عليه النائب أكرم شهيب.
في ملف صادر أكد ميرزا وجود بعض المعلومات القديمة، كما تم التطرق إلى ما قالته عائلة صادر حول الاستغلال السياسي لخطفه.

بعدما تبين أن الملفين السابقين غير مكتملين، تركز النقاش السياسي حول موضوع الإخوة الجاسم. في هذا الملف، أبرز ميرزا وثائق تؤكد إسقاط الدعوى بعدما تنازل عنها الادعاء من قبل المحامي أحمد حمادة الموكل بموجب توكيل موقع من والد الإخوة الجاسم وزوجة أحدهم في 11 آذار 2011.
هنا احتد النقاش بين من اعتبر أن التنازل عن الحق الشخصي لا يلغي الحق العام وبين من أكد أن أساس الدعوى يسقط مع إسقاط الدعوى. أما مدعي عام التمييز فكان واضحاً في إشارته إلى أنه أوقف النظر في القضية، بما يتمتع به من سلطة استنسابية، لأن عنصر المواءمة غير موجود، بعدما تعذر الوصول إلى صاحبي الدعوى.

هنا انتفض نواب 14 آذار، وتحديداً النواب زياد القادري، عاطف مجدلاني، جورج عدوان، وبطرس حرب، مؤكدين أن المعطيات التي جمعتها قوى الأمن الداخلي، من حركة تتبع جغرافية إلى الاتصالات، إضافة إلى شهادة الشهود تؤكد أن الملف ليس فارغاً وكان يستوجب تحرك النيابة العامة، لا سيما بعد أن اتُّخذ إجراء مسلكي بحق مسؤول أمن السفارة السورية. كما استغربوا كيف يختفي 5 أشخاص من دون أن يتحرك القضاء أو وزارة العدل.
أمام تحول منحى الجلسة كلياً نحو التصويب على دمشق من خلال ملف الإخوة الجاسم، اشتد التوتر بين النواب، وفتحت معه كل الملفات من شهود الزور إلى الضباط الأربعة وشبكات تهريب السلاح، قبل أن يعلن النائب نواف الموسوي أن الرهانات والمس بسوريا لطالما كان موجوداً سابقاً إلا أن مأسسة العلاقات تفترض فتح الملفات في قنواتها المناسبة. كما سأل عن كيفية تسريب محضر التحقيق في القضية، ليشير إلى أنه تضمن الكثير من الكيدية والانتقام. وخلص الموسوي إلى أن النزاهة والخصومة بين ريفي وأحد الضباط الأربعة كانت تقتضي تنحــي الأول عن القضية. وقال إذا كان لدى البعض مزاعم أو ادعاءات فيفترض الاحتكام إلى معاهدة الاخــوة وليس فتح ملفات إعلامية. وعندما طالب حرب بمساءلة السفير السوري، قال الموسوي: من يريد أن يسائل السفارة السورية فعليه أيضاً أن يسائل الســفارة الفرنسيبة عن الموكب الأمني الذي خرج إلى البقاع لإنهاء مسألة الاستونيين.

واعتبر أن ريفي تحدث في الجلسة الماضية كمسؤول في فريق سياسي، مطالباً بمعرفة أسباب إثارته لموضوع آل الجاسم وقيامه بتحليل انتقائي، فيما كان يفترض به أن يمثل وزارة الداخلية.
وعند سؤاله، أكد الوزير مروان شربل الذي كان حاضراً إلى جانب وزير العــدل شكيب قرطباوي، رفضه الاعلان عن التدابير المسلكية، وهــو ما فسره نواب الأكــثرية بإقراره بخطأ ريفــي، وأرفقه بإقرار آخر عبر رفضه الاعلان عن التحقيق في تسريب المحضر.
هنا لم يرض أحمد فتفت باتهام ريفي، مؤكداً أنه أجرى تحقيقه وقدم محضره وفق معايير مهنية بوصفه مسؤول مؤسسة أمنية وبالتالي فالسؤال ملغى.
 
الموسوي رد على فتفت متوجهاً إلى رئيس اللجنة ميشال موسى: لا يحق لأحد أن يلغي سؤال نائب. ومن حيث لا يدري الموسوي بادره فتفت بعبارة «أنا لا ألغي بل أنت تلغي بسلاحك والقمصان السود».
عبارة فتفت كانت الشرارة التي فجرت برميل البارود في اللجنة التي وجدت نفسها فجأة تؤدي دوراً أكبر من حجمها، فتتحول إلى قبلة الاعلاميين الذين بدأت تصلهم أصداء المعركة المحتدمة في الداخل.
انتفض الموسوي قائلاً «أنتم وتآمركم وقلوبكم السوداء بالحقد لم تستطيعوا إلغاءنا في 2006 ولن تتمكنوا من إلغائنا». في هذه الأثناء صار النائب علي عمار جاهزاً لبدء المعركة. توجه إلى «الذي قدم الشاي في مرجعيون» قائلاً إنه «لا يحق له أن يتكلم بموضوع سلاح المقاومة». علا الصراخ. وكثرت الاتهامات: قتلة الاطفال والنساء، جماعة بولتون، زلمة فيلتمان. وبين «أنا بفرجيك وبدك تفرجيني»، توجه عمار لفتفت بالقول «قوم لبرا لفرجيك»، قبل أن يشارك الجميع بالمعركة الكلامية فتضيع البوصلة ويتداخل الصراخ بالسباب لدقائق، لم تنته إلا بانسحاب عمار من الجلسة.

وبعد خروجه، أصر فتفت على الرد، فقال «أهم شهادة حصلت عليها أيام كنت وزيراً للداخلية كانت من وفيق صفا الذي قال لي أنت أكثر وزير داخلية خدمت حزب الله»، قبل أن ترفع الجلسة، بتوصيات فضفاضة، أوحت بأن الهدف من الاجتماع كان أساساً سياسياً.
بعد الجلسة، انتقل الخلاف إلى المنبر. اول المغادرين كان النائب مروان حمادة، الذي قال «ان لجنة حقوق الانسان النيابية لن تتوصل الى شيء ولن تعلن شيئا ولن تتخذ أي إجراء». أضاف: «من يأكل العصي غير من يعدها، وجيد ان هناك محكمة دولية وجيد انه كان لدينا الوعي والتقييم الكافي منذ اربع سنوات لكي نحاصر المجرمين بهذه الطريقة».

أما موسى الذي تحدث متأخراً، فقال إن «اللجنة أوصت بمتابعة كل قضايا الخطف، أيا تكن، التي وقعت على الاراضي اللبنانية عن طريق القضاء اللبناني الذي عنده كل المعطيات، واذا قدمت له أي دعوى على القضاء ان يتابعها».
وقال عدوان: «نحن أمام خلل موجود برسم وزير العدل». أضاف: «ان الملف الذي درسته لجنة حقوق الانسان كان فيه شق قضائي وقد اعترف المدعي العام التمييزي سعيد ميرزا بأن هناك معطيات حول هذا الملف وهو موضوع في الادراج منذ 3/2/2011».

وسأل: «أيجوز ان يكون هناك معطيات بهذه الاهمية ونشرت على صفحات الجرائد وأثيرت عبر الاعلام المرئي، فهل هناك عاقل يفهم هذا اللغز؟
واعتبر النائب عمار حوري أن أحدا لم يتمكن من الوصول الى آل الجاسم، ومن أرسل المحامي لإسقاط حقهم اختفى هو بدوره. وطبعا الحق العام لا يسقط ولا ينتهي.
واعتبر النائب قاسم هاشم ان «الجلسة تحولت من مسارها الانساني الى السياسي بامتياز».

وقال فتفت: «ما حصل اليوم في جلسة لجنة حقوق الانسان أضعه بتصرف رئيس مجلس النواب لان الجلسة تحولت في آخرها الى حال من الهرج والمرج مع السباب والشتائم وتهديدات مباشرة لي شخصيا في مجلس النواب من قبل الزميل علي عمار، لدرجة انه طلب مني ان نلتقي في الشارع وهذه ممارسة لم نتعود عليها».
أضاف: «ما يهمني ان هذه الامور تتكرر باستمرار وهناك انطباع لدى البعض بأنه ممنوع علينا ان ندلي برأينا السياسي او نرد على كلام سياسي يدلى به في الجلسات، وعندما نرد عليه تتحول الامور الى شتائم وسباب وتهديدات مباشرة».
أما شهيب الذي تحدث بعد انسحابه من الجلسة، فقال: «ان قضية خطف العيسمي لا علاقة لها لا بـ8 ولا بـ14 آذار بل بالقضاء والمؤسسات والقوى الامنية وحفظ مؤسسات الدولة». 

السابق
فنعترف: ربيعياً..14 آذار على حق
التالي
هل اقتربت ساعة الحسم الأميركي؟