ملف ترشيش باغت ميقاتي ومؤشر إلى السلوك حيال المحكمة

في وقت تتصاعد فيه الشكوك والتساؤلات حول الاداء الحكومي في لبنان ومصير تماسك اطراف الاكثرية في ضوء التصدعات الواسعة التي اصابتها اخيراً، وجدت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي نفسها في مواجهة ملفين إضافيين مثيرين للحرج والإرباك الملف الاول، تمثل بالمواجهة بين اهالي بلدة ترشيش و«حزب الله» بسبب رفض الاهالي لمدّ الشبكة الهاتفية الخاصة بحزب الله في ارضهم، فيما يتمثل الثاني، بمشكلة تجميد ترقيات بعض الضباط وفي مقدمهم رئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي العقيد وسام الحسن.

والواضح ان اليومين الاخيرين كانا كفيلين بكشف مدى الإرباك الذي اصاب الحكومة من جراء هذين الملفين لاسيما منهما موضوع الشبكة الهاتفية لـ «حزب الله» الذي كادت الحكومة والأجهزة المعنية تكون غائبة تماماً عن مجرياته.
وتقول مصادر بارزة في قوى المعارضة لـ «الراي» ان مواجهة اهالي ترشيش للحزب وتمسكهم برفض السماح له بتمديد شبكته عبر أرضهم شكل مفاجأة مزدوجة للحكومة والحزب فكشف عجز الاولى وأربك الثاني وحشره في زاوية الصمت وعدم امتلاكه اي مبرر علني لما يقوم به.
وتضيف هذه المصادر ان هذه الخطوة ستضع الحكومة في الايام القليلة المقبلة امام واقع لا تحسد عليه ومن شأنه ان يضاعف عوامل التفكك والتباعد بين مكوناتها خصوصاً بين رئيسها نجيب ميقاتي و«حزب الله» باعتبار ان رئيس الحكومة لا يمكن ان ينظر الى هذا الامر الا من زاوية استفزازه وإظهار حكومته عاجزة عن اي اجراء يتعلق بالحزب.
وبحسب المصادر نفسها فإن المعارضة لن تألو جهداً في المسالك السياسية والنيابية عن إثارة هذا الملف ومتابعته لكن الأهم هو ان ما كشفته هذه المسألة يتعلق بمضي «حزب الله» في تنفيذ أجندته الامنية في معزل تماماً عن مشاركته في الحكومة ومن دون ان يأخذ اي اعتبار للأذى الهائل الذي يلحق بصورة الحكومة، وهذا الامر يرتب استحقاقاً حقيقياً على الحكومة ورئيسها خصوصاً انه ينذر بأن سلوك «حزب الله» بدأ يقدم أولوياته وشروطه وتوجهاته على أولويات الحكومة، وهذا يقود حكماً الى توقع مضي الحزب لاحقاً نحو فرض امر آخر خطير يتعلق بمنع تمويل المحكمة الدولية. وتتوقع المصادر تالياً ان يترك هذا الموضوع مضاعفات شديدة السلبية على الواقع الحكومة. 
أما ملف ترقيات الضباط وان كان يمس مباشرة رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي اوقف ترقية العقيد وسام الحسن، فإن الجانب المحرج فيه ايضاً يطول ميقاتي الذي حرص حتى الآن على تجنب اظهار حكومته في مظهر حكومة كيدية تقتص من خصومها ومعارضيها علماً ان للحسن خصوصية أمنية وسياسية تجعله الرقم الصعب الذي توجب حالته معالجة سريعة. وتقول اوساط مطلعة في هذا المجال لـ «الراي» ان الاسبوع الجديد سيشهد تسريعاً للاتصالات وإصداراً لتوضيحات من جانب وزير الداخلية مروان شربل، لأن هذا الملف بدأ يضغط بدوره على رئاسة الحكومة ولو ان مفتاحه في يد رئيس الجمهورية. وما لم يجر التوصل الى مخرج مقبول او توقيع مرسوم الترقية، فإن الاوساط نفسها تتوقع مزيداً من التصدعات الحكومية خصوصاً ان هناك ملفات امنية عدة تتزاحم استحقاقاتها امام الحكومة ما يسقط الذريعة الاجرائية لعدم ترقية الحسن ويكشف خلفيتها السياسية الصرفة، وهو ما لا يمكن رئيس الحكومة ان يصمت طويلاً عليه.
في موازاة ذلك، ومع اعلان تأجيل الزيارة الرسمية التي كانت مقررة اليوم لوزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي لبضعة ايام من دون معرفة الاسباب، لفتت امس ثلاثة تطورات:
الاول، دخول رئيس الهيئة التنفيذية لـ «القوات اللبنانية» سمير جعجع على خط ملف ترشيش، اذ أجرى اتصالاً برئيس الجمهورية لمتابعة ما يجري في هذه المنطقة، فأبلغ اليه سليمان أنه يُتابع هذا الموضوع بشكل متواصل ومستمر مع قائد الجيش جان قهوجي، مطمئناً اياه ألا تخوّف من حصول أي مضاعفات على الأرض.
والثاني الهجوم الذي شنّه الوزير السابق وئام وهاب (القريب من سورية) على ميقاتي معلناً «ان تمويل المحكمة الدولية لن يتم في مجلس الوزراء»، مضيفاً: «بين إسقاط الحكومة وتمويل محكمة تعتدي على الناس «عُمرا ما ترجع» الحكومة، وقادرون أن نجد رئيساً آخر للحكومة «طولو مترين»، وإذا كان رئيس الحكومة قد وعد أحداً بالخارج بأن يستقيل، فليفعل ذلك، وإذا كان يخشى على مصالحه بالخارج، فلديه أيضاً مصالح في الداخل يجب أن يخشى عليها».
كما هدد وهاب في سياق آخر بأن «سورية لن يتمكّنوا منها، والمعركة ستتجه إلى الخليج، لأننا سندمرهم قبل أن ينالوا من سورية، ولديّ معلومات أن أيّ اعتداء على سورية سيتبعه تدمير كثير من البلدان في المنطقة، من القواعد الأميركية في الخليج إلى تركيا إلى فلسطين، فكلّ محور المقاومة من طهران إلى فلسطين سيبدأ بضرب القواعد من أنجرليك بتركيا إلى آخر قاعدة، وذلك حفاظاً على نهج ليس على نظام».
أما التطور الثالث، فتمثل في تكرار رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط بلسان النائب اكرم شهيب «ضرورة تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لانها اداة عدالة مطلوبة لوقف مسلسل القتل التاريخي بلا حساب». 

السابق
سرقت حصاناً للاحتفال بعيد ميلادها
التالي
أحمد قبلان: الحكومة مطالبة بتحرك جدي لحل قضية الامام الصدر الانسانية والوطنية