“لقاء سيدة الجبل”: تلازم الربيعين

انعقد "لقاء سيدة الجبل" امس في فندق "ريجينسي بالاس" في ادما بمشاركة نحو 500 مدعو. وتميزت الوثيقة التي تلاها النائب السابق سمير فرنجيه بتبنيها الكامل لـ"ربيع العرب"، وتلازمه مع "الربيع اللبناني" من منطلق عرض لثلاثة عناوين "ما نريد التذكير به" و"ما نرفضه" و"ما نريده":
– اذ ذكرت "بدور الكنيسة في اطلاق ربيع لبنان الذي شكل الاشارة الاولى لربيع العرب"، رفضت "وضع المسيحيين في مواجهة ربيع العرب الذي يرتكز على قيمتي الحرية والعدالة".
– رفضت "ربط مصير المسيحيين بمصير انظمة القمع والاستبداد (…) فلا نقبل ان نكون مع الجلادين ضد الضحايا".
– شددت ايضا على رفض "كل المشاريع الهادفة الى ضرب الحضور المسيحي الاصيل في هذا الشرق وتحويل المسيحيين الى مجرد اقلية تبحث عن حماية لها".
– نادت "باطلاق دينامية مدنية في الوسط المسيحي قادرة على التواصل مع ديناميات مدنية اخرى شبيهة لها في الطوائف الاخرى من اجل اعادة الحياة الى ربيع لبنان".
– أوصت بتنظيم لقاءات حوارية في كل المناطق و"المساهمة في تنظيم لقاء وطني حول دور لبنان في الربيع العربي".
بدا لـ"السفير" ان الوثيقة المطروحة لا ترد على البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وحسب، بل لعلها وُضعت خصيصا للرد عليه والتنصل من هواجسه حيال ما يجري في العالم العربي، وصولا الى تأكيد التماهي مع الربيع العربي، بل الإيحاء بأن بداياته التأسيسية صنعت في لبنان، علما ان النص يحمل بالدرجة الاولى بصمات سمير فرنجية وفارس سعيد.
سجلت "السفير" غياب حزب الكتائب عن المناسبة، بعد التمايزات التي ظهرت في قراءته للثورات العربية، من دون تجاهل أثر الخلاف القائم بين الحزب ومسؤول الامانة العامة لـ14 آذار الدكتور فارس سعيد الذي أدى دورا رئيسيا في الاعداد للقاء.
قالت "السفير": إذا كان غياب العباءة السياسية المباشرة، يشكل بالنسبة الى المنظمين عنصر قوة، إلا انه يعكس أيضا نقطة ضعف اساسية تتمثل في كون الذين اجتمعوا أمس ينتمون، في معظمهم، الى مدارس التنظير الفكري، وبالتالي يفتقرون الى النفوذ والفعالية على الأرض، علما ان بعض الاطراف السياسية اختارت ان تنشط في كواليس اللقاء، إذ أكد أحد المشاركين ان تنسيقا حصل مع رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري، لإنجاز التحضيرات وجدول الأعمال، من دون أن يعني ذلك أن "القوات" نفضت يديها من هذا التحرك، وإن فضّلت البقاء بعيدة عن الأضواء، نظراً لما قد تتركه الوثيقة الختامية من ندوب على جسد العلاقة بينها وبين البطريركية المارونية.
كتب نصير الأسعد في "الجمهورية": مؤتمر مسيحيّ… يتحدّث لبنانيّاً وعربيّاً:
يكتسبُ المؤتمر المسيحيّ الذي انعقد أمس بدعوة من "لقاء سيّدة الجبل" عوامل قوّته من زوايا عدّة.. العاملُ الأوّل في قوّة هذا المؤتمر – أي في أهمّيته وتأثيره – هو أنّه ينطلقُ من ثوابت الكنيسة المارونيّة، فيعيد التذكير بهذه الثوابت ويعيدُ الاعتبار لـ"راهنيّتها"، أي أنّه يتسلّح بالكنيسة على عناوين طارئة على الكنيسة، في مرحلة مفصليّة من تاريخ مسيحيّي لبنان والمشرق.. أمّا العامل الثاني في قوّة المؤتمر، فهو أنّه إذ ينعقدُ مسيحيّاً، إنّما يتحدّث لبنانيّاً وعربيّاً. فالموقع هنا بالغ الأهمّية.. العامل الثالث في قوّة المؤتمر، هو أنّه ليسَ مؤتمراً حزبيّاً، وهو ليس حتّى مؤتمراً تنظّمه 14 آذار. إنّه مؤتمرٌ من ضمن ما يسمّى "المجتمع المدنيّ".. مؤتمر يتسلّح بثوابت الكنيسة ويجدّد راهنيّتها، ومؤتمرٌ يرتكزُ إلى الشراكة الوطنيّة، ومؤتمرٌ لـ"الرأي العام"، هو بلا شكّ مؤتمر استثنائيّ. بل يجب القول إنّه لا بدّ أن يكون مقدّمة لمؤتمر لبنانيّ عام يقول القول نفسه وينفخ الروح في الربيع اللبناني.
في سياق متصل، كتب وسام سعادة في "المستقبل": حذار من تضييع السياقات الكيانية عند طرح قضايا مسيحيي الشرق:
جميلٌ أن يجري التفكير في المسألة المسيحية الشرقية في بعدها الإقليميّ الحضاريّ الشامل، لكن بشرط عدم تضييع السياقات المختلفة التي طرحت فيها المسألة القبطية في مصر، والمسألة المارونية في لبنان، ومسألة مسيحيي سوريا والعراق. وفي حال لبنان بالتحديد، ينبغي المحاذرة بشكل رئيسيّ من أن يجري تمييع التفكير في المسألة المارونيّة بحجّة توسيع مدى التفكير إلى عموم المسيحيين في عموم المنطقة.. في سوريا لم تطوّر الكيانية الوطنية، إذ آثر الكيان تقديم نفسه كـ"كيان ناقص" يحتاج إلى الإلتحاق حيناً والإلحاق حيناً آخر.. لم ينظر يوماً إلى الهوية الكيانية كهوية ثنائية إسلامية مسيحية. هذا وقد بقيت المؤسسات الدينية المسيحية كما أجهزة الدولة الأمنية في سوريا والعراق بعد الإستقلال تعيد إنتاج ذكرى الصدمتين المزمنتين للمسيحيين في البلدين: ذكرى مجازر 1860 في دمشق، وذكرى مذبحة سميل في آب 1933 في العراق. إنّه الجوهر الحقيقيّ والعمليّ لـ"العلمانية البعثية.

السابق
الكلام عن طابع قانوني وإداري في الترقيات تغطية للصراع السياسي
التالي
عقدة العقيد الحسن تستمر بتأخير الترقيات