رحيل أنيس منصور…عن 87 عاما

غيب الموت صباح أمس الكاتب المصري الكبير أنيس منصور عن 87 عاما، بعد حياة حافلة أثرى خلالها الساحة الأدبية والفكرية بعشرات الكتب، وذلك بعد إصابته بالتهاب رئوي وآلام في الظهر دخل على اثرهما غرفة العناية المركزة في مستشفى الصفا في حي المهندسين، وقضى فيه أياماً عدة إلى ان فارق الحياة، وستقام جنازته اليوم في مسجد عمر مكرم بالقرب من وسط القاهرة.

ولد صاحب الذين «هبطوا من السماء» في 18 أغسطس 1924، وحفظ القرآن الكريم في سن صغيرة في كُتّاب القرية، والتحق بقسم الفلسفة في كلية الآداب جامعة القاهرة، وحصل على الليسانس 1947، وعمل أستاذا في القسم ذاته، لكن في جامعة عين شمس، وظل لفترة لا هم له إلا شراء الكتب و دراسة الفلسفة حتى وقعت له نقطة تحول مهمة، هي حضوره لصالون عباس محمود العقاد، والذي كان بالنسبة له بمثابة بوابة على عالم آخر لم يعهده من قبل، وقد سجل كل ذلك في كتاب «في صالون العقاد كانت لنا أيام» وقدم فيه مشاكل جيله وعذاباته وقلقه وخوفه وآراءه فى مواجهة جيل العمالقه من أمثال «طه حسين»، «العقاد»، «توفيق الحكيم»، «سلامة موسى» وغيرهم الكثير من أعلام الفكر والثقافة في مصر في ذلك الوقت.
وقد تساءل أنيس منصور في مقدمة كتابه الذي صدرت طبعته الأولى عام 1983 وأهداه إلى زوجته، ما الذي أعجبني في العقاد، ويقول: الصفاء العقلي، والشموخ الهندسي في مقالاته، ثم يتساءل مره أخرى، هل كان العقاد ساحرا، يجيب: رأيته كذلك، فهو يخرج بالمعاني من المعاني، ويكشف أنيس منصور عن مدى تأثره بالعقاد والذي ظهر في كتابته بعد ذلك قائلا: لقد كانت لي أفكار صغيرة غامضة وكأن العقاد هو المصباح الذي هداني.
تفرغ أنيس منصور للكتابة والعمل الصحافي في مؤسسة أخبار اليوم والإبداع الأدبي في شتى صوره بعد أن ترك الجامعة، وعمل رئيسا لتحرير العديد من الصحف والمجلات منها : الجيل، هي، آخر ساعة، العروة الوثقى، مايو، الكاتب، وأسس مجلة «أكتوبر» 1976، وقد حافظ الراحل على كتابة مقال يومي تميز ببساطة أسلوبه، استطاع من خلاله أن يصل بأعمق الأفكار وأكثرها تعقيدًا إلى البسطاء.

وكان للمرأة في كتابات أنيس منصور حظ وافر، حتى إن مقولاته التي قالها عنها سواء في مقاله اليومي أو كتبه قد تحولت إلى أقوال مأثورة يتداولها الناس لما تحمله من دلالة وسخرية مثل: احتقار المرأة هو المصدر الأساسي لكل الفساد في المجتمع، إذا قالت لك أحبك: صدقها، إذا قالت: وأكثر من نفسي: لا تصدقها، إذا أعطيتها كل ما تملك إلا مليماً واحداً، فسوف تشك فيك، المرأة ذاكرتها قوية جدا لدرجة أنها: تحكي لك ما حدث وما لم يحدث.
تعلم أنيس منصور لغات عدة منها: الإنكليزية والألمانية والإيطالية، وهو ما مكنه من الاطلاع على ثقافات عديدة، ترجم عنها عددًا كبيرًا من الكتب الفكرية والمسرحيات، كما سافر إلى العديد من بلدان العالم، ألف العديد من كتب الرحلات ما جعله أحد رواد هذا الأدب منها: حول العالم في 200 يوم، بلاد الله لخلق الله، اليمن ذلك المجهول، أنت في اليابان وبلاد أخرى، أعجب الرحلات في التاريخ.
حصل الراحل على العديد من الجوائز منها : جائزة الدولة التشجيعية في الآداب من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، عام 1963، جائزة الدولة التقديرية في الآداب من المجلس الأعلى للثقافة عام 1981، جائزة الإبداع الفكرى لدول العالم الثالث، عام 1981.  

السابق
جعجع: المعارضة تسير في اتجاه تحقيق أهدافها ولحزب الله مشروع سياسي وخطط لوضع يده على الاجهزة الامنية
التالي
قمر صناعي يصطدم بالأرض اليوم أو غداً!