حلفاء دمشق يخرجون من حالة التجاهل

لاحظ مراقبون ديبلوماسيون ان تطورا طرأ على مواقف بعض السياسيين المؤيدين للنظام السوري. وهذا التطور يتمثل في اقرار هؤلاء بان هناك ازمة في سوريا على غير ما كان يختصر هؤلاء ما يحصل هناك بنظرية وجود تنظيمات او مجموعات ارهابية. ويرى هؤلاء المراقبون ان هذا الاقرار كان موجودا ضمنيا على نحو مسبق منذ بعض الوقت من خلال حديث هذه الشخصيات عن عمليات تهريب اسلحة الى سوريا عبر الحدود مع لبنان. الامر الذي يفيد بوجود خلل كبير نظرا الى الطابع الامني للنظام السوري الذي يعرف عنه بانه يحصي على الناس انفاسهم مما يعني ان تهريب اسلحة الى سوريا هو اقرار بزعزعة الاسس التي يقوم عليها النظام. وتاليا فان اشاعة هذه الفكرة عززت الانطباعات بان المتغيرات باتت كبيرة اكثر بكثير مما تحظى به نظرية تهريب السلاح على نطاق واسع.

وبحسب هؤلاء فانه قد بات صعبا على مؤيدي النظام عدم الاقرار بذلك في ضوء عاملين قويين : احدهما هو دخول الانتفاضة او الازمة في سوريا شهرها الثامن. والآخر هو دوران الاحداث في سوريا وتفاعلها على نحو يظهر عدم قدرة النظام على حسمها في المدن التي اقتحمها الجيش السوري. اذ لا يلبث هذا الجيش ان يعود لكي يطفئ الانتفاضة المتجددة في هذه المدن على نحو يظهر ان ما يحصل هو اعمق مما يعلن عنه النظام في هذا الصدد.
هذا لا يعني، وفق ما يقول هؤلاء، ان هناك اوهاما لدى احد في الغرب او على المستوى الاقليمي بان الانشقاقات الحاصلة في الجيش السوري كافية حتى الآن لتحدث تغييرا او لتدفع النظام من اجل احداث هذا التغيير. اذ ان هذه الانشقاقات مهمة لكنها ليست حاسمة من اجل التعويل عليها حتى الان. وهو امر تعيه كل الدوائر الديبلوماسية المتابعة في العواصم الكبرى على رغم اعتبارها ان المنطق التبريري لما يجري وهو ان سوريا مستهدفة كونها في خط الممانعة ضد الاستعمار وما شابه ذلك لم يعد يجد صدى كبيرا باعتبار ان سوريا اعتمدت هذا النهج السياسي تاريخيا وعلى مدى اربعين عاما من عمر هذا النظام من دون ان يتم استهدافها على النحو الذي يحصل حاليا، مما يسقط، وفق ما يقول هؤلاء، نظرية الاستهداف او يضعفها. الا ان هناك امرين يستدعيان الاهتمام وفق ما يقول هؤلاء:
 
الاول هو انتظار ما سيكون عليه الرد السوري على المبادرة العربية في ظل تعويل اصدقاء للنظام على ان يستجيب لها. اذ ان هذه المبادرة تحرج روسيا في الدرجة الاولى باعتبار ان مبادرة معقولة تم التقدم بها لا تزال تعطي فرصة للنظام كما فعلت روسيا وتنادي بالحوار بينه وبين المعارضة. لكن هذه المبادرة هي من جانب العرب مما يفترض ان يدحض ان سوريا ترفض التجاوب مع مساعي دولية او ما يمكن ان يساهم في تدويل الازمة والمبادرة تجعل الامور في يد العرب بحيث ان تعريب الازمة يظل اسهل بكثير من تدويلها، على رغم ما يثقل على النظام السوري في هذا الاطار اي ان يكون موضوع سوريا على طاولة البحث امام الدول العربية في حين ان سوريا كانت لاشهر خلت حجر الزاوية في القرارات العربية ان لم يكن اكثر من ذلك حين كانت القاطرة لقرارات اساسية. لكن الواقع تبدل ايا يكن واقع مَن مع النظام او مَن ضده وهناك صعوبة لديه في القبول بوساطة الدول العربية، لكن عدم التجاوب سيؤدي الى حشر روسيا التي رفض النظام المبادرة التي تقدمت بها من اجل الجمع بينه وبين المعارضة خصوصا. وبحسب المراقبين انفسهم، فان انتعاش النظام على وقع الفيتو الروسي والصيني في مجلس الامن على قرار اوروبي يدين ما يقوم به النظام ضد المعارضين السوريين سرعان ما خففته روسيا والصين كل بدورها من خلال مواقف تحذيرية تحض النظام على تطبيق الاصلاحات والاسراع في القيام بذلك تحت وطأة المطالبة برحيله. وبحسب المراقبين، فان روسيا لعبت دورا لجهة قبول النظام السوري بالمبادرة العربية على رغم الحملة الاعلامية من الاعلام السوري على جامعة الدول العربية، وذلك من اجل كسب الوقت في الدرجة الأولى ومن ثم قبول دمشق استقبال لجنة الجامعة العربية الاربعاء المقبل ولئلا يؤدي رفض المبادرة الى وضع العرب في موقع من هو مستعد للقبول بخطوات رفضتها معظم هذه الدول حتى الآن.

الامر الآخر هو ان اقرار حلفاء النظام السوري في لبنان بوجود ازمة يظهر واقع عدم تجاهلهم السيناريوات المحتملة في ضوء التطورات السورية. ويلفت المراقبون في هذا الاطار الى ان "حزب الله" الذي يستند بقوة الى تحالفه مع النظام ويدعم بقاءه لم يخرج بكلام علني عن الوضع السوري منذ المواقف الايرانية الرسمية التي تحدثت عن وجوب وقف القمع في سوريا والحوار مع المعارضة من اجل ايجاد حلول. ومع ان هذا لا يعني رهانا على التغيير المحتمل في سوريا في ظل استمرار دعم ايران النظام على اكثر من صعيد، لكن ذلك لا يمنع ايضا وعي الحزب مآل الامور في ضوء دخول الازمة شهرها الثامن واستمرار عمليات الكر والفر بين النظام ومعارضيه بصرف النظر عما يمكن ان يعده لمواجهة هذه الاحتمالات. والمتصلون به يقولون انه قلق جدا من الوضع السوري لكنه غير متجاهل مآل الامور والاحتمالات كافة.  

السابق
بطء الانترنت !!
التالي
مقتل القذافي يُسقِط ملاحقته لبنانياً