جعجع: المعارضة تسير في اتجاه تحقيق أهدافها ولحزب الله مشروع سياسي وخطط لوضع يده على الاجهزة الامنية

رأى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ان "المعارضة اللبنانية تسير باتجاه تحقيق أهدافها"، وقال: "لست أدري لماذا يعتقد البعض ان المعارضة تعني احتلال وسط المدينة واقفال الشوارع والطرقات وحرق اطارات السيارات، فهذه نظرة معتورة للمعارضة لأن المعارضة الحقيقية هي ما نقوم به في هذه المرحلة، فنحن نلاحق أعمال الحكومة يوما بيوم، ونطلق المواقف تباعا في خصوص كل ما يطرح على المستوى الحكومي ومستوى الشأن العام في لبنان".

ولفت الى ان "المعارضة قامت بخطوات مهمة لمعالجة مسألة خطف معارضين سوريين في لبنان اذ دعونا إلى اجتماع للجنة حقوق الانسان في المجلس النيابي، حضرها كل نوابنا وحضرها نواب من الطرف الآخر، وطلبنا حضور مسؤولين امنيين لبنانيين ليفيدونا بمعطياتهم في هذا الشأن، فتجاوبوا معنا وقدموا ما لديهم من معلومات، ونتيجة لهذا الاجتماع فإن هذه القضية تحولت الى سؤال، قدمته كتلة القوات اللبنانية للحكومة، وسوف نتابع هذه القضية حتى النهاية وطبعا معنا كل حلفائنا في قوى 14 آذار".

وذكر جعجع خلال مقابلة مع صحيفة "الاتحاد" – أبو ظبي أن "المعارضة كان لها دور بناء في ملف الكهرباء مما أدى الى تصويب المشروع وإدخال إصلاحات واسعة جدا عليه، فهناك فرق كبير بين مشروع الكهرباء الذي قدم الى المجلس النيابي والمشروع الذي تم اقراره".

وقال: "هناك أكثر من سؤال موجه من المعارضة إلى وزير الخارجية عدنان منصور في ما يتعلق ببعض المواقف المتخذة. كما اننا نريد تحويل موقفه في الجامعة العربية ايضا الى سؤال للحكومة، فكيف يقوم وزير الخارجية باتخاذ هكذا موقف بالوقت الذي اعتاد لبنان اتخاذ موقفه التاريخي والتقليدي، انطلاقا من تنوع شعبه، وانطلاقا من سياسته الدائمة الى جانب الاكثرية العربية؟"

وإذ لفت الى ان "ملف المحكمة الدولية واستطرادا ملف تمويلها ما كانا ليأخذا هذه الأبعاد داخل الحكومة لولا الارادة الصلبة والمتابعة التفصيلية اليومية لفريق 14 آذار"، رأى ان "الحكومة الحالية لن تتخد قرارا بدفع حصة لبنان بتمويل المحكمة الدولية، وبالتالي سوف تضع نفسها بالدرجة الاولى واستطرادا لبنان والشعب اللبناني في مآزق لا عد لها ولا حصر، وفي حال أصر "حزب الله" على موقفه الرافض دفع حصة لبنان في تمويل المحكمة، من الممكن ان نشهد متغيرات في المشهد الداخلي".

فتنة مذهبية

وعن امكانية اشتعال فتنة مذهبية في لبنان قال: "ان الازمة اللبنانية أخذت منذ البداية طابعا سياسيا بمعنى ان قسما من المسلمين مع قسم من المسيحيين تبنوا طرحا معينا، وقسما من المسلمين مع قسم من المسيحيين تبنوا طرحا آخر. وأمام هذا الجو المرتبك بين السنة والشيعة على مستوى المنطقه ككل، وهو أمر مؤسف جدا لكنه واقع نعيشه في الوقت الحاضر، علينا ان نمنع هذا الجو من التأثير على المواضيع السياسية المطروحة التي هي في الاساس ليست مواضيع سياسية شيعية ولا مواضيع سياسية سنية بل مواضيع عامة ومطروحة من كل الفرقاء، وكل فريق يتخذ الموقف الذي يناسبه".

"حزب الله"

وعن علاقته ب "حزب الله"، أجاب جعجع: "هم غير مستعدين للقيام بأي حوار مع احد اذا لم يكونوا متيقنين منذ البداية انهم سوف يضمونك إلى مشروعهم، انهم مستعدون ان يعطوك الذي تريده مقابل القبول بمشروعهم، اما ان يقوموا بحوار مع طرف آخر من الند الى الند ويجتازوا نصف الطريق والطرف الآخر يجتاز نصف الطريق. هذا من المستحيل، بمعنى آخر يقومون بالحوار لكي يقطع الطرف الآخر كل الطريق، وعندها يعطونه ثمن كل الطريق التي قطعها، اشياء معينة في السلطة هنا وهناك او مكاسب معينة بشكل او بآخر. انا حاولت كثيرا التحاور معهم لكنهم لم يحاولوا مرة ان يتجاوبوا وهذا ليس لانهم لا يرغبون بل لأن شروطهم تقتضي ان يقوم الطرف المقابل لهم بقطع كل الطريق باتجاههم ليس نصف الطريق وهم يعرفونني جيدا، من المستحيل ان امشي كل الطريق باتجاههم".

ولفت الى ان "مشروع "حزب الله" هو مشروع كبير جدا واكبر من لبنان، حتى اكبر من العالمين العربي والاسلامي، فمشروع "حزب الله" هو مشروع كوني ولكن طبعا انطلاقا من العالم الاسلامي، فمن هنا نسأل: "هل مشروع الحزب هو مشروع سيطرة فقط؟ طبعا لا، هو ايضا مشروع توسعي، فاذا كان مشروعهم الكون كله عندئذ يصبح لبنان تحصيلا حاصلا".

الحوار

واذ جدد وصف طاولة الحوار الوطني ب "الفولكلور"، اعتبر ان "جلسات السنوات الاخيرة على طاولة الحوار كانت مليئة بالعناء، فقد كانت جلسات وجع أكثر ألما من جلسات طبيب الاسنان".

وردا على سؤال، قال: "علينا ان نبقي الباب مفتوحا كل الوقت ل"حزب الله"، لأنه سيأتي الوقت الذي يدرك فيه حاجته إلى حوار جدي، وهذا ما احاول ان اقوم به في كل المناسبات، على الرغم من ردات فعلهم. وانا اؤكد لهم ان ابوابنا مفتوحة من اجل الجلوس معا بشكل جدي وليس لتمرير الوقت مثل ما كانوا يتصرفون في جلسات الحوار الوطني، ولا من اجل ان يحاولوا مرة اخرى اخذنا الى حيث يريدون لقاء حفنة من المكاسب والمراكز النيابية والوزارية. ليس لدى الآخرين ضمن فريق 8 آذار اي مشروع سياسي بل فقط مشاريع سلطة. اما "حزب الله" فلديه مشروع سياسي ويتصرف من هذا المنطلق، وفي الآونة الاخيرة وصل به الامر الى حد التخلي عن مقعد وزاري وضرب صيغة "الميثاق الوطني" من اجل ان يشكل حكومة له اليد الطولى بقراراتها، وهذا دليل فعلي على ما يمكن ان يقوم به وما يمكن ان يقدمه من اجل تحقيق مشروعه السياسي".

وتابع: "في صلب خطة "حزب الله" ان يضع يده على الاجهزة الامنية في البلد، ومن هنا استهدافه المستمر لقوى الامن الداخلي، لانها المؤسسة الوحيدة التي لم يستطع فرض سيطرته عليها بعد، وليس لأن اللواء اشرف ريفي ضابط غير ناجح، بل هو من انجح الضباط في الدولة والجميع يعرف ذلك، وليس بسبب وجود فساد في قوى الامن الداخلي، لان الجميع يعلم ان الفساد مستشر في اماكن اخرى، ولكن السبب الحقيقي ان اشرف ريفي ومجلس قيادة قوى الامن الداخلي في الوقت الحاضر لا يقبلون بالخضوع ل"حزب الله". ومن جهة اخرى، فان ديموقراطية النظام اللبناني تقف في وجه كل هذه المحاولات وتمنعها من تحقيق اهدافها، وامام اول اي انتخابات وبرلمان جديد وحكومة جديدة يصبح كل شيء قابلا للتغيير".

الربيع العربي

وعن "الربيع العربي"، قال جعجع: "على المستوى الفكري السياسي والفلسفة السياسية اؤمن ان التاريخ لديه اتجاه وانه ليس مجموعة تحركات على غير هدى، فمنذ بداية الانسانية حتى الآن ان مسيرة التاريخ تسير بهذا الاتجاه وليس بعكسه، فهذه الاحداث ليست احداثا فوضوية كما يحاول البعض تصويرها. فحدث بحجم الربيع العربي هو باتجاه التاريخ تماما وبالتالي لا استطيع ان اسمح لنفسي ان أكون ضد اي شيء باتجاه التاريخ، ولا استطيع تبني اي شيء يسير بعكس اتجاه التاريخ، لأن الانظمة غير الديموقراطية هي بعكس التاريخ. فالتاريخ يتجه نحو مزيد ومزيد من الحرية والديموقراطية. هذه لغة التاريخ واتجاهاته، وبالتالي من المفترض ان اكون منسجما مع نفسي، فهذا الربيع العربي هو ما نؤمن به على المستوى التاريخي".

وعن مقولة خوف الاقليات من "الربيع العربي" وتفسيره لما حصل في ماسبيرو في القاهرة، اعتبر جعجع ان "هذه نظرة تقزيم للامور، وما حصل في ماسبيرو يحصل منذ 100 عام في مصر، فهذه ليست اول مرة تحصل فيها هكذا احداث، وهي لم تحصل هذه المرة بسبب الثورة في مصر، انما الفرق الوحيد والكبير ان ما حدث هو ان مواطنين كانوا يتظاهرون كأقباط وحاملين صلبان وهذا الشيء لم نكن نراه من قبل. فإن ما حدث في ماسبيرو بعد الثورة كان يحدث سابقا ولكن لم يكن يجرؤ أحد ان يتحدث عنه ولكن هذه المرة ما زال الراي العام المصري مشغولا بحادثة ماسبيرو حتى الآن. وفي الوقت نفسه، اضطرت الحكومة للاجتماع واتخذت 3 قرارات مهمة جدا، وانا اعتقد أن السلطة الحاكمة في مصر كلها على المحك في ما يتعلق بجدية تنفيذ هذه القرارات او عدم تنفيدها، بمعنى آخر ان انظار العالم تتجه تحديدا نحو نتائج التحقيقات بأحداث ماسبيرو، وكل العالم بانتظار ان يتقونن وضع دور العبادة الذي أنشئ في ظروف نعرفها، وكل العالم بانتظار قانون جديد لدور العبادة يسمح لكل المواطنين المصريين بمجرد أن يكونوا مواطنين ان يبنوا دور عبادة لهم بشكل عادل ومتساو".

لقاء سيدة الجبل

وعن طبيعة علاقته ب"لقاء سيدة الجبل"، أوضح ان "فكرة لقاء سيدة الجبل ليست لي، فوراء هذا العمل مجموعة فكرية سياسية يغلب عليها الطابع الفكري والطابع الاجتماعي اكثر من السياسي وهي موجودة من عام 2000 تقريبا. وهذا اللقاء هو الثامن لمجموعة سيدة الجبل، فلقد قرروا أن يقوموا بهذا اللقاء وكان من المفترض ان يكون في حزيران الماضي ولكن انطلاقا من بعض الاسباب الشخصية التي لها علاقة ببعض الاشخاص المعنيين ولأسباب لوجستية أيضا تأجل اللقاء ثلاثة أشهر والآن أصبح جاهزا. ان لقاء سيدة الجبل هو الاطار الحقيقي الذي وضع أصلا من اجل القيام بما يسموه reflections وهو النظر بعمق إلى الربيع العربي، على أن يتم تحديد نظرة المفكرين المسيحيين إليه وتحديد موقف مسيحي لبناني منه".

وعما اذا كان خائفا على المسيحيين من "الربيع العربي"، أجاب: "لا، انا خائف على المسيحيين من بعض المسيحيين الآخرين. نحن موجودون في محيط صعب ولكن علينا ان نعمل لكي نستطيع الوصول إلى تحقيق اهدافنا. فعلى سبيل المثال البعض يحاول ان يرى الصورة مجتزأة ويشير الى العراق وما حل بمسيحيي العراق. الكلام صحيح، ولكن ليسألوا ما حدث لشيعة العراق ولسنة العراق ايضا؟ فلو اخذنا بشكل نسبي ارقام المسيحيين الذين استشهدوا في العراق وقارناها بارقام السنة او الشيعة او العراقيين بشكل عام الذين استشهدوا، نجد ان نسبة الضحايا المسيحيين اقل بكثير جدا من غيرها من النسب، وبالتالي يجب ان نرى الصورة كاملة، فهل هناك احد مرتاح في العراق؟ وطبعا نحن أبناء هذه المنطقة، وما سوف يصيبها سوف يصيبنا. علينا ان نعرف كيفية الدفاع عن انفسنا وان نقوم بدورنا ونكون طليعيين".

وعن زيارته الرئيس الفلسطيني محمود عباس اثناء وجوده في بيروت، قال: "بعض الاشخاص عندما تلتقي بهم للمرة الاولى تشعر بانك تعرفهم مند 200 سنة، واول مرة التقيت بها الرئيس محمود عباس كانت في مناسبة عشاء اقامه على شرفه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في السرايا الحكومية لمناسبة زيارته لبنان، عند الوصول والمصافحة أخذت السلامات طابعا اكثر من ودي وكأنه صديق تعرفه منذ سنوات وتريد الاطمئنان إلى حاله. ومنذ ذلك الوقت، استمرت العلاقة بهذا الطابع. من وقت لآخر ولو لفترات متباعدة نتهاتف عند الضرورة، وفي كل زياراته الى لبنان اذهب لرؤيته، واللقاء الاخير كان جيدا جدا، ولكن للاسف بسبب بعض التأخير على الطريق لم نستطع قضاء الوقت الكامل الذي كان من المفترض أن نمضيه معا، ولكن الوقت القصير كان كافيا لتبادل الود من جهة ومناقشة بعض المعطيات السياسية من جهة أخرى".

وعن مصير قانون الاوضاع الانسانية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، أكد ان "المشروع ماض وسوف يقر قريبا لأنه انجز، والخلافات التي شابته كانت على مسألة تملكهم في لبنان ولكن عندما يكون هناك هدف مشترك وكبير فإن ما تبقى يصبح تفصيلا. وهذه ميزة من طبيعة علاقتنا وشراكتنا السياسية مع تيار المستقبل".

سوريا

وردا على سؤال، رأى ان "الامور في سوريا تتجه نحو نظام ديموقراطي، فموقف الجامعة العربية موقف مشجع لكنه ليس الرهان الاخير، وما يلفت نظري اكثر هو الموقف الروسي المؤيد لموقف الجامعة العربية وهو موقف جدي، لانه مرتبط بمهلة زمنية، وكل شيء مرتبط بمهلة زمنية هو جدي حتى وان تم تمديد مهلة زمنية جديدة للنظام. اشعر ان الروسيين بدأوا يتعبون من الوضع السوري، وفي التصريحات الاخيرة للقيادة الروسية اتضح انهم غير مؤيدين للنظام. لو ان الحكومة اللبنانية متماسكة وجدية لكانت تداعيات الوضع السوري على لبنان اقل بكثير، وفي حال فرضت عقوبات على سوريا يجب على لبنان الا يرفض بحيث انها تكون قد مرت بمجلس الامن وبالتالي وافقت عليها المجموعة العربية، فلبنان لا يستطيع ان يكون حالة شاذة في العالم اذ ان قرارات الامم المتحدة مأخوذة بإجماع عربي ودولي، ويجب ألا نبقى تحت وطأة الارهاب لان لبنان دولة سيدة ومستقلة".

وتابع: "ان ايام الارهاب انتهت، ولا اتصور انه سيتم التمادي بالارهاب الداخلي وان حدث ذلك فموقفنا واضح وثابت، والمؤسسات العسكرية والامنية الموجودة لن تسمح لنفسها بالبقاء مكتوفة الايدي تجاه أعمال ارهابية يقوم بها نظام متهاو، وهذا لا يمنع تنفيذ بعض عمليات الاغتيال او عمليات محدودة في بعض الاماكن ولكن لا يمكن ان تسمح بتفجير الوضع عن بكرة ابيه. النظام السوري لا يقوم الا باعمال هادفة ومن المستبعد ان يقوم بفتح جبهة مع اسرائيل. في اللحظة التي يحاول فيها النظام السوري في اطار المواجهة المفتوحة ان يقوم بعمل ما خارج حدوده، فسوف يترتب عليه دفع ثمن باهظ لأن المسألة لم تعد تحتمل هكذا مغامرة، كما ان اشعال المنطقة كلها لم يعد مسموحا لأن الرد سيكون قاسيا وعندئذ يكون قد اتخذ النظام السوري قرار سقوطه بوتيرة اسرع من الوتيرة التي يسقط بها حاليا".

وعن التدخل الايراني في الشؤون العربية، اعتبر جعجع ان "المشروع الايراني مشروع عالمي وليس مشروعا قوميا محدودا، مسرحه الاول والاساسي هو العالم الاسلامي، من هنا تأتي وجهة النظر الايرانية اذ تعتبر أن تدخلها أمر طبيعي انطلاقا من انهم مسلمون بل ربما اكثر من هذا باعتبار أنهم اهل البيت وبالتالي هم أولى بالمعروف وعليهم تدبير شؤون المسلمين، وهذا الكلام لا يقال علانية ولكنه يمارس بالفعل، من هنا نفهم حرص الإيرانيين على التأثير في كل ما يدور في الوسط الاسلامي بالعالم أجمع. كما أن منطق تدخلهم واضح في الدول العربية، وتحديدا في مصر أخيرا، اذ يحاولون الدخول من خلال التغيير الحاصل هناك وحتى في ليبيا وكل دول المغرب العربي. ان نظريتهم هي الأمة الاسلامية بمعناها الاوسع، وهم اهل البيت في هذه الامة الاسلامية، وبالتالي لا داع لتفسير أي شيء من الآن فصاعدا".  

السابق
طلاب لبنان: لا متابعة لهم في الخارج
التالي
رحيل أنيس منصور…عن 87 عاما