الانباء: ملاسنة عنيفة داخل الحكومة اللبنانية كشفت عن القلوب الملآنة

بقيت مسألة تمويل المحكمة الدولية الحاضر الغائب الأبرز في المشهد السياسي اللبناني، ولو أنها غابت عن جلسة مجلس الوزراء الأخيرة. وقد أعلنت الأمانة العامة لقوى 14 آذار، في أعنف موقف لها، أنها تعتبر حكومة ميقاتي ساقطة في اللحظة التي لا تقرر فيها التمويل.

ورغم الإعلانات المتكررة من ميقاتي بالتزام تمويل المحكمة فإن مصادر وسطية رأت لـ «الأنباء» ان حزب الله استطاع تحويل مسار رئيس الحكومة من البحث في كيفية تمويل المحكمة الى البحث عن الوسائل الأقل ضررا للتملص من التمويل.

جلسة عاصفة وقلوب ملآنة

في هذا الوقت شهدت جلسة مجلس الوزراء عاصفة من السجالات العنيفة بين وزراء كتلتي عون وجنبلاط فبمناسبة مائة يوم على حصول حكومة الرئيس نجيب ميقاتي على الثقة، كان حريا ان تكون أكثر دفئا مما حصل مساء الاربعاء، فبدلا من التحدث عن الانجازات والمشاريع، تحولت الى ما يشبه الحمام عندما تنقطع عنه المياه، فينطلق الضجيج من كل الزوايا، ويستحيل إدراك المطلوب لاعادة المياه الى مجاريها.

وبدا واضحا منذ افتتاح الجلسة من جانب رئيس الحكومة ان القلوب ملآنة بين وزراء الكتلة العونية ووزراء كتلة النائب وليد جنبلاط منذ أزمة مشروع الكهرباء الذي طرحه وزير الطاقة جبران باسيل بدعم من عمه العماد ميشال عون، ضمن اطار التفرد به تخطيطا وتلزيما، واعتراض وزراء الكتلة الجنبلاطية بتغطية من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وبالتالي فرضهم تعديل المشروع بما يبقيه تحت رقابة وإشراف مجلس الوزراء.

البداية بين عون وجنبلاط

ولا يمكن اغفال السجال غير المباشر الذي حصل قبل يومين بين النائب وليد جنبلاط، والعماد ميشال عون في اعقاب غمز جنبلاط من قناة وزارة الطاقة، كعنصر مكون للسجالات العنيفة التي شهدها مجلس الوزراء، ولا حتى معارضة وزير العمل شربل نحاس لقرار مجلس الوزراء حول زيادة الأجور. والتهب النقاش بين وزير الاشغال العامة والنقل غازي العريضي ووزير الطاقة جبران باسيل عند مناقشة موازنة وزارة الاشغال، حيث طالب باسيل بالكشف على المشاريع التي تنفذها وزارة الأشغال العامة، ونشبت مشادة عنيفة بينه وبين الوزير غازي العريضي واقترح العريضي عرض شريط كل جلسة لتبين مناقشات الجلسة السابقة، مشيرا الى انه ينفذ المشاريع بناء على تكليف مجلس الوزراء، وقال: إذا كان فتح هذا الموضوع لأهداف انتخابية فليتحمل كل مسؤولياته.
.
 
واعترض الوزير شربل نحاس على تفويض الوزير العريضي بإعداد جدول توزيع «الاسفلت» على المناطق قبل العودة إلى مجلس الوزراء، بعد صدور قرار بذلك عن مجلس الوزراء، ورد العريضي بأن التفويض أقر في مجلس الوزراء والوزير محمد فنيش هو من اقترح ذلك. واضاف: في كل الأحوال انا لست متمسكا بشيء إذا شئتم تعديل الجدول فلا مانع لدي، أما القول بأن هذا القرار لم يتخذ فهذا كلام مرفوض.

وهنا دخل على الخط الوزير باسيل منتصرا للوزير نحاس، فرد العريضي مبديا اسفه لبلوغ المستوى هذا المنحدر في مجلس الوزراء.العريضي لباسيل: اسكت وعندما حاول باسيل مقاطعته قال له العريضي: انت اسكت عندما أتكلم أنا، انت تصمت.

فرد باسيل قائلا له: لا تصرخ.. فأجابه العريضي: أصرخ في وجهك وفي وجه من وضعك هنا.. وحذار التعامل معي بهذه الطريقة، تفوضونني في مجلس الوزراء بالعمل وأجول المناطق اللبنانية ليل نهار ثم تشككون في القرار، هل نحن في حكومة أم في حكومات؟

وسأل العريضي الوزيرين فنيش وعلي حسن خليل عن طرقات طالبوا بتعبيدها على هذا الأساس وتم ذلك فرد بالايجاب، ووافق المجلس على صيغة العمل التي طلبها العريضي، والخاصة بإرسال جدول التوزيع الى دائرة المناقصات ثم اطلاع مجلس الوزراء عليها. ولدى وصول المجتمعين الى البند المتعلق بالتحضيرات الخاصة بتراخيص التنقيب عن النفط، تحدث الرئيس ميقاتي عن ضرورة تشكيل هيئة ناظمة للشروع في هذا الملف سائلا الوزير باسيل عن هذه الهيئة فأجابه بأنه أرسلها اليه، فرد الرئيس ميقاتي بالقول: انت أرسلت المراسيم، لكنك لم ترسل اسماء المرشحين لعضوية الهوية، والهيئة تتضمن مراسيم وأسماء، داعيا الى تشكيل لجنة وزارية لمواكبة عمل الوزير باسيل الذي اعترض على ذلك، لكن ميقاتي اكد أنه ـ أي باسيل ـ هو من اقترح تشكيل لجنة، فوافقه على ذلك لكنه عاد وتحفظ لأسباب امتنع عن ذكرها. وتدخل الوزير علي حسن خليل مشيرا الى ان القانون ينص على وجود هيئة ناظمة، عندها اقترح خليل وأيده الوزير محمد فنيش ان تكون اللجنة برئاسة نائب رئيس الحكومة سمير مقبل (وسطي) على ان تضم الوزراء المعنيين، لكن باسيل اعترض طالبا ان تكون برئاسته كونه وزير الطاقة المعني، هنا انتفض مقبل، وانسحب من الجلسة قائلا: أنا مهندس أيضا وأملك طائرات، غامزا من قناة باسيل الذي نشر مؤخرا أنه أصبح من أصحاب الطائرات الخاصة، وخرج مقبل من قاعة مجلس الوزراء، لكن لحق به الوزيران علي قانصو (الحزب القومي السوري) ووليد الداعوق (وسطي) وأقنعاه بالعودة، حيث بادر بالقول: إذا كانت اللجنة برئاستي فلا أقبل بعضوية باسيل فيها، فرد باسيل بقوله: مش على ذوقك.. القرار لمجلس الوزراء.

وتدخل الرئيس ميقاتي قائلا: هذا الجو قد يتسرب للإعلام، ونبدو غير قادرين على تشكيل لجنة وزارية، وهذا يعني ان الوزير العريضي على حق، وان حكومتنا صارت حكومات، وهذا غير مقبول، وللأسف، في كل مرة زميلنا الوزير شربل نحاس الذي أقدر كفاءته يقدم ما يريد بطريقة استفزازية.

وتوجه ميقاتي الى الوزير شربل نحاس بقوله: أتمنى عليك ألا تشنج الأجواء في كل جلسة، ولا يجوز لأي كان ان يفترض انه قادر على افشال عمل الحكومة.

ثم توجه الى الوزير باسيل بقوله: أمامك خياران، اما لجنة برئاسة مقبل او أسحب المشروع، فرد باسيل مطالبا بتأجيل المناقشة «لأن الموضوع يحتاج الى اتفاق سياسي». هنا تدخل الوزير علي حسن خليل بالقول: مع اعتذارنا من نائب الرئيس مقبل، فلا يجوز ان نخرج من هنا مختلفين على تشكيل هيئة او لجنة، لذلك أقترح ان تكون اللجنة برئاسة دولة رئيس الحكومة، فاحتج الوزير نقولا صحناوي (كتلة عون) متذرعا بان اللجنة برئاسة باسيل تستطيع التحرك بشكل أسرع.

فتناول الوزير العريضي الكلام وقال بحدة: من غير المسموح النقاش في أعلى سلطة سياسية في البلد حول ما إذا كان يمكن لرئيس الحكومة ان يترأس لجنة، فهذا رئيس مجلس الوزراء والدستور يمنحه صلاحية ترؤس كل اللجان، وكذلك نائب رئيس الحكومة، ولا يجوز ان ينحدر النقاش الى هذا المستوى. وبعد ان اختلط الحابل بالنابل، سأل الرئيس ميقاتي نائب رئيس الحكومة عما اذا كان يوافق على ان يترأس اللجنة بمعيته، مع الوزراء المعنيين، فلم يمانع، لكنه انسحب من الجلسة نهائيا هذه المرة، وهو يقول: أقول لمن يعتقد انه لا احد وراءنا فهو مخطئ.

العريضي وبعد الجلسة سأله الصحافيون عن اسباب الجدال الحامي داخل الجلسة فأجاب: لم أسمع شيئا، المهم الجرافات ماشية والجبالات (الاسفلت) ماشية واللبنانيون سعداء بذلك 

السابق
عندما يُكشف المستور!
التالي
أقران القذافي ومستقبل ليبيا