على حزب الله إلقاء ترسانته العسكرية… فوراً

رأى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون أمس، في أحدث تقرير له عن تنفيذ القرار 1559، أن أسلحة "حزب الله" صارت "العمود الفقري للخلاف السياسي" في لبنان، مطالباً زعماء الحزب بـ"القاء السلاح فوراً" وداعياً سوريا وايران من دون أن يسميهما الى المساعدة في تحويله "حزباً سياسياً صرفاً". غير أنه أشار الى دور سوريا تحديداً، إذ شجع الرئيس ميشال سليمان ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي على اتخاذ "اجراءات ملموسة" لتنفيذ قرارات الحوار الوطني في شأن تفكيك قواعد "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة" و"فتح الإنتفاضة" على الحدود اللبنانية – السورية. وندد "بقوة" بـ"التوغلات العنيفة والغارات" التي تشتنها القوى الأمنية السورية داخل البلدات والقرى اللبنانية، مطالباً دمشق بـ"وقفها فوراً". وأبدى استعداده لمساعدة لبنان في تنفيذ "التزامه التام واجباته الدولية من دون انتقائية" حيال المحكمة الخاصة بلبنان.

وعبّر الأمين العام للأمم المتحدة، في تقريره نصف السنوي الرابع عشر المؤلف من 56 فقرة في 12 صفحة والذي يعده موفده الخاص لتنفيذ القرار 1559 تيري رود – لارسن، عن "الخيبة لعدم تمكنه من احراز أي تقدم إضافي" خلال الأشهر الستة الماضية في تنفيذ القرار 1559، ملاحظاً أن هذه العملية "معطلة منذ أكثر من سنتين". وإذ ابدى "تفهماً" لأن البنود المتبقية هي "بحق الأكثر شائكة" ولأن لبنان "يتأثر بالأحداث الأخيرة في المنطقة، وتحديداً بالقمع العنيف للإحتجاجات الشعبية ضد النظام والأزمة السياسية العميقة في سوريا"، أبدى اقتناعه بأنه "من مصلحة لبنان احراز تقدم في اتجاه التنفيذ الكامل للقرار من أجل استقرار طويل الأجل في البلاد والمنطقة".

وكرر تحذيره من أن "الإنتشار الواسع للاسلحة خارج سلطة الدولة، متزاوجاً مع استمرار وجود الميليشيات المدججة بالسلاح، يبعث على الشؤم للسلام الداخلي ولازدهار لبنان"، مؤكداً أن "الجماعات المسلحة التي تتحدى سلطة الدولة لا تتلاءم مع هدف تعزيز سيادة لبنان واستقلاله السياسي ومع حماية النظام التعددي الفريد للبنان وحقوق المواطنين اللبنانيين". وندد بـ"امتلاك السلاح غير المرخص له واستخدامه أينما حصل ذلك في لبنان، ولا سيما في المناطق الآهلة"، مناشداً "كل الأطراف والدول أن توقف فوراً كل الجهود لنقل الاسلحة وحيازتها، ولبناء قدرات شبه عسكرية خارج سلطة الدولة"، ومؤكداً أن "كل الدعم المالي والمادي الخارجيين للبنان يجب أن يمرا بشفافية عبر الحكومة اللبنانية وحدها".
ورأى ان "أسلحة حزب الله صارت العمود الفقري للخلاف في النقاش السياسي في لبنان مع ايحاءات طائفية، ولكن مع عواقب على كل اللبنانيين"، مضيفاً أن "ترسانة حزب الله توجد جواً من الترهيب وتمثل تحدياً رئيسياً لسلامة المدنيين اللبنانيين ولاحتكار الحكومة الحق المشروع في استخدام القوة". ودعا زعماء "حزب الله" الى "القاء السلاح فوراً وتحويل الجماعة حزباً سياسياً لبنانياً، امتثالاً لمتطلبات اتفاق الطائف والقرار 1559"، معتبراً أنه "في دولة ديموقراطية، لا يمكن حزبا سياسيا أن يحتفظ بميليشيا"، لأن ذلك "شواذ جوهري لا يتلاءم مع المثل اللبنانية العليا لحماية الحقوق الإنسانية والديموقراطية". وإذ لفت الى أن "حزب الله يحتفظ بعلاقات وثيقة مع دول اقليمية"، في إشارة الى سوريا وايران، طالب هاتين الدولتين بـ"المساعدة والعون في تحويل الجماعة المسلحة حزباً سياسياً صرفاً وفي نزع سلاحها"، معتبراً أن هذا الطلب "صار اكثر الحاحاً في ظل الإنتفاضات السياسية عبر المنطقة". وعبر عن اقتناعه بأن "نزع سلاح الجماعات المسلحة في لبنان، وتحديداً حزب الله، يمكن أن يحرز بالطريقة الفضلى عبر عملية سياسية لبنانية، على رغم أن هذه العملية لا يمكن أن تتقدم ما لم يوقف اللاعبون الخارجيون دعمهم العسكري لحزب الله وما لم تقبل الجماعة نفسها مناقشة ترسانتها بروح طيبة".

ونبه الى ان "غياب التقدم في نزع أسلحة الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وحلها يضع لبنان امام انتهاك واجباته الدولية"، مضيفاً أن لبنان "يمكنه ويجب ان يعيد احياء الجهود للتعامل مع التحدي المتمثل باستمرار وجود الأسلحة خارج سلطة الدولة اللبنانية"، وهذا "ينطبق تحديداً على القدرات العسكرية الكبيرة التي يواصل حزب الله حيازتها. وبغض النظر عن التركيبة المحددة للحكومة، يمكن فقط تعزيز سلطة الدولة اللبنانية عبر التقدم في موضوع الأسلحة الخارجة عن سيطرتها"، داعياً الرئيس ميشال سليمان ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي الى اتخاذ "اجراءات ملموسة في هذا الشأن من دون تأخير". وشجعهما أيضاً على "تنفيذ القرارات المتخذة في الماضي من الحوار الوطني، مثل تفكيك القواعد العسكرية الفلسطينية خارج المخيمات التي تحتفظ بها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة وفتح الإنتفاضة اللتان تتخذان من دمشق مقراً لهما"، موضحاً أن هذه "القواعد، التي تنتشر في أكثرها على الحدود بين لبنان وسوريا، تقوض السيادة اللبنانية وتتحدى قدرة الدولة على إدارة حدودها البرية". واضاف أنه إذ "يدرك أن هاتين الميليشاتين تحتفظان بصلات اقليمية وثيقة"، جدد مطالبته سوريا "بالمساعدة في هذه العملية".

وكرر حض المانحين على تقديم الدعم لوكالة الامم المتحدة لغوث اللاجئين وتشغيلهم في الشرق الأدنى "الأونروا"، داعياً حكومة ميقاتي الى "تطبيق التعديلات على قانون العمل اللبناني والضمان الإجتماعي التي اقرت في آب 2010". وأكد أن "الأزمة السياسية العميقة في سوريا زادت اعاقة التقدم في اتجاه ترسيم الحدود وتعليمها بين لبنان وسوريا"، آسفاً لـ"غياب التقدم" وداعياً البلدين الى "التحرك الى الأمام في هذا الموضوع من دون تأخير إضافي، له تأثير حرج على تعزيز السيطرة على الحدود". وكذلك حض الحكومة اللبنانية على "التحرك الى الأمام في تطبيق استراتيجية الإدارة الشاملة للحدود في المرحلة المقبلة" من أجل الحيلولة دون "الإنتقال غير المشروع للأسلحة". وعبر عن "قلقه العميق من أثر التطورات في سوريا على الوضع السياسي والأمني في لبنان"، مندداً "بقوة" بما سماه "التوغلات العنيفة والغارات داخل البلدات والقرى اللبنانية من القوى الأمنية السورية مما أدى الى قتلى وجرحى"، ومطالباً الحكومة السورية بأن "توقف فوراً كل توغلات كهذه، واحترام سيادة لبنان ووحدة أراضيه وفقاً للقرار 1559". وحذر من أن "هذه التوغلات والأزمة الجارية في سوريا تنطوي على احتمال تفجير توترات إضافية داخل لبنان وأبعد منه". وحض دول العالم على مواصلة الدعم للجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية.
وندد بـ"استمرار الإنتهاكات الإسرائيلية لسيادة لبنان ووحدة أراضيه"، مطالباً اسرائيل بـ"الإمتثال لواجباتها وفقاً لقرارات مجلس الأمن وسحب قواتها من الشطر الشمالي لبلدة الغجر والمنطقة المحاذية لها شمال الخط الأزرق، ووقف طلعات طيرانها في الاجواء اللبنانية" لأنها "تصعد التوتر، وتقوض صدقية القوى الأمنية اللبنانية، وتزيد خطر وقوع نزاع غير مقصود وتبعث القلق بين السكان المدنيين".

وأكد أن "الأحداث الجسام في الشرق الأوسط تحمل فرصاً هائلة للتغيير، لكنها تمثل تحديات لمرحلة طويلة من الغموض والإنعدام الممكن للإستقرار"، منبهاً الى أن "التطورات في سوريا ستؤثر على لبنان حتماً" من دون أن ينتقص ذلك من تنفيذ هذا القرار وكل القرارات الأخرى الصادرة عن مجلس الأمن في شأن لبنان لأن هذه هي "الطريقة الفضلى لضمان ازدهار واستقرار طويلي الأجل للبنان كدولة ديموقراطية". وحض كل الزعماء السياسيين على "تجاوز المصالح الطائفية والفردية وتعزيز المستقبل ومصالح الدولة بصدق"، مضيفاً أنه "يجب عليهم المحافظة على اطارالعمل السياسي الشامل من العيش المشترك في احترام متبادل، كما حدد ذلك اتفاق الطائف". وإذ أشاد بخطوات عديدة اتخذها ميقاتي ومنها دعمه عمل الأمم المتحدة في لبنان و"تعهده توفير المساعدة الإنسانية للاجئين السوريين في لبنان"، قال إنه "يدرك التحديات المقبلة والاستقطاب السياسي الدائر حول المحكمة الخاصة بلبنان، وسلاح حزب الله، والاضطرابات في سوريا المجاورة"، مضيفاً أنه "ينوه بالتصريحات العلنية المتكررة لرئيس الوزراء في شأن التزام لبنان واجباته الدولية من دون انتقائية وترجمة هذا الإلتزام بعمل ملموس، وأنا مستعد للمساعدة في التوصل الى هذا الهدف الحيوي".  

السابق
في مديح الـدي. في. دي
التالي
بعد شاليط…هل يُكشف لغز رون اراد؟