“بلا تحشيش” لميشال جبر نخاطب المسحوقين

ميشال جبر، الممثل والمخرج المسرحي يعود متهكماً، ساخراً، متألماً على مواطن يعيش الوهم الى حد تصديقه والتغني به. "بلا تحشيش" هو اسم عمله المسرحي الكامل الذي ينفرد بكتابته واخراجه وتمثيله وانتاجه. هو في نسخته الـ 31 التي ستعرض على مسرح "بيريت" في جامعة القديس يوسف، حرم العلوم الإنسانية، طريق الشام خلف السفارة الفرنسية، ابتداء من اليوم الخميس، الثامنة والنصف مساء كل خميس وجمعة وسبت وأحد، على مدى شهر ونصف الشهر تقريباً.
في إسلوب "مشفّر"، يحمل رموزاً بقدر ما يوجه رسائل، ينتقد جبر الثنائيات التي تسود سلوكنا اليومي الى درجة اننا نتماهى معها فنعتبرها جزءاً منا، وهو الذي ضاق ذرعاً بالوجوه والأقنعة التي يرتديها البعض، لا سيما السياسيون، ليخفوا بها وجههم الحقيقي الذي لا يعرفه أحد من دون "روتوش".

 
تتحدث المسرحية عن الدكتور فدعوس، الرجل المتزوج من امرأة متسلطة تمتلك جمعية ثقافية، وتتكل على زوجها في ادارة أمورها وأعمالها. استجابة لطلبها، يقبل الزوج على مضض إلقاء محاضرة للجمعية عن أضرار التدخين، مفضلاً تسمية المحاضرة "بلا تحشيش" بدلاً من "أضرار التبغ" ليجذب أكبر عدد ممكن من المستمعين. وأثناء إلقائه للمحاضرة، يكتشف الحضور ان المضمون لا يدور حول أضرار التدخين، وانما عن الهواجس النفسية والاجتماعية والسياسية للمواطن بطريقة ساخرة وبتهكّم لاذع.
فجأة، ومن دون سابق انذار، يقرر التغيير والتمرد على ذلك الفصام الجدلي الذي لا ينفك يلاحقه مع كل خطوة من حياته. يقرر البحث عن بديل، وعن موقف غير نص السيناريو "المكتوب" له سلفاً. هذا البديل الذي يتحكم بنهج تصرفات المرء وخيراته، فيمنعه من بلوغ النهاية والهدف، ليتمتع بصورته على شكل نصف مثقف، أو نصف فنان، أو نصف عاشق، أونصف زوج… في اختصار، نصف
مواطن.

بدائل في المواقف، وبدائل حتى في الأسماء. فإلى متى سيظل مسحوقاً داخل البيت، وفي العمل وفي الدوائر الحكومية وفي الشوارع وفي كل الاماكن والأزمنة؟ أليس من الأفضل لو ثار أو تمرد أو طالب ليوم واحد فقط حقوقه كرجل، كعامل، كمواطن، كإنسان؟ ماذا عن لاوعينا الجماعي؟ ماذا عن الرجل والمرأة؟ عن الكائن الاجتماعي؟ السياسي؟ والعائلي؟ ماذا لو خرق أحدهم النزعة التقليدية المحافظة وانتهك حرمتها حد التغيير الجذري؟ هل هي الرغبة؟ هل هو الوهم؟ أم هو حتماً المستحيل الغامض والعدم غير الموجود أساساً ضمن الوجود الواقعي الذي وُجدنا
فيه؟ 

السابق
الصحة تحذّر دور الحضانة غير المرخصة
التالي
قاض تركي يوجه لكمات لمحامٍ بالمحكمة!