اللواء: جلسة ماراتونية محورها إشتباكات كلامية بين وزراء عون وجنبلاط

احتفلت الحكومة على طريقتها بمناسبة مرور مائة يوم على منحها الثقة، في ظل زحمة من المشاريع والمواضيع والمطالب النقابية والمطالب الدولية، والتحديات الإقليمية التي ليس آخرها التوغلات والاحتكاكات الحدودية التي تعهّد الرئيس نجيب ميقاتي بإجراء الاتصالات لمعالجتها، سواء عبر لجان التنسيق العسكرية، أو القنوات السياسية، فيما كان الوضع داخل طرابلس لجهة المربعات الأمنية في المدينة وتهديد النائب خالد الضاهر بالنزول إلى الشارع لإزالتها، يشغل رئيس الحكومة والوزراء الطرابلسيين، بالتزامن مع تهديدات تيار <المستقبل> بالضغط عبر الشارع إذا ما تمنّعت الحكومة عن تمويل المحكمة الخاصة بلبنان، وهو الأمر الذي ألمح إليه رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع أيضاً، كل ذلك بالتزامن مع تحرك هو الأول من نوعه لـ <حزب الله> عبر الخارج، تمثّل بمحادثات أجراها رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد مع رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الدوما الروسي قسطنطين كوساتشوف تمحورت حول خلفيات المواقف الروسية المعارضة لتدخل دول <الناتو> في سوريا ولبنان،· والمدى الذي يمكن أن تذهب إليه هذه السياسة إذا ما أعيد وضع ملف المحكمة الدولية في مجلس الأمن الدولي، في حال تخلّفت الحكومة اللبنانية عن تمويل المحكمة، وطلب المجتمع الدولي فرض عقوبات عليها·
ومع أن رعد لم يشر إلى ذلك صراحة لدى وصوله إلى موسكو فجر أمس، برفقة النائبين حسن فضل الله ونوار الساحلي، مكتفياً بتأكيد رغبة الحزب في تعزيز التواصل والبحث المباشر في القضايا ذات الاهتمام المشترك واعتماد قواعد راسخة للتعاون والتنسيق، فإن مصادر مطلعة، ربطت بين الزيارة، وهي الأولى من نوعها على هذا المستوى وبين تطور المواقف الروسية في مجلس الأمن، والذي كان آخرها <الفيتو> الذي عطّل العقوبات الدولية ضد سوريا·

وأكد كوساتشوف بعد الاجتماع دعم موسكو لسيادة لبنان واستقراره، لافتاً إلى أن روسيا مهتمة جداً بالاستماع إلى وجهة نظر الوفد اللبناني حيال ما يحدث في المنطقة، مؤكداً أن لبلاده مقاربتها الخاصة التي تختلف عن دول أخرى·
· 
والتقى الوفد أيضاً نائب رئيس مجلس الدوما فلاديمير جيرنوفسكي وعدداً من نواب لجنة الدوما للعلاقات في الشرق الأوسط·

<الخروقات السورية> في غضون ذلك، بقيت قضية الخروقات السورية للحدود اللبنانية في البقاع والشمال تتفاعل على أكثر من صعيد، لا سيما بعد تكرار حالات المطاردة التي تقوم بها القوات السورية وحرس الحدود والهجانة لبعض الفارين أو المطلوبين في سوريا، الا أن اللافت أن هذه الخروقات اتخذت بعداً دولياً، مع إعلان الخارجية الفرنسية إلى وجوب احترام السيادة اللبنانية، وضرورة حماية المعارضين السوريين الذين لجأوا إلى لبنان، وايضاً، بتضمينها في نص تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون نصف السنوي الرابع عشر الذي ارسله الى مجلس الأمن حول تنفيذ القرار 1559، حيث أشار الى ان التطورات السورية ساهمت في تعميق الانقسامات داخل البلاد بين 8 و14 اذار، موضحاً انه في هذا الإطار عبر آلاف المواطنين السوريين الحدود للجوء الى لبنان هرباً من القمع، وأن الجيش السوري قام باطلاق النار على الحدود وتنفيذ غارات على لبنان، ومداهمة المنازل للقبض على المواطنين الفارين والمنشقين عن الجيش، لافتاً الى أن هذه التوغلات السورية اصبحت كثيرة في الأسابيع الأخيرة>·

وشدّد بان على ضرورة ترسيم الحدود اللبنانية – السورية كعنصر أساسي لتحقيق السيادة اللبنانية ووحدة أراضي لبنان والقيام بمراقبة الحدود بشكل لائق، موضحاً <انه لم يتم اجراء اي خطوة في هذا الصدد بين لبنان وسوريا خلال العام الجاري رغم التزام الجانبين بهذا الأمر في عدد من القمم التي عقدت بين البلدين منذ آب 2008>·

وأشار إلى وجود <نشاطات لميليشيات لبنانية وغير لبنانية، تستمر في تهديد استقرار البلاد والمنطقة وتلقي الضوء على حاجة الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني لزيادة المجهود بهدف ممارسة حصرية استخدام القوة على كامل الأراضي اللبنانية>·

وتطرق التقرير إلى <الانقسام الحاصل بين اللبنانيين حول مسألة تمويل المحكمة الدولية>، مؤكداً انه <كان قد جدد مراراً تعبيره عن الدعم الكامل للعمل المهم الذي تقوم به المحكمة ودعوته لتعاون الحكومة اللبنانية معها، ويتضمن ذلك مسألة التمويل>·

مجلس الوزراء اما جلسة مجلس الوزراء، والتي طالت ست ساعات متواصلة، فقد كان بطلاها الوزيران غازي العريضي ووائل أبو فاعور، اللذان خاضا حرباً شاملة على الحكومة من وزيري تكتل عون، الوزيرين جبران باسيل وشربل نحاس على خلفية الانتقادات التي وجهها رئيس جبهة <النضال الوطني> النائب وليد جنبلاط للنائب ميشال عون بخصوص مساهمات الصناديق العربية لتمويل مشاريعه الكهرباء، وغيرها من المسائل، لكن السجالات التي حصلت خلال الجلسة، كان سببها المباشر قضايا خلافية وردت في جدول الاعمال، ولا سيما من موضوع التمديد للشركة المشغلة للسوق الحرة في المطار، بحسب اقتراح العريضي، والذي ارجيء الى جلسة لاحقة، بسبب اصرار باسيل على الغاء العقد الذي ينتهي مفعوله في 18 تشرين الثاني·

إلا ان مصادر وزارية، عزت الخلافات بين الوزراء الاربعة، الى اعتمادات الزفت التي اثارها باسيل واتهم العريضي بصرفها من دون العودة الى مجلس الوزراء، والى مشروع دعم الاسر الأكثر فقرا الذي انتقده نحاس معتبرا انه ليس بطريقة ريعية تتم مساعدة الاسر الفقيرة، فتصدى له ابو فاعور، داعيا اياه الى ابتداع افكار اكثر حيوية من البرنامج المطروح·

ولفتت المصادر الى ان مجلس الوزراء كان قد كلف سابقا الوزير العريضي بإدخال تعديلات على جدول مشاريع، الا ان العريضي لم يطلع المجلس على هذا التعديلات فأعترض باسيل وحصل خلاف حاد بين الوزيرين، مؤكدة بأن الخلاف انتهى بأن يدخل العريضي هذه التعديلات ضمن مهلة زمنية محددة·

ولم تنف المصادر ان يكون وزراء عون قد حضروا الى الجلسة لاشعال خلافات في مجلس الوزراء ردا على المواقف السياسية لجنبلاط وخصوصا في ما يتعلق بسوريا·

وعلى الرغم من ان الجلسة طالت لاكثر من ست ساعات إلا ان وزراء التكتل اجتمعوا عند باب السراي الحكومي قبيل خروجهم عند منتصف الليل لتقييم ما حصل في الجلسة·

اما العريضي فرفض الدخول في تفاصيل خلافه مع باسيل، مكتفيا بالقول: <جرافاتي ماشية والزفت ماشي والفيولات طايرة>· كذلك رفض كل الوزراء الخوض في تفاصيل الخلافات التي جرت، مؤكدين ان لا خطر على بقاء الحكومة·

ومهما كان من امر، فإن الجلسة اتسمت بالانتاجية، لا سيما على صعيد المباشرة بأعمال التنقيب عن النفط والغاز في البر اللبناني من خلال اجراء المسوحات الجيوفيزيائية، وتأليف لجنة برئاسة الرئيس ميقاتي وعضوية وزراء الطاقة والتنمية الادارية والمال والصحة والبيئة والاشغال العامة والعدل بغية درس قواعد الانشطة البترولية في المياه اللبنانية ودرس مشروع المرسوم المقترح لهيئة ادارة قطاع النفط، والموافقة على اعتمادات اضافية لتغطية اعمال المرحلة الثانية من مشروع توسيع وتطوير مرفأ طرابلس، وكذلك الموافقة على مباشرة المتعاقدين التدريس بالساعة في المدارس الرسمية قبل تصديق عقودهم·

وكانت المطالب الحياتية والمعيشية قد حضرت بقوة في الجلسة، ولو من خارج جدول الأعمال، حيث أكد الرئيس ميقاتي تفهمه لأحقية معظم المطالب المرفوعة، لكنه أشار إلى ان الحكومة، أي حكومة، ليست قادرة على تلبية المطالب دفعة واحدة، ولا بد من اعتماد آلية تفسح في المجال أولاً أمام الأولويات الأكثر الحاحاً، على ان يليها تباعاً الأقل إ لحاحاً· وتمنى <من أهلنا في النقابات العمالية على إختلافها، وأصحاب المطالب في الهيئات الأخرى أن يدركوا ان هذه الحكومة جاهزة للتعاون معهم في إيجاد الحلول المناسبة، وانها ليست ضدهم بل هي تجسد إرادة حل القضايا العالقة وليس تأجيلها، لكن عليهم في المقابل أن يتفهموا ظروف عمل الحكومة وامكاناتها المالية ووضع الخزينة والإلتزامات الداخلية والخارجية> 

السابق
الحياة: تجاوب متفاوت لقطاع التعليم مع الإضراب وهيئة التنسيق النقابية تدخل لجنة المؤشر
التالي
الجمهورية: تقرير الأمم المتحدة نصف السنوي حول الـ 1559: السلاح خارج الدولة خطر على لبنان والمنطقة