سوريا.. جمد واعترف

لو كان نظام بشار الأسد يجيد لعب السياسة لكان لقن الجامعة العربية درسا لا تنساه، وأوقعها في شر أعمالها، وذلك من خلال قبوله بمهلة الأسبوعين، ورئاسة قطر للجنة الوزارية المعنية بمتابعة ملف المبادرة، فحينها، ومع رفض المعارضة للمبادرة، سيتورط العرب، وكذلك المعارضة.

لكن ما حدث هو العكس تماما، وهو ما كان متوقعا، حيث رفض النظام الأسدي المبادرة العربية، المتأخرة أصلا، جملة وتفصيلا، وهي المبادرة التي منحته فرصة لا يحلم بها لإحراج الداخل والخارج، حيث أعطته مهلة أسبوعين وطالبته بمحاورة المعارضة تحت قبة الجامعة. وعليه فقد ضيع النظام الأسدي فرصته، والآن جاءت فرصة الجامعة لكي تلقن النظام الأسدي درسا لا ينسى، وتبيض صفحتها أمام السوريين، خصوصا أن النظام الأسدي قد أتبع المبادرة العربية بمجزرة في حمص.
المفترض اليوم أن تجتمع الجامعة، وبشكل عاجل وفوري، من أجل تجميد عضوية نظام بشار الأسد في الجامعة العربية، والاعتراف بالمجلس الوطني السوري، ويجب أن يكون التصويت على هذين القرارين أمام عدسات الكاميرات، وليس من خلال جلسة مغلقة، ويتم نقله على الهواء مباشرة، وأمام العالم العربي، وليس التصويت وحسب، بل وحتى الكلمات، والمداخلات. فكما طالبنا سابقا، يجب ألا يتحمل أعضاء الجامعة العربية، خصوصا أصحاب المواقف الواضحة، وزر مواقف دولة أو دولتين عربيتين، بل دعوا تلك الدول تشرح موقفها للرأي العام العربي، ولماذا قررت الوقوف مع نظام يقتل شعبه.
 
على الجامعة أن تتخذ هذا الموقف الحاسم مع النظام الأسدي ليس للانتقام، بل لحماية المدنيين السوريين العزل الذين يواجهون قمع جيش مدجج بالأسلحة، ولا يتقيد حتى بأدنى أخلاقيات الحروب، ولأجل أن تبيض الجامعة صفحتها مع السوريين. كما أن على العرب تذكر أمر مهم جدا، ومن أبجديات العمل السياسي، ووفقا لما سمعته من أحد المسؤولين العرب بأنه «لا يوجد نظام يستجيب للآخرين، فقط لأن نواياهم طيبة، وخطابهم أخوي، بل وفق القرارات، والمواقف». وسبق للعرب أن جربوا الخطاب الأخوي مع صدام حسين إبان احتلال الكويت، وقبل الغزو الأميركي، ولم ينفع، بل كان أعضاء النظام البعثي العراقي يتفننون بشتم المسؤولين العرب، وتخوينهم، والأمر نفسه ثبت فشله مع معمر القذافي، وها هو يفشل اليوم مع علي عبد الله صالح في اليمن، وبالطبع سيفشل مع بشار الأسد الذي استخف بالجامعة أيما استخفاف، وبكافة الأشكال، وآخرها خطاب مندوبه!

وكما قلنا للعرب قبل عدة أشهر، فإن عليهم اليوم تجميد عضوية النظام الأسدي في الجامعة، والاعتراف بالمجلس الوطني السوري، وبالطبع سحب سفرائهم من دمشق، خصوصا أن السفراء العرب المتبقين في سوريا ما هم إلا شهداء زور، فلا هم الذين عزوا، ولا هم الذين قالوا كلمة حق دفاعا عن السوريين. وبالطبع، نحن لا نقارنهم بسفراء كل من أميركا وبريطانيا وفرنسا، فذلك أمر متقدم جدا على بعض عربنا، خليجيين أو غيرهم.
المطلوب من الجامعة اليوم هو تجميد عضوية نظام بشار الأسد، والاعتراف بالمجلس الوطني. وعدا عن ذلك فهو تخاذل أمام الدم السوري! 

السابق
النيبالية تجهّز معمل النفايات في عيترون
التالي
إطلاق فلسطين من الأسر