جنبلاط يخرج تدريجيّا من الأكثريّة

ترك حديث رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط على شاشة "المنار" انطباعات سلبيّة لدى "حزب الله" و8 آذار، إضافة إلى استياء سوريّ نقله زوّار العاصمة السوريّة من حلفائها في لبنان، وسمعوا كلاما يوحي بالقطيعة بين دمشق وجنبلاط.

وعُلم من مصادر متابعة للحراك الجنبلاطيّ، أنّ رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي سيفجّر مفاجآت بالجملة خلال انعقاد الجمعيّة العامّة للحزب، وربّما قبلَها، باعتبار أنّ جنبلاط، ووِفق الدائرة الضيّقة المحيطة به، أخذ خياره بالخروج التدريجيّ من الأكثريّة، وقد يكون بند تمويل المحكمة مدخلا لتموضع سياسيّ جديد، وهذا ما يدركه فريق الثامن من آذار الذين هاجموه في مجالسهم وعبر حملات على "الفايسبوك"، لا سيّما وأنّ الانتفاضة الجنبلاطية انطلقت على شاشة "المنار" وبعد ساعات على لقائه والأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله.

وقد أتبعت المواقف الجنبلاطية بسلسلة إشارات ودلالات توحي بتغيّرات في المناخ السياسي لرئيس "جبهة النضال الوطني"، ومنها مشاركة النائب الاشتراكي أكرم شهيّب في احتفال تكريم البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير إلى جانب قوى الرابع عشر من آذار. ومن ثمّ إطلاق شهيّب مواقف سياسيّة تصبّ في خانة 14 آذار، أضف إلى عامل آخر تمثّل بالعشاء الذي أقامه النائب مروان حماده في دارته بمشاركة جنبلاط ونوّاب اللقاء الديموقراطي، إلى التناغم القائم بين "الرفيقين" جنبلاط وحمادة وعودتهما إلى العلاقة التاريخية التي جمعتهما منذ السبعينات.

من هنا، ثمّة ترقّب لمواقف جنبلاط في الأيّام المقبلة، خصوصا وأنّه تبلّغ رسائل من "حزب الله" وإيران وصلته إلى عقر داره في الشوف من خلال حفل وضع حجر الأساس لمستشفى "سلمان الفارسي" والمموّل من إيران، وحيث قاطعه جنبلاط والنائب طلال إرسلان، وكلّ لأسبابه الخاصة، فرئيس الحزب "الديموقراطي اللبناني" لم يهضم تمدّد الوزير السابق وئام وهّاب على حسابه ومن "صحنه"، في حين أنّ جنبلاط وللمرّة الأولى يشعر بـ"التعدّي على أملاكه"، بمعنى الدخول السياسيّ والمادي إلى عمق الشوف.

وفي سياق آخر، فإنّ جنبلاط الذي "كسر الجرّة" مع سوريا للمرّة الثانية، والمستاءة من نصائحه، فإنّه يغازل تركيا ويبدي إعجابه بها، ولا يقبل في مجالسه الخاصة وفي العلن الحديث عن عودة "العثمنة"، بمعنى أنّ تركيا هي الملاذ السياسيّ للزعيم الجنبلاطي في هذه المرحلة، في ظلّ قطيعته والسعودية، وثمّة مَن يشير إلى تواصل وتنسيق بين جنبلاط والوزير غازي العريضي مع قطر التي قد تكون الراعي السياسيّ والماديّ لجنبلاط في هذه المرحلة، وتطابق موقفهما إزاء ما يحصل في سوريا.

ويبقى أنّ جنبلاط فتح الباب لنوّاب كتلته بالخروج عن الصمت والحذر، تاركا لهم كلّ من موقعه ودوره إطلاقَ المواقف السياسية حيال التطوّرات الراهنة وإبقاء الوزير العريضي على خطّ "حزب الله" ودمشق على رغم موقف الأخيرة من جنبلاط، في حين أنّ مواقف النائب شهيّب تصبّ عند 14 آذار في كلّ سانحة، في حين يستدلّ عن عملية "توزيع أدوار" ومهمّات لنوّابه، بينما أفصح جنبلاط خلال عشاء مع أصدقائه أنّه سيواصل مناوراته السياسيّة في هذه الظروف إلى حين بلورة التطوّرات السوريّة، والى أيّ مدى سيستمرّ هذا النظام أو يسقط، مع حرصه على مواصلة التنسيق الميداني مع "حزب الله" من أجل استقرار الجبل، وهذا ما تمّ بحثه في اللقاء الأخير الذي جمعه والسيّد نصرالله. وعلم أنّ اجتماعات تنسيقيّة بين قيادتي الحزبين ستعقد قريبا لأجل هذه الغاية على رغم التباين السياسيّ بينهما، خصوصا حول مسألة تمويل المحكمة الدولية.  

السابق
جنبلاط يتعامل مع حزب الله على اساس انه الشر الذي لابد منه
التالي
ضرائب جديدة