اللواء: قلق أمني وسياسي من إنتشار التسلّح في طرابلس

كل شيء سار باقتضاب، من جلسة الـ 20 دقيقة في مجلس النواب، إلى جلسة الـ 110 دقائق في مجلس الوزراء، إلى اللقاء الصحفي الخاطف للنائب ميشال عون بعد اجتماع تكتل <التغيير والاصلاح>، فضلاً عن البيان المقتضب لكتلة <المستقبل>، في محاولة للابتعاد عن كل ما من شأنه أن يسيل لعاب الشجار أو السجال في مرحلة يسودها الترقب والانتظار، في ضوء اتجاه الأنظار على نحو مركّز الى الملف السوري، وتفاعل الأزمة الأميركية – الإيرانية – السعودية، فيما المشاكل الاقتصادية والاجتماعية تحدق بالبلاد على خلفية الاهتزاز الذي رافق إقرار تصحيح الأجور، وإصرار القطاعات التعليمية والأساتذة على خوض المجابهة في الشارع مع الحكومة·
وفي الوقت الذي كانت تحذر فيه المصادر الأمنية من الارتدادات الموضعية أمنياً وسياسياً للأزمة السورية، لا سيما في الشمال، وتحديداً في طرابلس بين التبانة وجبل محسن، توقفت الأوساط السياسية باهتمام عند البيان النوعي لكتلة <المستقبل> بعد اجتماعها أمس، حيث أشارت إلى المربعات الأمنية في أكثر من حي من أحياء طرابلس، وعن تكاثر المظاهر المسلحة، معربة عن تخوفها من أن يؤدي استمرار أجواء التسلح من قبل أطراف معروفة، والتي توسع انتشارها نحو طرابلس ومنطقة الشمال، إلى إشكالات أمنية لا يمكن السيطرة عليها في المنطقة، في وقت تمضي فيه توغلات سورية إلى عمق الأراضي اللبنانية، تارة بحثاً عن مهربين، وتارة عن مسلحين، وصولاً إلى أرتال الشاحنات المتجمدة عند المناطق الحدودية في البقاع والشمال·

ومع أن قوى 14 آذار وكتلة النائب وليد جنبلاط تحمّل السفارة السورية وطاقمها في بيروت مسؤولية خطف الأخوة جاسم والسياسي السوري شبلي العيسمي، فإن مرجعاً أمنياً لبنانياً أكد لـ <اللواء> أنه بالنسبة إلى الحدود البرية، فإن التعليمات المعطاة للسوريين هي عدم تجاوز هذه الحدود أو الاقتراب منها <لكن تداخل الحدود وعدم وجود ترسيم ظاهر تؤدي أحياناً إلى حصول اختراقات غير مقصودة، ولا تبيّت أية نيّة>، مؤكداً أن الأمن في الداخل ممسوك بشكل عام، مشيراً حسب معلوماته إلى أنه لا يوجد حتى الآن قرار سياسي لا محلي ولا إقليمي ولا دولي بتفجير الوضع في لبنان·

وكشف المصدر الأمني الرفيع لـ <اللواء> أن الجانب السوري لديه صورة واضحة عن الجهات التي تهرب السلاح إلى الداخل السوري، وقد وعدت السلطات السورية المعنية بأن ترسل إلى الجانب اللبناني ملفاً موثقاً حول التهريب·

غير أن تطمينات الجانب السوري لم تجد ترجمة لها على الأرض إذ أفادت معلومات لمصادر أمنية أن قوة عسكرية سورية مدرعة توغلت مسافة كيلومتر ونصف الكيلومتر داخل الأراضي اللبنانية أمس بين بلدتي الدورة والقاع في البقاع الشمالي، وطاردت مجموعة من السوريين كانوا على دراجات نارية فروا إلى داخل الأراضي اللبنانية، وتمكنت القوة من قتل أحمد عادل أبو جبل واختطاف آخر من نفس العائلة، بعدما داهمت عدداً من المنازل في المنطقة·

وتزامن هذا الحادث، وهو الثالث من نوعه من حادث التوغل السوري في عرسال، فيما أزمة الشاحنات عند نقطتي العبودية والدبوسية الحدودية في الشمال على حالها منذ يومين، حيث تتوقف أكثر من 45 شاحنة محملة بشتى أنواع البضائع المحمولة براً باتجاه الدول العربية عبر سوريا·

وبدا واضحاً أن ارتدادات ما يحصل في سوريا على لبنان، لم ينحصر في عمليات التهريب والاختراقات للحدود، بل بدأ ينسحب ويتطور بصورة دراماتيكية على الشأن السياسي، ليس فقط تجاه الموقف الحكومي من الأزمة السورية في المحافل الدولية، بل أيضاً حيال ما وصفه بيان كتلة <المستقبل> بممارسات الطاقم الدبوماسي التابع للسفارة السورية والذي اعتبرها مخالفة للقواعد والأعراف الدبلوماسية، في ضوء ما جرى في اجتماع لجنة حقوق الانسان النيابية، والتفاصيل <المذهلة والمعيبة>، بحسب البيان> التي أوردها تقرير التحقيق الأمني الذي أجرته قوى الأمن الداخلي بخصوص عملية خطف المعارضين السوريين من آل الجاسم، وما يتصل أيضاً بقضايا مشابهة تتعلق بمواطنين سوريين تم اختطافهم من لبنان، بمن فيهم شبلي العيسمي·

المطبخ التشريعي

وإذ استغربت الكتلة صمت الحكومة اللبنانية، واللامبالاة الفاضحة لبعض الأجهزة القضائية المختصة إزاء هذا الملف وعدم التحرك للبت به منذ شباط الماضي، كان لافتاً للانتباه، أن مجرد إثارة الموضوع، في المجلس النيابي، عبر سؤال تقدم به النائب إيلي كيروز باسم كتلة <القوات اللبنانية> ملوّحاً بتحويله إلى استجواب، كان كفيلاً لوحده بعودة السجالات داخل أروقة المجلس على الرغم من الأجواء التوافقية التي سادت الجلسة النيابية للتجديد لمطبخه التشريعي، إذ تمكن في أقل من 20 دقيقة من إعادة الصورة كما كانت في هيئة مكتب المجلس، والى حد ما في اللجان النيابية، باستثناء تبدلات حبية داخل الفريق السياسي الواحد او الكتل النيابية، فيما اقتصر التغيير على مستوى رؤساء ومقرري اللجان على رئاسة لجنة البيئة بتبادل بين النائبين مروان حمادة واكرم شهيب لصالح الاخير، وتغيير اخر على نفس المستوى بين النائبين احمد فتفت وسامر سعادة لصالح الاخير ايضاً·

وسجل في الملاحظات انسحاب النائب محمد رعد من عضوية اللجان، وكذلك الامر مع النائب عقاب صقر بطلب من نواب <المستقبل> بسبب استمرار غيابه عن لبنان· غير أن هذه الأجواء ما لبثت أن انفرط عقدها تحت تأثير ارتدادات الأزمة السورية، وتلويح النائب حمادة بشن حملة في المجلس وفي السياسة والاعلام وفي كل المحافل للاضاءة على الانتهاكات السورية، وتقصير الحكومة تجاه اللاجئين السوريين واصفاً الشعب السوري بالمناضل، ثم انضمام النائب فتفت إلى الهجوم على النظام السوري، الأمر الذي استدعى رداً سريعاً ومنظماً من نواب 8 آذار، يتقدمهم النائب قاسم هاشم الذي اعتبر ان امن سوريا من امن لبنان، ورداً آخر من النائب علي بزي بعد خروجه من مكتب الرئيس نبيه بري اعتبر فيه ان آخر من يحق له التكلم عن التبعية هو من يلهث وراء (نائب وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط السفير جيفري) فيلتمان، معتقداً بأن ذلك شرف وديمقراطية·

تحرك مستقبلي

لملاحقة الخطف

وبحسب مصادر نيابية في كتلة <المستقبل> فان الكتلة وضعت برنامجاً للتحرك، لطرح موضوع خطف السوريين الأربعة من ال الجاسم الذين خطفوا على يد جهاز أمني يعمل مع السفارة السورية في بيروت، على مستوى لجنة الدفاع النيابية التي يتولى رئاستها النائب سمير الجسر، في حال أوقفت لجنة حقوق الإنسان النيابية اجتماعاتها لمتابعة هذه القضية، من خلال استدعاء مدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا للاستماع إلى معلوماته، علماً أن التحقيق بالموضوع مجمد لدى المحكمة العسكرية منذ شباط الماضي·

وأوضح عضو اللجنة النائب غسّان مخيبر بأنه يأمل بأن تنعقد اللجنة (حقوق الانسان) يوم الخميس، فيما قال عضو اللجنة الآخر النائب اكرم شهيب انه تحدث مع رئيس اللجنة النائب ميشال موسى وطلب منه أن تنعقد اللجنة هذا الأسبوع·

وقال مخيبر أن المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء اشرف ريفي استدعي للجنة ليعطي أجوبة، وليس ليسكت، وبالتالي لو سكت لكان عليه مسؤولية أياً كان المسؤول أو مرتكب الحالة الجرمية، مشيراً إلى أن الجرم خطير وغير مقبول، وهو ينتهك القانون اللبناني والسيادة اللبنانية·
 
لقاء كرامي – عون

على صعيد آخر، عقد مساء أمس لقاء سياسي لافت في دارة الرئيس عمر كرامي في الرملة البيضاء، ضمه والنائب ميشال عون والوزيران فيصل كرامي وجبران باسيل·

ولئن لم يكشف النقاب عن أسباب هذا اللقاء والأهداف التي رمى إليها عون من وراء هذه الخطوة، عدا عن الشكوى من أداء الحلفاء في الحكومة إزاء قضية التعيينات بحسب ما اشارت <اللواء> أمس، فان عون حاول أن يحصر تبادل وجهات النظر بينه وبين كرامي في قضايا الموازنة، والأجور وقانون الانتخاب، ومواضيع مختلفة أخرى منها الإقليمي والدولي والمحلي، مشيراً إلى أن التواصل ضروري لنكون على تنسيق تام في المواقف، في حين ان كرامي آثر عدم تحديد موضوع معين، باستثناء تأكيده بأن <ما يحدث حولنا في الربيع العربي يحتم على أن يكون لبنان حذراً جداً في مواقفه، وأن لا يتدخل في شؤون أحد إلا في ما يخص الاستقرار والأمن والأمان والازدهار الاقتصادي>·

وكان عون قد أكّد بعد اجتماع تكتل <التغيير والاصلاح> أن <لا مأزق في ما يتعلق بتمويل المحكمة لأن هناك شخصاً يريد أن يدفع> سائلاً <من أين للمحكمة حق لندفع لها من دون وجود اتفاقية، ورد على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن أن لبنان في حال لم يدفع للمحكمة يكون بذلك يخدم إسرائيل بالقول: <لبنان لابس كل ثيابه، ومن يتنازل عن السيادة هو الذي يعريه>، مضيفاً <أنا أقف بكل جرأة اقول لا اريد أن ادفع، ولا اخضع لمنطق التخوين>·

الموازنة في

مجلس الوزراء

ومثلما كان متوقعاً، فقد تجنّب مجلس الوزراء في أوّل جلسة له لمناقشة مشروع قانون الموازنة العامة، والتي لم تستغرق أكثر من ساعتين ونصف الساعة

البحث في موضوع تمويل المحكمة، واقتصرت الجلسة على عرض من وزير المال محمد الصفدي لفذلكة الموازنة التي تقع في 25 صفحة فولسكاب من اصل1038 هي كامل مشروع الموازنة الذي وزّع على الوزراء في قرص مدمج·

وضمن هذه الفذلكة، تمّ عرض العناوين العريضة لمشروع الموازنة بحيث قدرت نسبة العجز بـ 29،66 في المئة اي 9 في المائة من الناتج القومي، مع توقع جباية بقيمة 4816 مليار، وخدمة الدين بـ 5 آلاف و812 مليار ليرة اي بزيادة عن السنة الماضية بحوالى 36 مليار ليرة، بالاضافة الى ان اكبر مبلغ من الانفاق هو على الرواتب والاجور للموظفين وهو 6 آلاف و294 مليار ليرة·

واشار وزير المالية الى ان القرار بزيادة الاجور في القطاع العام ستزيد هذه الكلفة بما يقدر بين 400 و500 مليار ليرة (لأنها تشمل رواتب واجور ومتقاعدين وزيادة ايجارات على الدولة)·

وفي اطار الايرادات، تضمنت فذلكة الموازنة اشارة الى فرض ضريبة على العقارات، وزيادة الضريبة على القيمة المضافة من 10 الى 12 نقطة، وضريبة على تسوية مخالفات البناء، مع رفع الضريبة على فوائد الحسابات لدى المصارف من 5 الى 8 في المئة·

وأول اشارة الى تمويل المحكمة اورده وزير المال في عرضه للفذلكة في الصفحة 9 تحت عنوان: تنفيذ التزامات الدولة عبر سداد المستحقات المترتبة على الدولة للقطاعين العام والخاص وللخارج·

ومما ورد في البند:

<إعادة لحظ قانون برنامج جديد لتأمين مساهمة لبنان في نفقات المحكمة الدولية ذات الطابع الدولي الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري بمبلغ قدره 108 مليارات ليرة موزع على سنتين حدد فيه اعتماد الدفع للعام 2012 بمبلغ قدره 61 مليار ليرة والوارد اصلا في مشروع موازنة العام 2010>·

واوضح عدد من الوزراء ان اي نقاش لم يتم حول هذا البند، وان كل ما تقدّم به الوزراء كان عبارة عن ملاحظات وتحفظات عامة، منها مثلا ما تقدم به وزراء تكتل التغيير والاصلاح على الضرائب وتحديداً الاستهلاكية، مثل الضريبة على القيمة المضافة التي تبلغ كلفتها الحقيقية 15 في المئة ورسوم المرفأ وورق الطوابع وغيرها·

واوضحت مصادر وزارية ان النقاش كان على <ضفاف الموازنة> ولم يدخل في صلبها، وان ملامح التأجيل ومدّ النقاش فترة طويلة بدت من الجلسة الاولى خصوصا مع رفع الجلسة دون تحديد موعد للجلسة الثانية المخصصة للموازنة، فضلا عن اقتراحات بتشكيل ورش عمل بين الوزارات ووزارة المال لطرح الملاحظات وتقديم الاقتراحات، وبمتابعة امور معيّنة بين رئاسة الحكومة ووزير المال·

وعلم ايضاً ان وزير العمل شربل نحاس قد اطلع مجلس الوزراء على مواقف كل من الاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية من مرسوم زيادة الاجور وغلاء المعيشة، دون ان يتغيّر شيء في مضمون القرار او المرسوم الجاري اعداده·

ولدى مغادرته، قال وزير الطاقة جبران باسيل للصحافيين: <طالما انهم يعلمون ان مشروع موازنة كهذا لن يمشي، فلماذا تقدموا به؟>·
 

السابق
القنطار: اطلاق الاسرى دليل ان المقاومة هي طريق التحرير
التالي
الحياة: نواب 14 آذار يثيرون خطف سوريين و8 آذار ترد بالدعوة إلى وقف التحريض