إضراب اليوم..والأهالي جزء من المعركة

إضراب أم لا إضراب؟ هذا هو السؤال اليوم. التباين على أشده، بين هيئة التنسيق النقابية، التي دعت إلى إضراب عام من جهة، واتحاد المؤسسات التربوية الخاصة، الذي أعلن فتح أبواب المداراس كالمعتاد. نقيب معلمي المدارس الخاصة، نعمة محفوض توقع «إضراباً شاملاً اليوم»، فيما «تحفّظت» بعض المدارس الخاصة على مشاركة أساتذتها فيه، من دون أن تحسم عدم المشاركة بصورة نهائية

بعيداً عن حسابات النقابيين، بدت المدارس الخاصة «مرتبكة» إلى حدٍّ بعيد، حتى ساعة متأخرة من ليل أمس. ففي صيدا، أكد مسؤولون إداريون، في أكثر من مدرسة خاصة، مشاركتهم اليوم، في التجمع أمام المركز النقابي، في المدينة، كما هو مقرّر في المناطق اللبنانية، كما أعلن نقيب المعلمين نعمة محفوض، خلال مؤتمره الصحافي. وجنوباً أيضاً، حيث ساد جو من الالتباس، في ما يخص مشاركة «مؤسسات أمل التربوية »، نقلت مصادر متابعة أن أساتذة تلك المدارس سيضربون «إذا لم يتحول الاعتصام إلى منافسة للهجوم على الاتحاد العمالي العام ورئيسه غسان غصن». على نحو عام، فإن اتحاد المؤسسات التربوية العام، لا ينوي الإضراب. فقد أعلن ذلك، كما أشارت مراسلات داخلية في اتحاد المدارس الكاثوليكية، حصلت «الأخبار» على نسخة منها، إلى أن «المدارس الكاثوليكية ستفتح أبوابها الأربعاء (اليوم ) كالمعتاد، لكنها لا تستطيع إجبار الأساتذة على إعطاء حصص تعليمية». وتتطابق هذه المراسلات، مع معلومات النقيب محفوض، الذي يأمل مشاركة تامة وحاسمة من أساتذة المدارس الخاصة، بعد توافر معلومات لديه تؤكد حصول ما يشبه «الانتفاضة» في صفوفهم، اعتراضاً على «ضغط بعض الإدارات عليهم وإجبارهم على عدم المشاركة في الإضراب». وفي هذا السياق، لفتت مصادر في إدارات مدارس خاصة، أساتذتها المشاركين في الإضراب، إلى أنها لا تحوّل الأمر إلى «سجال» مع الأساتذة، وأنها طلبت من تلامذتها «الاستماع إلى نشرات الأخبار المسائية»، وإذا «استمرّ الإضراب فإن المدارس ستداوم صباحاً على مستوى الهيئات الإدارية من دون حصص تعليمية». 
أما نقابياً، فالتحرّك، في شقه التربوي، سيتصاعد تدريجياً. اليوم إضراب مدرسي عام، وغداً مؤتمر نقابي شامل. الأساتذة مدعوون إلى عدم الحضور إلى المدارس الرسمية، والخاصة أيضاً. الجميع في هيئة التنسيق النقابية مشارك. الأمور واضحة بالنسبة إلى الهيئة، ورئيسها، حنّا غريب، يبدو واثقاً أكثر من أي وقت مضى، بمشاركة واسعة لجميع الأساتذة في الإضراب اليوم. طبعاً، لا يتوقع المعلمون أن يؤدي إضرابهم احتجاجاً على «الزيادة المذلة للأجور» أخيراً، إلى تغيير قرار الحكومة بين ليلة وضحاها، لكنهم، من «أصحاب السوابق» في التحركات النقابية. يعرفون جيداً أن الطريق طويلة، وهم يخططون، للوصول إلى المؤتمر النقابي في 30 من الشهر الحالي، بمعنويات مرتفعة، والتفاف كثيف حول المطالب النقابية. وفقاً لغريب، الرهان اليوم، على «صحة الموقف» وطبعاً، على «التجارب السالفة». الأساتذة، يعرفون جيداً، أن التجربة الأخيرة، التي «قطفوا» فيها أربع درجات ونصف درجة، هي السبيل الوحيد إلى نيل حقوقهم.

رهانهم يبدو الأقرب إلى الربح، فالجميع متضرّر من الزيادة الأخيرة على الأجور. زيادة بات معروفاً أنها لم تراع الأقدمية، أو التراتبية الوظيفية، لا بل حرمت فئة كبيرة من الموظفين، والعمال، وتالياً الأساتذة، زيادة مستحقة للأجور. بهذا الزخم، تنزل هيئة التنسيق اليوم إلى «الميدان». المطالب واضحة: زيادة منقحة ومعدلة، عن الزيادة الأخيرة «المهزلة»، تُعتمد فيها النسب المئوية على الشطور. 60% على الشطر الأول، 40% على الشطر الثاني، و20% على الشطر الثالث. الأرقام لا تحتمل التباساً اضافياً، ويجب تجاوز التضخم الحاصل، الذي جعل الزيادات السابقة «حبراً على ورق». زيادات بلا فائدة، وأرقام هزيلة. وهنا، يذكر غريب الأهالي، بأنهم «جزء من المعركة». يطلب منهم ألا يرسلوا أولادهم إلى المدرسة. الاقتصاص يطاولهم. يطاول أولادهم. وإذا لم يُعمل على تحرير السلاسل والدرجات واعتماد السلم المتحرك للأجور، فلن يتغير شيء. يجب استعادة التعويض العائلي على أساس 75% من الحد الأدنى الجديد للأجور، وبدل النقل على أساس 2% من الحد الأدنى للأجور، عن كل يوم عمل، وخصوصاً أنّ المعلمين والموظفين يلتزمون دفع الضرائب والرسوم على أساس النسب المئوية. واللافت هنا، أن مقاربة وزير العمل، شربل نحاس، أكثر «عُماليّةً» من مقاربة الاتحاد العمالي العام. تستغرب مصادر في هيئة التنسيق، أن «يخطط نحّاس لإضافة هذه الإصلاحات على أساس الراتب، وتالياً، لإدراج قيمتها في تعويض نهاية الخدمة»، بينما يقبل الاتحاد قراراً حكومياً «مهيناً» لا ينصف جميع العمال.

وتلاقي عايدة الخطيب، من رابطة التعليم الأساسي، النقابي غريب في توقعاته، لكن الخطيب تلفت إلى «استياء» في الرابطة، من محاولات «البعض» ضرب التحرك النقابي والالتفاف عليه. فهم، في الرابطة، يعرفون جيداً «الطريقة التي تتعامل بها الحكومات التي تعاقبت مع الملفات المشابهة». وعلى الأرض، يتوقع نقيب المعلمين، أن يشهد لبنان اليوم «أنجح إضراب في تاريخه». فمعدلات التضخم الآخذة في النمو، بلا توقف، باتت لا تحتمل. ويمكن الاستنتاج أن أحوال الرواتب نسبياً ما زالت على حالها منذ 1967. كان ذلك عام النكسة، لكن لا أحد في هيئة التنسيق النقابية يتوقع «نكسة» اليوم. المعركة لتوها بدأت. وعلى الأرجح، ستتضح الصورة اليوم، وسيظهر جلياً، المُمسك الحقيقي بدفة القيادة في المعركة النقابية. فبعدما قبِل «الاتحاد العمالي العام» الزيادة الأخيرة، القريبة إلى «التسوية» مع السلطة، أكثر مما كانت «استثماراً» لحراك نقابي حقيقي، عادت هيئة التنسيق النقابية إلى الواجهة، إلى المعركة. وحتى الآن، أساتذة المدارس الخاصة، في تلك المعركة، لا يبدون محايدين إطلاقاً 

السابق
1027 مبروك…لكن
التالي
مدير معهد جويا الجامعي للتكنولوجيا طعمي عواضة: نحن الأول في منطقة صور والجنوب