أين ولماذا فشل الاحتلال في قضية شاليط؟

في الوقت الذي تدخل فيه عملية تبادل الأسرى، التي أُجبرت خلالها اسرائيل على تجاوز كل الخطوط الحمراء، إلى حيز التنفيذ، برز حديث اسرائيلي عن تنفيذ المؤسسة الأمنية «فحصاً داخلياً» سرّياً ومعمّقاً يُركز على طرح مسألة: كيف ولماذا فشلت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في محاولة إنقاذ جندي رغم أسره لأكثر من خمس سنوات؟

ويبدو من الإجابات التي قدّمها عدد من الخبراء الإسرائيليين حصول جيش الاحتلال على حصة الأسد في الفشل، يليه الشاباك، وفق ما أورده العقيد احتياط رونين كوهن، في مجلة الدفاع الإسرائيلية. وأورد كوهن، الذي شغل عدّة مناصب أمنية واستخبارية في «أمان»، ستة أخطاء أساسية قادت إلى هذا الفشل. الخطأ الأول يعود إلى رئيس الأركان السابق دان حالوتس، الذي نقل في صيف 2006، بعد نحو أسبوع على عملية أسر جلعاد شاليط، مسؤولية وقيادة «الملف» إلى الشاباك. وبحسب كوهن «أدى هذا القرار البائس، فعلياً، إلى وضع لم يتحمّل فيه الجيش مسؤولية ملف شاليط، باستثناء دعم استخباري وتخصيص وسائل ما والإفادة دورياً عن آخر التطورات. وعندما مرّ وقت طويل وبدا أن الشاباك يواجه مأزقاً، لم يفعل الجيش شيئاً».
والخطأ الثاني، يعود إلى رئيس الأركان السابق غابي أشكينازي. وفيما يبرّر كوهن عدم عودة حالوتس إلى مناقشة قراره من قضية شاليط بحقيقة انشغاله بالتطورات التي حصلت لاحقاً، وأهمها عملية الأسر التي نفّذها حزب الله، والتي أدت إلى حرب لبنان الثانية وتبعتها لجنة «فينوغراد» ثم استقالته، يشير الى انه كان لدى أشكينازي فترة ولاية كاملة لتغيير القرار، لكن كان يبدو أنّه من المريح له إبقاء «البطاطا الملتهبة» بيدي الشاباك والتهرّب من المسؤولية. 
الخطأ الثالث الذي يُسجّل ضدّ أشكينازي أيضاً، يتعلق بمقولته العلنية إنه ليس هناك أي طريقة عسكرية لتحرير شاليط، لأنّ مقولة من هذا النوع مناسبة فقط لأولئك الذين يتحمّلون مسؤولية «الملف» وحاولوا وفشلوا. والخطأ الرابع أيضاً من جانب أشكينازي، يتعلق بعدم استغلال عملية «الرصاص المصهور» لتنفيذ عملية إنقاذ شاليط، أو على الأقل القيام بمحاولة ما في هذا الشأن.
الخطأ الخامس يعود إلى «أمان»، وتحديداً إلى رئيسها ورئيس دائرة الأبحاث فيها السابقين، اللذين أطلقا التهديدات لقادة المؤسسة الأمنية والسياسية في إسرائيل من خلال رفضهما على نحو أساسي عملية عسكرية من خلال خطة مساومة لكي لا تتضرّر إنجازات عملية «الرصاص المصهور». ويرى كوهن أنّه تقع على عاتقهما مسؤولية الفشل الاستخباري، رغم حقيقة أنهما لم يتحملا مسؤولية ملف شاليط.

أما الخطأ السادس، فيعود إلى الشاباك، الذي كان يجب عليه، بحسب كوهن، المبادرة إلى إعادة المسؤولية عن ملف شاليط إلى الجيش الإسرائيلي، بعدما فشل سنوات في محاولة تحديد مكانه.
في السياق نفسه، يقول رئيس تحرير مجلة الدفاع الإسرائيلية، المتخصصة في الشؤون العسكرية والأمنية، عامير ربابورت، إن سلسلة الأخطاء بدأت بعد يوم واحد فقط من أسر شاليط في حزيران 2006. ويروي أن ضابطاً رفيع المستوى في الجيش الإسرائيلي التقى في ذلك اليوم رئيس الحكومة حينها إيهود أولمرت، واقترح عليه إدارة مفاوضات مباشرة مع «حماس».
وأوضح الضابط قائلاً إن الساعات والأيام الأولى بعد عملية الأسر مصيرية. وأضاف «الخاطفون بالتأكيد مصدومون ومُربكون، هم لا يعرفون بعد ما العمل مع الثروة التي بين أيديهم. حتى لو لم يكن هناك نية للاستجابة لطلباتهم، أو ربما لإدارة مفاوضات حقيقية معهم، فإن الأمر كان يستحق خلق مشهد من مفاوضات كهذه».

ويشير ربابورت إلى أن الكلمات التي قالها الضابط بدت منطقية لأولمرت، لكنه لم يكن قادراً على تطبيقها، لأنه سمع كذلك موقفاً مغايراً بالمطلق من رئيس هيئة الأركان العامة في تلك الأيام دان حالوتس بنفسه. فقد قال حالوتس لأولمرت إن الخطف هو فرصة لإحلال نظام جديد في غزة ومعاقبتها. ويضيف ربابورت إنّ الأخطاء استمرّت مع قرار إدارة مفاوضات مع «حماس» لإعادته. ومن هذه الأخطاء، قرار عوفر ديكل، نائب رئيس الشاباك في السابق، الذي عيّنه أولمرت لتنسيق المفاوضات، بالمراهنة على مصر كوسيط لا على ألمانيا. خطأ آخر، يشير إليه ربابورت، ويلتقي فيه مع كوهن، كان في إلقاء مسؤولية الكشف عن مكان شاليط على كاهل الشاباك، لا الجيش. 

السابق
رحال: لملاحقة الحكومة ما يجري في طرابلس ووضع حد له
التالي
lحاولة الاغتيال الإيرانية تدق ناقوس الخطر