بين مثيرات جنبلاط واستجابات سورية

 خالف النائب وليد جنبلاط في إطلالته الأخيرة عبر شاشة "المنار" توقّعات الكثير من المشاهدين المنتظرين كلامه، بعد لقائه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. إذ انتظروا أن تصدر مواقف زائر "حارة حريك" بعد لقائه السيد، عبر شاشة "المنار" في سياق أقرب إلى قوى المقاومة والممانعة منه إلى الولايات المتحدة الأميركية وبقايا دول "الاعتدال" العربي.
إلّا أن جنبلاط فعل ما أراد، موجهاً رسالة ملتبسةً ومزدوجة إلى من يهمهم الأمر سواء في الداخل اللبناني من بوابة "إقليم الخروب" (حيث يسكنه هاجس الدوائر الانتخابية والأصوات الزرقاء)، أو الى الخارج بدءاً من المملكة العربية السعودية التي أشاد بإصلاحات ملكها "المتواضعة". فيما لم ير في الوقت عينه ورشة الإصلاحات السورية الكبيرة التي أجراها الرئيس بشار الأسد على المستويات الاقتصادية، والاجتماعية والسياسية كافة.
إلى هنا تبدو مواقف بيك "المختارة" في سياق واحد متجه نحو الغرب الأميركي، عبر البوابة السعودية التي لم يوفر سعدها الحريري برسالة "الرغبة في اللقاء والتعاون".
إلا أن ازدواجية الموقف، بل فخ الالتباس، وقع حين حاول جنبلاط مراراُ التأكيد على "العلاقة الاستراتيجية بين الحزب الاشتراكي وحزب الله" وعلى دعمه ثالوث "الجيش والشعب والمقاومة"، في كلامٍ يناقض سياق كل ما جاء به حيال سورية، وقبلها الولايات المتحدة الاميركية، الراعي الرسمي لما يسمى "الربيع العربي" النائب جنبلاط المعجب بعواصفه.
وتجلى هذا الالتباس في عجزه عن الرد على السؤال الآخير "لو أن فيلتمان واللواء محمد ناصيف يسمعانك الآن فمن سيكون أكثر سعادة بكلامك؟".
بلى، فالجواب يعني الخيار بين المقاومة وأعدائها، وهذا ما لم يفعله جنبلاط حتى اللحظة.
كل ذلك عبر شاشة "المنار" لمثيرات أطلقها "بيك المختارة". فماذا في إجابات دمشق عن تلك المثيرات المزدوجة؟
في دمشق يبدو الأمر أكثر وضوحاً، فالجانب السوري لم تفاجئه مواقف جنبلاط الملتبسة، بل على العكس كان يدرك وينتظر حرفياً ما قاله جنبلاط، بل أيضاً ما لم ينطق به من على الشاشة التي أحرجته في كثير من الأسئلة المطروحة.
وتؤكد المصادر السورية "أن سورية تجاوزت الأزمة وليست في حاجة الى جنبلاط في معركتها التي شارفت على خواتيمها السعيدة". وتجزم تلك المصادر ان "صاحب الرادارات السياسية لديه تقديرات مشوشة، وثمة من يرسم له صورة مغايرة لحقيقة الموقف داخل سورية، ولذلك يسلك طرقات وعرة لن توصله الى حقيقة الموقف وصوابيته". وتمضي تلك المصادر السورية الى القول: "لو أن جنبلاط يدرك حقيقة الوضع لما التبس في مواقفه، فسورية ليست على شفير الهاوية بل على قمة الاطمئنان، وبدأت تفكر في ما بعد الأزمة من خيارات".
حول الرسالة المزدوجة لجنبلاط "مع المقاومة وضدّ سورية" يضحك كثيراً أحد العارفين بالسياسة السورية، مؤكداً أنها رسالة فارغة وبلا جدوى. "فلا يمكن لأحد أن يفصل المقاومة عن سورية، وبقية قوى المقاومة والمجابهة". وحول كيفية التعامل مع جنبلاط في المرحلة المقبلة. تبدو سورية حريصة على ضمان استقرار لبنان واستكمال الحكومة لعمرها الطبيعي والمديد. فالفراغ لن يكون في مصلحة الشعب في لبنان وسورية.
اما عن استقبال الرئيس بشار الأسد للنائب جنبلاط فيبدو أن الأمر بات صعباً. فيما لم تغلق أبواب دمشق أمام الوزير غازي العريضي، ولو أن الطريق باتت أطول لوزير الأشغال والطرقات.
اما في ما يخص "فيلتمان" و "اللواء ناصيف" فحتماً فيلتمان هو الأكثر سعادة بكلام جنبلاط، باعتبار أن عنوان المرحلة هو الهجوم على سورية، تمهيداً للانقضاض على المقاومة، لذا كل ثناء على المقاومة هو ضمن التكتيك، لا ضمن الاستراتيجية البعيدة. 

السابق
إيران.. لِمَ لا؟
التالي
«حزب الله» لن يبقى حكرا على فئة!