الاعتراف العربي بالمجلس الوطني السوري!

الخطوة الجريئة التي اتخذها المجلس الوطني الانتقالي الليبي وهو يستكمل تحرير ليبيا من دنس عصابات المعتوه الهارب معمر القذافي بالإعتراف الرسمي و القانوني و الحاسم بالمجلس الوطني السوري كممثل رسمي و شرعي للشعب السوري وهو يخوض غمار ثورته المشتعلة منذ سبعة اشهر والتي لن تتوقف إلا في محطة النصر النهائية و إسقاط نظام الشبيحة البعثي و قيام الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة التي تليق بحضارة و ثقافة و تضحيات الشعب السوري, هي واحدة من أروع الخطوات جرأة للقيادة الليبية الجديدة وهي قيادة إنبثقت من رحم المعاناة الشعبية الطويلة وعبر ثورة شعبية معمدة بالدماء العبيطة ضد واحد من أعتى الأنظمة الديكتاتورية و الإرهابية و التخريبية في العالم و الذي إستمر و تجذر لخمسة عقود سوداء رسمت ملامحها المؤثرة في الجسد الليبي الدامي , كان من الطبيعي جدا و المنطقي للغاية أن ينتصر الثوار للثوار و ان يتضامن شجعان الربيع العربي الذين يصوغون اليوم عقد التاريخ العربي الحديث , ويؤسسون لمستقبل حر لا مكان فيه للقتلة و المجانين الذين حولتهم الإنقلابات العسكرية حكاماً خالدين جاثمين على صدور شعوبهم أو لأنصاف آلهة , مارسوا من التخريب المنهجي و البشع ما سيسطره التاريخ كشواهد غنية على حقبة سوداء و دامية في تاريخ شعوب الشرق القديم , خطوة الإعتراف الليبي بالثوار في سورية و تسليم السفارة السورية لأهل سورية الأصليين هي بمثابة دليل عمل منهجي ينبغي أن يعمم عربيا و أن يكون سابقة يحتذى بها في نصرة الثورة و الإنتصار للثوار , ومن الجميل أن يأتي الإعتراف الليبي الشجاع بالثورة السورية و بمجلسها الوطني بعد ساعات من تهديدات وليد المعلم للعالم من مغبة الإعتراف بإجراءاته الترهيبية التي لا تخيف حتى الفئران! لأن النظام القمعي الذي تعود على قمع الشعب و ادمن خنوع الناس و إنحناءهم و مذلتهم لا يريد أن يرى ابدا ان الزمن قد تغير و أن موسم سقوط أصنام الهزيمة و حرية الشعوب قد أزف , و إن النهاية و الحتمية التاريخية قد آن اوانها و ماعلى الطغاة سوى اختيار طريقة الرحيل قبل أن يتكفل الشعب بتقرير مصيرهم الأسود ,

فلا عاصم اليوم من أمر الله , ولا مناص من ترك المسرح و الإنزواء بعيدا , فمعركة الحرية الكبرى قد حسمت بالكامل , و التغيير الشعبي العاصف قد نزع الشرعية من مغتصبيها و أعادها إلى من يستحقها قولا و فعلا وهو جموع الشعب السوري الذي لايزال يقاوم الفاشية البعثية وهي في نزعها الأخير , لن تفلح أبدا التهديدات العجفاء التي ثبت إفلاسها النهائي , ولن تخيف الشعوب أشباح التهديدات الإرهابية و الدموية , فاللعبة قد إنتهت , و السحر قد إنقلب على الساحر , وجاءت الخطوة الليبية الشجاعة لتساهم أبدع مساهمة في دك حصون الطغيان و إطلاق رصاصة الرحمة على الجبناء , وفي تنبيه الغافلين و المجرمين و الجلاوزة من أن الأحرار لا يهددون أبدا , وبأن الإبتزاز لا مكان له في قاموس الثوار و لا في تصرفاتهم , الكرة الآن في الملعب العربي الذي لا يمتلك سوى خيار واحد لا آخر له وهو دعم الشعب السوري و سحب الشرعية من جلاديه و إعادة الشام الحرة لأبنائها الشجعان الذين سطروا ملاحما بطولية تسامت إلى مستوى الأساطير الحية ,

فشكرا لأحرار ليبيا الشجعان وهم ينزعون ورقة التوت عن بقايا الفاشية المندحرة , و يتضامنون تضامنا نضاليا و إنسانيا و تاريخيا مع أشقائهم في شام المجد و الفداء و البطولة , و يرسخون تقاليد و أخلاق نضالية راقية لا يصل لمستواها الطغاة وعبيدهم , لقد كان النظام السوري بمثابة الحليف الكبير و الستراتيجي لنظام الطاغية الهارب المجنون و أبنائه المسعورين , وكان التآمر الإرهابي بين النظامين عنوانا تاريخيا لعلاقة مشبوهة وتخريبية ستكشف كل أوراقها السرية قريبا , لذلك فإن الإعتراف الليبي الثوري بالمجلس الوطني السوري هو تصحيح حقيقي لطبيعة العلاقة بين الشعبين الشقيقيين , كما أنه دليل عمل مرحلي و مستقبلي للتعاون في مختلف المجالات و في تعزيز الحرية و بناء الديمقراطية وهي عملية ليست سهلة بالمرة في ظل التحديات الميدانية الشرسة , لقد رسمت شعوب الشرق العظيمة معالم طريق الحرية وبات على العالم العربي مسؤولية دعم الأحرار و الإعتراف بدماء الشهداء و سحب الشرعية عن منتحليها , وهو ما يتحقق اليوم بوتائر تاريخية مثيرة للإعجاب, فمرحى لثوار ليبيا الحرة وهم يمدون أياديهم لثوار الشام في مهرجان لبتصر الشعبي العربي الكبير, ولا عزاء للطغاة وعبيدهم و هم ينسحبون من المشهد إنسحاب الذليل المهزوم.  

السابق
الانباء: عون لأنصاره لا تنتظروا جريدة ما بتسوى فرنكين تطلع كل يوم بشائعة
التالي
نفحة حرب.. مقبلة!