قصة سفيرين

النشاط الذي يبديه هذه الأيام السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي يستحق الاهتمام. وآخر إطلالاته أول من أمس كانت من وزارة الخارجية من أجل أن يرد على المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي. في المقابل، ومن باب الفضول الشخصي وَضعتُ اسم "سفير لبنان في سوريا" على خانة البحث في موقع "غوغل" الشهير على الانترنت فتلقيتُ لائحة طويلة من النتائج. لكن برز في مقدمتها أخبار السفير السوري في لبنان! أما أحدث نشاط لسفيرنا في دمشق فيعود الى 4/20/2009 وخلاصته: "اعلن مصدر ديبلوماسي في السفارة اللبنانية في دمشق ان ميشال الخوري وصل الى دمشق".
بالتأكيد لا لوم يقع على الخوري. فهو في النهاية يتلقى تعليمات حكومته التي ليس لديها، ولاسيما لدى الوزير عدنان منصور، أية تعليمات لتزودها السفير في دمشق، مما يحرّك سوء الظن بأن السلطة اللبنانية ليست في موقع إعطاء تعليمات بل تلقي أوامر من السلطة السورية! ليست هناك حاجة الى الحديث عن تاريخ طويل. تكفي العودة الى 7 أيار 2008 الذي نفذ فيه "حزب الله" الغزوة المسلحة على ظهر الاتحاد العمالي العام الذي لا يزال يترأسه السيد غسان غصن. إنه تاريخ يحدد مساراً انحدارياً من التنازلات التي تدفع لبنان قسراً الى واقع تنقلب فيه الحقائق. فمن انتخابات نيابية أنتجت أكثرية من قوى 14 آذار عام 2005 ثم في انتخابات عام 2009 تم فرض واقع حكومي بموجب اتفاق الدوحة أتى ببدعة الثلث المعطل الذي توّجه "الوزير الملك" – المكافأ لاحقاً برئاسة الجامعة اللبنانية – في كانون الثاني هذه السنة بإطاحة اتفاق الدوحة وحكومته والأكثرية النيابية، ليصبح لبنان بعد ذلك ممسوكاً برئاسات ثلاث يقودها حزب النظامين الإيراني والسوري.
إذاً، من نماذج هذه السيطرة الإيرانية – السورية على مقاليد الأمور في لبنان سلوك السفير السوري ضد اللواء أشرف ريفي. وبالتأكيد، احد أعضاء لجنة "حقوق الانسان" النيابية من المنتمين الى 8 آذار زوّد هذا السفير تفاصيل محضر جلسة اللجنة الاثنين الماضي. وفي هذا المحضر قول اللواء ريفي لأعضاء اللجنة ان هناك ملفاً مفصلا رُفع الى القضاء العسكري بمعطيات خطف أربعة مواطنين سوريين اخوة من آل الجاسم بواسطة القوى الامنية المكلفة بحراسة السفارة السورية، وهي معطيات متطابقة مع حادث خطف القيادي البعثي شبلي العيسمي. وبالتأكيد أيضاً ان السفير علي عندما قال من وزارة الخارجية انه يدعو اللواء ريفي الى ابراز دليله على تورط السفارة كان واثقاً من ان ملف الأدلة الموجود في عهدة القضاء العسكري لن يأخذ طريقه الى التحقيق ولا الى النشر.
والسؤال الان: هل يخيب ظن السفير السوري بالقضاء العسكري اذا ما بادر الأخير الى التحقيق في الملف المرفوع اليه من اللواء ريفي؟ في حال فتح التحقيق وظهرت النتائج هل سيبادر سفيرنا في دمشق الى حملها الى وزارة الخارجية السورية؟ ستكون معجزة عظيمة إذا حصل ذلك.

السابق
لا ربط بين حسم الأوضاع في مصر وليبيا والموقف من سوريا
التالي
رسالة قلقة إلى السيد رجب طيب أردوغان