والمعارضة شريك مضارب !

لمن أسف شديد فعلاً ان يسفر مشهد القرار المعاند لأفرقاء الأكثرية الحكومية في ملف الأجور، ليس عن إخفاق هؤلاء وحدهم في الاختبار الاجتماعي الذي يزعمون أنهم أم الصبي فيه، بل أيضاً عن وجود شريك مضارب لهم في هذا الإخفاق هو فريق المعارضة نفسه.
ذلك الغياب الفادح للمعارضة عن الملف الاجتماعي في ليل المفاوضات وقرارها المرتجل لم يكن أقل تعثراً وجسامة من تسرّع الحكومة وتخبطها. بل ان الأمر يستدعي مساءلة المعارضة أين كانت تغط في تلك الغفلة؟ لقد فوّتت المعارضة فرصة ذهبية ثمينة في إثبات التصاقها بملف هو الأشد توهجاً في هموم الناس وأولوياتهم، مثلما فوتت إثبات قدرتها على اتخاذ مبادرات فورية تواكب النبض الشعبي وتذهب في مماشاته الى حدود إمكان إسقاط الحكومة. فلحظة النزول الى الشارع في ملف كهذا ما كانت لتحسب على المعارضة لو حصل الأمر إلا في إطار اللعبة المشروعة، ما دامت القوى العمالية والنقابية هي صاحبة الدعوة وليس "الفريق المخرب" المعارض.  
ليس ثمة ما يثير السخرية أكثر من نعت فريق 8 آذار لخصومه المعارضين بأنهم "مخربون" في معارضتهم فيما الحبر لم يجف بعد عن اعتصام عطل البلاد 18 شهراً تحت وطأة خيم 8 آذار في وسط بيروت قبل سنوات قليلة.
لكن في المقابل ليس ثمة ما يثير الإحباط أكثر من معارضة عجزت على رغم كل معاركها الكبرى المتعاقبة والصعبة عن اكتشاف نقطة الضعف في مسارها الاجتماعي.
موالون شعبويون الى حدود الاصطدام بالحقائق والوقائع المجردة والسقوط في اثمانها. ومعارضون جامدون الى حدود احتراف تفويت الفرص. هكذا هو المشهد الاجتماعي الذي جاءت السقطة الحكومية لتشهره على الناس.
ليس مهماً احتساب الخسائر والأرباح في هذه الواقعة، خصوصاً متى عزّ العثور على رابح واحد فيها. في المقلب الأكثري كلهم خاسرون حتى أولئك الذين درجوا على اصطناع أدوار العرابين، بل ان هؤلاء كشفوا خداع الازدواجية التي تتحكم بالقرارات التي تحتاج الى "سياسة دولة" لا الى صفقات عشائرية.
وفي المقلب المعارض كلهم غائبون ويحلقون في فضاء رتيب لم يعد ممكناً معه تجاوز هذه العلة المقيمة في تكوين المعارضة وسلوكها وسياساتها حتى لو ظنت أن ثباتها على الأولويات السيادية يكفيها شرّ المساءلة في الملفات الأخرى.
فمن قال إن أكثرية كهذه لن تجد في معارضة كهذه خير حليف ما دام أي صوت معارض وازن لم يستفق في ليل القرار الحكومي المرتجل لتلقف هدية من هذا العيار؟  

السابق
أسود:المدرسة الحريرية قبلة جنبلاط
التالي
الجمعيات في النبطية… واقع مشتت في ظل هيمنة سياسية وحزبية خانقة !!