كيف يثق أبناء النبطية بمستشفيات المنطقة وهي هكذا؟؟

يرتفع في النبطية مؤشر عدم الثقة بمستشفياتها، والنتيجة نزوح طبي باتجاه صيدا وبيروت، فالولوج الى عمق المستشفيات يكشف حجم الترهل داخلها، اما الاسباب فتتراوح بين تحول المستشفى الى مرتع تجاري تُرتكب داخله أخطاء فادحة وبالجملة، وزيادة الفاتورة الاستشفائية، وصولاً الى الأخطاء الطبية والملفات الوهمية، ناهيك عن تعاقد الأطباء مع شركات الأدوية. وعلى طريقة مستشفيات النبطية "ودع أهلك وادخل"، تراجعت ثقة الجنوبي بالأطباء، أمام واقع مليء بالأخطاء أصبح من المعيب السكوت عنها. فهل باتت مستشفيات النبطية مستوصفات، أم ان ما يحدث "تشويه للواقع"؟.

من النبطية الى صيدا فبيروت در، اتجاه بات إجباريا لمرضى فقدوا ثقتهم بطبابة بُنيت على مذبح شهرة ينام عليها طبيب تحول الى غير مبال سوى بحصد الاموال، غير آبه لاخطاء ارتكبها. فقدت منتهى ثقتها بأطباء "هدفهم الأول الربح"، هي خسرت والدها جراء الاهمال وهشاشة التشخيص الطبي، حالة مماثلة لدى رانيا التي فقدت والدتها نتيجة طيش احد صيادلة المدينة
مستوصف متطور

توجد في النبطية ستة مستشفيات هي: النبطية الحكومي، النجدة الشعبية، الشيخ راغب حرب، الحكمة، غندور، والجنوب. ثلاثة منها مجهزة باحدث الوسائل والمعدات، ومع ذلك فان رشيد يراها "لا تترقى الا الى مستوصف متطور ليس اكثر".
يحمل معظم سكان النبطية الذين استطلعنا آراءهم صورة قاتمة عن المستشفيات ويعود ذلك الى مجموعة من الأخطاء المرتكبة ومنها ملفات المرضى الوهمية والأخطاء الطبية، ففي "زوطر الغربية" مأساة طبية حاضرة لم تضمد بعد، رجل خمسيني مات تحت غفوة طبيب، وفي "الدوير" أيضاً تتكرر مأساة وجع لم يبرد بسبب هفوة إهمال بسيطة. قصص كثيرة فلمياء "هربت" من مستشفيات النبطية التي اوقعتها ضحية غسيل كلى دائم الى مستشفى في صيدا، تقول "انفجر انبوب المصل مرتين، ونزف الدم اثناء الغسل، ويستخدمون معدات لا تصلح".

الثقة بالطبيب

صنف رئيس رابطة اطباء النبطية الدكتور جمال علو مستشفيات النبطية "انها من المستشفيات الدرجة الاولى"، الاّ انها وبحسب المواطنين من الدرجة الرابعة أو أقل، وبالنسبة الى ثقة المواطن بالأطباء، يقولون "خبرتهم مادية وليست أخلاقية، يتكتمون عن المآسي بألوان حزبية، واخرى تأخذ طابعا خاصا لا يحمي حرمة مواطن".

ليس مغاليا اذاً القول ان مستشفيات المنطقة اصبحت "وهما"، فحين تحمل ملفك الطبي الى اكثر من طبيب داخل النبطية، كل يشخصه من منظاره، يصف الأدوية التي تدر عليه أرباحا، نتيجة تعاقده مع بعض الشركات. وحسب عباس أن مستشفيات النبطية لا تؤمن ضمانة صحية للمريض، فقط هي مجرد مسكن للوجع".

وأمام هذا الواقع فان الطبيب قد فقد "ثقافة أبقراط" الطبية وتعاليمه، وتحول الى "دكانة تجارية"، اللهم الا ممن يزاولون المهنة بضمير، ولكن لماذا انعدمت الثقة بمهارة الطبيب، وفقدت المستشفيات صورتها المتطورة من منظار المريض؟ وأي واقع ينتظر العالم الصحي اليوم، في ظل تسجيل كل يوم اخطاء طبية أصبح من المعيب السكوت عنها؟.

مأساة انسانية

أما سامر فيرى انه ثمة مأساة انسانية تحصل كل يوم في مستشفيات النبطية، ويلقبها بـ"مستشفيات فوت وموت، أو ودع اهلك"، ولا ينكر سامر وجود "اطباء كفء ولكنهم عدد أصابع اليد، ويحتاج المريض انتظار 10 ساعات، ليصل موعده الذي يأخذه قبل شهرين، وحين ييأس المريض من الانتظار يلجأ الى هذا المستشفى او ذاك، رغم علمه مسبقا أنه لن يأخذ نتيجة شفاء، بل مسكنا لا أكثر، من يريد أن يُشفى يذهب الى صيدا والى أبعد من صيدا".

ويرى الناشط وسيم بدر الدين أن "الواقع الطبي بسلبياته يُمثل الوجه البشع للجشع والطمع واللاانسانية، إذ لا توجد محاسبة، وبين الوجهين هناك ناس يموتون". تضيع الأسباب في دهاليز صورة واقع مرير، ويعيش المواطن حالة صراع كبيرة ، نتيجة "لدعس" حقه، على حساب طبيب تحميه نقابة لا تحاسب من يخطئ، بل هناك الكثير من الحالات التي تعالجه على الطريقة اللبنانية" لفلفلتها"، على حساب مواطن لا يعرف الى أين يلجأ؟.
 
أخطاء طبيعية

يجيب رئيس رابطة اطباء النبطية جمال علو على كل ما سبق ذكره، بقوله "ادعاءات المرضى بنعي الثقة بالجسم الطبي في النبطية، نابعة من تشويه لهذا الواقع، الذي يقدم خدمات جيدة، ويملك طاقما طبيا ذا كفاءة طبية عالية"، ويضيف "لا توجد أخطاء طبية فادحة، هناك مضاعفات طبية تحصل وهذا أمر طبيعي، ولكن إن حصل خطأ طبي فالمسؤولية تقع على الطبيب والمستشفى في آن ومن يخطئ، ويثبت عليه الخطأ يعاقب من قبل النقابة، ويحكم عليه باعادة التأهيل في مراكز طبية علمية متطورة، ويتوقف عن العمل".

يتابع علو "المريض يسوق لما يراه يخدم مصالحه، يحب الوجاهة، يريد مستشفى signee، لا يلتفت الى أن مستشفيات النبطية تقدم أرخص فاتورة استشفائية، رغم أن السقف المالي المرصود للمستشفيات لا يوازي مستشفى في صيدا، ولكن سرعان ما يتنبه الى أن هناك أزمة سرير، فكيف يعقل أن يكون هناك عدم ثقة، ولا يوجد سرير فارغ".

امام هذا الواقع على من تقرأ مزاميرك يا داوود، فالاحزاب تتدخل، ومعها تتكتل السياسة ضد الحلقة الأضعف "المواطن"، يثبت يوسف ما يُقال عن اهمال مستشفيات النبطية وتدخل الأحزاب، "منعت من رفع قضية على أحد الاطباء الذي أودى بحياة والدي، لأن الملف حُجب عني أو بالأحرى طلب مني ملازمة الصمت لقاء مغريات مالية كي لا اتكلم وافضح ما يجري في المستشفيات، من اعمال يشيب لها الرأس".

ويسأل يوسف كما غيره من المواطنين "متى ينتهي هذا الصمت والى متى يفسد الحجر كرامة المواطن، ومن يرمم الثقة مجددا بواقع طبي انحرف الى حد ما عن غايته؟. 

السابق
تحركات وورش عسكرية للعدو على تخوم مزارع شبعا
التالي
ازدياد عدد لمنتحرين الروس