الراي: شركاء ميقاتي زرعوا له لغم الإضراب

تجاوزت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي قطوع الاضراب العمالي الذي عُلِّق قبيل التسليم والتسلّم بين الثلاثاء والاربعاء، لكن جرّة التضامن الوزاري لم تسْلم وجاءت صيغة تسوية اللحظة الاخيرة لتزاوج بين غضبة فريق من داخل الحكومة عليها ورفض قسم من الجسم النقابي للزيادة المذلة مصوباً سهامه على الاتحاد العمالي العام والوزارة معاً، فيما ذهبت الهيئات الاقتصادية الى التبرؤ  من الزيادة الانتحار وعدم الالتزام بها.

ولان كل شيء في لبنان سياسة، بدا ان ملف تصحيح الاجور مغمس فيها من رأسه حتى أخمص قدميه، اي من بداية طرح مطالب رفع الحد الادنى للاجور وزيادة الرواتب حتى نهاية الكباش، الذي خرج منه الاتحاد العمالي العام مهشماً في صدقيته امام مَن يمثّلهم بعدما وافق على تعليق الاضراب رغم عدم تحقيق غالبية مطالبه، والجسم النقابي مصاباً بـندوب في وحدته بعدما اعلنت بعض النقابات انتفاضتها، والهيئات الاقتصادية متوعّدة بإضراب ضدّ الزيادة. اما الحكومة، التي تقف اساساً على ارض مهتزّة، فأنقذها القرار الكبير الذي رسم امام الاتحاد العمالي خطاً احمر عريضاً يمنع حشرها في الزاوية عبر إضراب لم يكن ممكناً قراءته لو حصل الا على انه سهم موجّه الى قلبها من داخلها، في ضوء الارتباط الوثيق بين الاتحاد وأطراف في الحكومة. 
ولان «المكتوب كان مقروءاً من عنوانه، اذ كانت كل الدوائر السياسية متيقنة من الا افق للتلويح بالاضراب الذي سيعلَّق «بقوة» السياسة وموجبات إبقاء الحكومة «على قيد الحياة»، ثمة مَن سأل عن مغازي هذه «المعركة» التي أفرزت حلاً صار بدوره مشكلة، داخل الحكومة، وبين الجسم العمالي، وبين الهيئات الاقتصادية والعمال والحكومة التي اعلن رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن انها كادت أن تفرط نتيجة العراك الكبير حول المطالب العمالية.

وتبعاً لذلك، رأت دوائر سياسية، ان رئيس البرلمان نبيه بري، صاحب «اليد الطولى» في «العمالي العام»، والذي كان وراء رمي لغم المطالب العمالية بهذا التوقيت ثم «تعطيله» في اللحظة الأخيرة، أراد ومعه فريق من الاكثرية توجيه رسالة الى ميقاتي بانه لا يقف على ارض صلبة، وذلك على خلفية ام المعارك، وإن الصامتة، التي تدور حول موضوع المحكمة الدولية وتمويلها الذي كان رئيس الحكومة جزم امام المجتمع الدولي خلال ترؤسه جلسة لمجلس الامن بان لبنان سيفي بالتزاماته حياله، قبل ان يعلن حزب الله لاءاته لسداد حصة لبنان من موازنة المحكمة ثم «ينسحب» من التعليق على هذا الملف الذي انتقل الى دائرة «الكوْلسة» و«التبريد» لنحو شهرين، ولكن مع تمسّك كل فريق بموقفه بإزائه.

وفيما بارك بري امس التسوية التي تم التوصل اليها لتصحيح الاجور معلناً خلص، ما قرأتموه في الصحف صحيح، وماشي الحال، ان شاء الله يمشي فيه (القرار) الجميع، عاشت الساحة السياسية ارتدادات الجلسة الساخنة لمجلس الوزراء التي ناقشت هذا الملف والتي تخللها اعتراض وزراء التيار الوطني الحر (يقوده العماد ميشال عون) على طريقة إدارة المفاوضات مع الاتحاد العمالي والحصيلة التي أفضت اليها، معتبرين ان الحكومة استخدمت المسكنات لمعالجة الأزمة، على حساب حل متكامل وضعه وزير العمل شربل نحاس الذي اعلن «أبلغنا اعتراضنا على كل بنود التسوية التي جرت وعلى طريقة ادارة المفاوضات وتمسكنا بالمشروع الشامل للحل الذي قدمته وزارة العمل قبل يومين الى مجلس الوزراء.
ويذكر ان «اشتباكاً» كلامياً كان سُجل بين نحاس ووزير الصحة علي حسن خليل (من فريق بري) الذي كان مكلفا «تسويق التفاهم الذي رعاه رئيس البرلمان وتبناه الرئيس ، مدعوماً من رئيس الجمهورية ميشال سليمان. 

السابق
ما وراء أحداث ماسبيرو
التالي
البناء: وفد قومي برئاسة حردان يؤكد الثقة بالتصدّي لمحاولات ضرب الاستقرار دمشق تُجسّد