الانباء: تعليق الإضراب العام في لبنان..ميقاتي الرابح وعون الخاسر

تجاوزت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي قطوع الإضراب الذي لطالما هدد به الاتحاد العمالي العام المسيطر عليه من قبل بعض حلفائه في الحكومة، وشكل تعليق الاتحاد العمالي اضرابه منتصف الليل وبعد يوم طويل من الاخذ والرد، انتصارا لرئيس الحكومة ميقاتي بدعم واضح من رئيس مجلس النواب نبيه بري، وحتى من وزراء حزب الله الذين تكتلوا جميعا بوجه وزراء العماد ميشال عون، الذين كانوا يفضلون حصول الاضراب تصفية لحساب بين عون وبين حليفه اللدود نبيه بري!

انقسام وزراء الأكثرية

وشهدت جلسة مجلس الوزراء الطويلة، اجماعا على اسقاط محاولات وزراء الكتلة العونية المزايدة في القضايا المطلبية والاصلاحية، وقد حوصر هؤلاء في الزاوية من قبل حلفائهم، عندما قرر مجلس الوزراء تفويض رئيسه نجيب ميقاتي بإنجاز الاتفاق مع الاتحاد العمالي العام، مما ادى الى تعليق الاضراب.

وقد تحفظ الوزيران جبران باسيل وشربل نحاس، على الحل الذي وضعه رئيس الحكومة، وطالبا باقرار الخطة الشاملة التي وضعها وزير العمل نحاس.

تفويض ميقاتي

لكن ذلك اتى بعد ان قرر الرئيس ميقاتي مع وزير الاشغال غازي العريضي ووزير امل علي حسن خليل ومعهم وزيرا حزب الله محمد فنيش وحسين الحاج حسن حل المشكلة الآنية المتعلقة بالاتحاد العمالي فيما تحفظ باسيل ونحاس ووزير العدل شكيب قرطباوي، وجاءهم الجواب من الوزراء الآخرين بالقول: سجلوا اعتراضكم في المحضر.

تعليق الإضراب ومواصلة التحفظ

ورفع ميقاتي الجلسة حيث انتقل للقاء الهيئات وتم التوافق على نسب الزيادة وهي 200 ألف ليرة لمن راتبهم دون المليون وعلق الاضراب كما اعلن رئيس الاتحاد غسان غصن، الذي تحفظ على حجم الزيادة.

ولادة أزمة من رحم الحل

ومع ولادة تسوية الأمر الواقع ولدت معها ازمة جديدة بين فريق الاكثرية سواء بسبب التداعيات السياسية الجديدة التي عكستها على العلاقة بين اطراف الاكثرية نتيجة رفض وزراء التيار الوطني الحر للصيغة الحكومية او بسبب الاعتراضات التي صدرت عن الهيئات الاقتصادية او النقابية.

وظهر اول معالم الازمة برفض هيئة التنسيق النقابي صيغة مجلس الوزراء للحل، ودعوة الاساتذة في القطاعين العام والخاص الى الاضراب.

وبالرغم من التخبط الذي رافق المفاوضات بين الحكومة والعمال وارباب العمل، بدا في النهاية ان هناك سقفا واضحا للتحركات العمالية من غير المسموح له بأن يتجاوز الاستقرار والسلم الاهلي، او حتى الانغماس باللعبة السياسية من خلال الاستجابة الى توجهات هذا الطرف السياسي في الحكومة او ذاك.

 
الصراع بين كتلتي بري وعون

وكشفت معركة تصحيح الاجور عن صراع نفوذ داخل الحكومة بين كتلة رئيس مجلس النواب نبيه بري وكتلة العماد ميشال عون الذي سعى بكل جهد كي يمنع بري من صياغة الحل العمالي، مستفيدا من تغلغل حركة أمل داخل الاتحاد العمالي لكنه لم يوفق، وانتهى «ألماتش» بانتظار وجهة نظر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بتحالفه وزاريا مع وزراء بري وجنبلاط.

مرارة عون في كلام نقولا

ويعكس تصريح للنائب نبيل نقولا عضو التكتل العوني مرارة هذا الأخير مما حصل على مستوى التحرك العمالي الذي كان يراد منه تسجيل مواقف سياسية وشعبية، حيث اتهم نقولا امس المسؤولين عن العمال بالدخول في النظام الفاسد وقال ان ما حصل في مجلس الوزراء صفقة بين الاتحاد العمالي والطبقة السياسية.

واسف نقولا لان مجتمع الفساد في لبنان اصبح اكبر بكثير من المجتمع الاصلاحي وفي تصريح لإذاعة «صوت المدى» الناطقة بلسان التيار العوني، قال نقولا لقد بتنا أشبه بجمهوريات الموز، لقد رفضوا خطتنا الشاملة لأن ذهنية الاستغلال والزعيم والبيك مازالت قائمة.

الوزير باسيل: وما المشكلة في الإضراب؟!

وكان واضحا ان البعض في الأكثرية رمى الى افشال الحوار بين العمال وارباب العمل من خلال رئاسة الحكومة سدادا لفواتير اخرى من اجل توظيف الاضراب في السياسة ولإظهار الشارع ضد الحكومة.

وقال الوزير جبران باسيل ان هذه ليست حكومة، بل محكومة وقال لـ «السفير» ان ما تم التوصل إليه لا يعبر عن حل جذري وإنما يعكس قصورا لمعالجة المشكلات بحد ادنى من المسؤولية.

واستغرب باسيل لجوء الحكومة الى «حل مسلوق» من اجل تجنب اضراب عمالي وتساءل: ما المشكلة لو حصل الاضراب واخذنا في المقابل وقتا اضافيا لبلورة مشروع متكامل؟

لكن كان للنائب مروان حمادة رأي آخر مغاير، فقد طالب الاتحاد العمالي بتحديد اهدافه، أهي مطالب العمال ام توجيهات سياسية معينة اختارت هذا التوقيت للضغط على الرئيس ميقاتي وبعض مكونات الحكومة؟؟ مشيرا الى ان المطالب العمالية محقة لكن المطالب المخابراتية مردودة. وفيما اعلن محمد شقير رئيس غرفة زراعة وصناعة وتجارة بيروت رفضه الحل المعلن والتوجه الى مجلس شورى الدولة للطعن به بموازاة رفضها من جانب معلمي المدارس الخاصة، بدا ان ثمة تداعيات سياسية منتظرة لما حصل.

استثمار الحل العمالي بتأخير تمويل المحكمة

وأبرز هذه التداعيات ما يمكن ان يؤثر على موضوع تمويل المحكمة الدولية، كما تخشى قيادات المعارضة. وفي معلومات المصادر المطلعة لـ «الأنباء» ان معركة زيادة الأجور والصراع مع الاتحاد العمالي العام، اوحت بأن الشارع هو بيد القوى الوزارية التي فوضت الرئيس ميقاتي بحل الموضوع المطلبي وامنت له حمل العمال على تعليق اضرابهم المقرر. المصادر عينها تتحسب لأن يطرح الأكثريون الجدد على الرئيس ميقاتي «حلا» لأزمة التمويل يقوم على أساس التريث في مسألة التمويل المستحيلة خارج مجلس الوزراء الى ما بعد تعديل الاتفاقية المعقودة بين لبنان والمحكمة، من اجل توفير الغطاء الدستوري له من مجلس الوزراء الى مجلس النواب، ويؤكد اصحاب هذا الطرح انه لن يعرقل عمل المحكمة، لكنه يبعدها عن واجهة الحدث السياسي سنة على الأقل. 

السابق
هاجس تجنب الشارع استولد حلاً متسرعاً
التالي
سلهب: التخوف من تعميم أحداث مصر على دول المنطقة