إيطاليا لـنجدة بلديات الضاحية

«فُتحت» الضاحية الجنوبية لبيروت، وتحديداً منطقة حارة حريك منها، أمس، أمام الدبلوماسيين الإيطاليين وفريق برنامج «آرت غولد» التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. لم تكن الزيارة ترفيهية، ولا بقصد تعريف «الغرباء» على مناطق تعاني كل شيء: الفقر. الاكتظاظ السكاني. التسرّب المدرسي… لكنها كانت زيارة تفقدية إعلامية لأماكن محدودة يسهم فيها القيّمون على البرنامج والسفارة الإيطالية، ومن ورائها الحكومة الإيطالية، في تنفيذ وتمويل بضعة برامج تنموية.

هكذا، لم يكن الهدف الضاحية بفقرها ومشاكلها، بل مساحات صغيرة يسهم هؤلاء في تنميتها، لذلك اقتصرت الجولة على منطقة حارة حريك كنموذج ممثل لكل المناطق، واختُصرت بزيارتين لمركزي الرعاية الصحية الأولية والتدريب المهني، ولقاءين، أحدهما إعلامي والآخر مع رؤساء وممثلي بلديات الضاحية الجنوبية للاطلاع على حاجات «قطاعاتهم»، وتسليط الضوء على كيفية تعميم التجارب الناجحة فيها، ووضعها ضمن خطة استراتيجية للنهوض، في إطار ما يسمى «الوصل» بين مناطق تجمعها في معظم الأحيان المشاكل نفسها، كما «نوعية» وأوضاع المقيمين أنفسهم.

فلنبدأ الجولة من آخرها، وتحديداً من الطاولة المستديرة، التي جمعت حولها رؤساء وأعضاء بلديات حارة حريك، والغبيري والمريجة وبرج البراجنة والشياح وفرن الشباك، في مواجهة الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي روبرت واتكنز، والسفير الإيطالي في لبنان جوزيبي مورابيتو. لم يكن ثمة تعادل في المواجهة، فالطرف الأول كان في موقع «طالب النجدة» من الطرف الثاني، الذي حضر مستمعاً أكثر مما كان متكلماً. 
هكذا، تناوب طالبو العون على الكلام. كان في جعبتهم الكثير من المشاكل التي تعانيها مناطقهم، ولا سيما تلك المكتظة سكانياً.. والكثير من المطالب التي تتمحور في معظمها حول تأمين مراكز تنموية صحية وتربوية واجتماعية. وإن كانت بعض المناطق قد حظيت بهذا الاهتمام أكثر من غيرها كمنطقة حارة حريك والغبيري، إلا أن ثمة نواقص كثيرة.. والسبب؟ «ضعف التمويل والدعم»، هكذا أجمعوا. أما بالنسبة إلى التحسينات، فقد كان لافتاً التنويع في البرامج واختلافها من بلدية إلى أخرى، تبعاً لحاجات كل منطقة. ففي بلدية الشياح، جرى التركيز على البرامج التي تعنى بالشباب والمراهقين، بعدما تبين أن هناك نسبة انحراف كبيرة لدى شباب المنطقة، وخصوصاً المخدرات. أما في بلدية الغبيري، فقد كان التركيز على الجانب الصحي، كما الحال في حارة حريك وبرج البراجنة، التي أولت الجانب الصحي بعداً خاصاً. أما الجانب التربوي التوعوي، فقد كان من نصيب أبناء بلدة المريجة، التي تعمل على دعم الطلاب وإقامة الدورات التدريبية للمعلمين. وفي بلدية فرن الشباك، كانت الحاجة اجتماعية، حيث أنشأت البلدية مكتباً اجتماعياً لمتابعة مشاكل المنطقة ومساعدة الناس. أما ما يميز تلك المشاريع، فأنها «بعد نجاحها»، ستعمم كل بلدية جربتها على المناطق الأخرى.
بالعودة إلى الزيارتين الميدانيتين، فقد كانت الأولى لمركز التأهيل المهني في الحارة، الذي أنشئ قبل عام ونصف عام. خلال تلك الفترة، استفاد من المركز «839 شخصاً، منهم 70% من النساء، كما جرى توفير 50 فرصة عمل»، يقول نائب رئيس البلدية أحمد حاطوم. أما المنتظرون الجدد على «لائحة الانتساب»، فيبلغون 2000، فيما الزيارة الثانية كانت لمركز الرعاية الصحية، الذي يستفيد من خدماته المجانية ما بين 700 وألف مريض شهرياً من كل مناطق الضاحية، لا الحارة وحدها.

استمارة «كشف حال»

تعدّ بلدية فرن الشباك، في الوقت الحالي، استمارة «كشف حال»، تتضمن 96 سؤالاً جرى «استقاؤها من واقع المنطقة»، يقول خليل صادق، العضو في البلدية. ومن المفترض أن توزّع على عائلات المنطقة والمقيمين فيها والتجار، على أن ينتهي العمل بإعداد دراسة موسعة عن كل ما يجري هنا. وما تتوخاه تلك الدراسة هو الحصول على إجابات دقيقة تتعلق بإحصاء دقيق «لعدد العائلات الفقيرة والمحتاجة في المنطقة، ومعرفة ما تتطلبه من احتياجات وذلك من خلال معرفة المشاكل الحياتية الموجودة فيها، من اقتصادية واجتماعية وتربوية ومعيشية»، يشير صادق. وبموازاة تلك الدراسة، بدأت البلدية أولى خطواتها العملية برفع الطلبات للجهات المانحة ومنها برنامج الأمم المتحدة الإنمائية، لإقامة مشاريع تنموية في المنطقة. 

السابق
موجة اكتئاب أميركية!
التالي
سليمان: دقة المرحلة تستدعي منا الروية والتحاور بهدوء وعقلانية