بين الأساتذة والحكومة..أين طلاّب الجامعة اللبنانية؟

بين «زادوها كتير» و«علينا دعم الأساتذة لتحقيق مطالبهم المحقة».. إلى «الإضراب ليس في محله»، تراوحت آراء جزء من طلاب الجامعة اللبنانية ببعض كلياتها وفروعها، حول إعلان أساتذة الجامعة الإضراب المفتوح، بعد إضراب تحذيري دام نحو أسبوعين لم يتوصل خلاله طرفا «النزاع»، أي الأساتذة والحكومة، إلى حلّ.

ربما يكون إعلان الأساتذة الإضراب في هذا التوقيت خطوة مدروسة لممارسة الضغط على الحكومة، وذلك بالاعتكاف عن الانطلاق بالدورة التكميلية أو الدورة الثانية، لكن ذلك لم يحصد نتيجة حتى الساعة. فلا الحكومة لبّت مطالب الأساتذة ولا هؤلاء بإمكانهم التنازل. أما طلاب الجامعة اللبنانية فيعشيون أزمة مفتوحة لم تدفعهم إلى التحرك الفعلي بعد.

«يرغم أن الإضراب حق لأي مواطن، لكن بات واضحاً أن الأساتذة يستخدمون الطلاب كبش فداء في صراعهم مع حكومة لامبالية»، تقول بتول حجازي الطالبة في كلية الإعلام – الفرع الأول، وتضيف «لا يحق للأساتذة الحصول على مطالبهم على حساب هدر عامنا الدراسي!».
يوافق روني، من كلية الإعلام – الفرع الثاني، بتول الرأي. ويضيف أن «إضراب الأساتذة أخذ منحى آخر، فالضغط أصبح على حساب الطلاب من دون أية مطالبة بتحسين أوضاع هؤلاء. خاصة أن توقيت الإضراب قد أضر كثيراً بالطلاب..». العام الدراسي يتأخر، الوظائف (غير المتوفرة أصلاً) تذهب هباء، فرص استفادة بعض الطلاب من منح تعليمية أو السفر لاستكمال الدراسة في الخارج تتلاشى. من يعوض على الطلاب خسارتهم؟ لا أحد. فالأساتذة ستكون خسارتهم مضاعفة في حال علقوا الإضراب. أما الحكومة فإن إحالتها الملف إلى لجنة مختصة دليل على اتجاه مستمر نحو المماطلة.

ما الحلّ إذاً؟

«نحن الحلقة الأضعف في كل هذه الدوامة. نطالب بتعــليق الإضراب والبدء بامتحانات الدورة الثانية فوراً. فنحن نخسر كثيراً مما يحــدث، ولسنا مستعدين لخسارة الأكثر»، تقول الطالبة في كلية الآداب – الفرع الخامس هبة سكيكي. وكذلك الطالبة في كلية التربية – الفرع الثاني رنا قزح التي ترى أنه «لا يحق لأحد حرمان الطلاب من العام الدراسي أو الحصول على وظيفة، وعليه فأنا أؤيد أي اعتصام لدعوة الأساتـذة للعودة عن إضرابهم، أو أقلّه إيجاد صيغة تتيح للطلاب تقديم دورة ثانية كي يتخرجــوا». أما غنى يونس طالــبة إدارة الإعمال ـ الفرع الأول فتجد أن «من المفترض بالدولة والأساتذة القبول بحل وسـط، فالحال لم تعـد تطاق». 
لم يعد الوضع في صالح الطلاب. لكن في الوقت عينه فإن الطلاب يعجزون عن استشراف الحلول الناجحة أو وعي مكانتهم ودورهم. فاستنكار بعضهم لإضراب الأساتذة يسعى إلى القفز فوق الأزمة والعودة إلى الوراء. كأن إضراب الأساتذة مسألة منقطعة عن أزمة متأصلة اسمها «حال الجامعة اللبنانية ومستقبلها». لماذا لا يشرع الطلاب مثلا في الاعتصام والتظاهر الدائمين دعماً للأساتذة في مطالبهم؟ أليس دعم الأساتذة في هذه الحال هو دعم لحق الطلاب في تعليم جيد يرتبط بتحسين وضع الأساتذة وتعزيز مكانتهم من جهة، ومقدمة لمحاسبة هؤلاء إن قصّروا في أداء واجبهم من جهة أخرى؟ لماذا لا يعيد الطلاب لأنفسهم صفتهم الاعتبارية، فيشكلوا أداة ضغط فاعلة تتيح لهم مستقبلاً المطالبة باستعادة الكثير من حقوقهم المهدورة، سواء من قبل إدارة الجامعة اللبنانية وأساتذتها أو من قبل أجهزة الدولة ومؤسساتها؟ لماذا يتقاعس المنظمّون منهم حزبياً في الإلحاح على أحزابهم لإيجاد حلّ، في وقت ينزلون بالآلاف إلى تظاهرات أخرى تحت عناوين سياسية مختلفة؟

أسئلة يبدو أنه صارت خارج حسابات معظم الطلاب الذين اتجهوا إلى تحميل الأساتذة مسؤولية الإضراب، بدل تحميلها للحكومة التي تمتنع عن تلبية حقوق الأساتذة، كما امتنعت الحكومات السابقة. واللافت أيضا أن صوت الطلاب، أكان موجها ضد الأساتذة أو الدولة، لم يعد يتعدى حدود بعض الصفحات الالكترونية، كما أظهرت محاولات التحرك، المعيبة من حيث حجمها، خلال الأسبوع الماضي.
في هذه المحاولات الخجولة، لم يجد الطلاب السوريون مكانا لهم، برغم اشتراكهم في تلقّي نتائج الإضراب. «أي تحرك سنقوم به، سيُحمّل لوناً سياسياً»، يقول أحمد، أحد الطلاب السـوريين في كلية الحقوق. ويعاني هؤلاء من مشاكل جمّة في الجامعة اللبنانية أضاف إليها الإضراب مشاكل جديدة: «حرمني مع كثيرين غيري فرصة الاستفادة من قرار النقل الصادر عن وزارة التربية السورية الذي أتاح للطلاب السوريين في لبنان استكمال دراستهم في الجامعة الوطنية السورية، على أن ينجزوا الأوراق المطلوبة منهم ويلتحقوا ضمن مهلة محددة انتهت بين الإضرابين التحذيري والمفتوح»، يشرح أحمد، ويضيف إن «80% من 13 ألف طالب سوري يعانون من الإضراب». ذلك أن الكثير من الطلاب يرصدون مبلغا ماليا يغطّي مصاريف السكن والتنقل والإقامة، وما حدث بين الإضرابين أن انفق الطلاب أموالهم بلا فائدة، وهو ما سيمنع الفقراء منهم من العودة لإجراء الدورة التكميلية.

أما علي الطالب في كلية الآداب، فيشـير إلى أن نظام الأرصــدة في الجامعة السورية والتأخير في إجراء الدورة التكميلية في لبنان حرم عدداً من الطلاب السوريين، ومنهم من يحمل مادة واحدة فقط، فرصــة الترفع سنة عند انتقالهم إلى الجامعة في سوريا. فصبا الطالبة في معهد العلوم الاجتماعية – الفرع الأول مثلاً كان بإمكانها التسجيل سنة ثالثة للعام الدراسي الجديد في بلدها، لكن مجـموع المواد في الجامعة اللبــنانية وقياساً إلى نظام الأرصدة في الجامعة الوطنية السورية لا يخولها التسجيل إلا سنة ثانية، حيث إن أرصدتها تبلغ 49 من أصل 50 رصيدا، وكان بمقدورها الوصول إلى الرصيد المطلوب وربما تخطيه لو لم تعلّق الدورة الثانية.
وتجيب صبا زملائها عند سؤالها عن التسجيل في السنة الثانية بقولها: «ماذا أفعل؟ هل انتحر؟ ما باليد حيلة، هذه هي الحال!». 

السابق
وهلأ ندين لبكي: شكرا
التالي
باسيل: هذه ليست حكومة بل محكومة