بعد مدّ وجزر..العمالي العام علّق الاضراب والعمال يتذمرون من القرار

ما كان متخوفاً منه الاتحاد العمالي العام قد وصل إليه، من خلال الاتفاق الممكن الذي تمّ في ساعة متأخرة من مساء امس. وهذا الاتفاق ينص على: رفع الحد الادنى للأجور من 500 الى 700 الف ليرة لبنانية.
– زيادة 200 الف ليرة لبنانية على الرواتب التي هي دون المليون ليرة.
– زيادة 300 الف ليرة على الرواتب من مليون الى مليون و800 الف ليرة.
– لم يتطرق الاتفاق الى الرواتب التي تتجاوز المليون و800 الف ليرة، خصوصاً ان هناك 20 % من الموظفين في الاتحاد العمالي تتجاوز رواتبهم هذا الرقم، اي المليون و800 الف وهم من المصالح المستقلة اي الكهرباء، المرفأ، المصارف..
– زيادة ألفي ليرة لبنانية على تعويض النقل بحيث يصبح 10 آلاف ليرة بعد ان كان 8000 ليرة لبنانية.
– زيادة المنح المدرسية الى مليون ونصف مليون ليرة لبنانية كحد أقصى.
في المقابل، ومع اعلان رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن تعليق الاضراب الذي كان مقررا صباح اليوم، فقد أعلن ان الاتفاق مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كان يقضي بعدم رفع الضريبة على القيمة المضافة من 10 الى 12% وإبقائها على معدلها الحالي 10%.
– عدم زيادة الـ2000 ليرة على البنزين.
– تفعيل المجلس الاقتصادي – الاجتماعي.

هذا الاتفاق لم يرض الاتحاد العمالي العام ولا الهيئات الاقتصادية، فمطالب الاتحاد العمالي العام كانت تتجاوز هذه الارقام بأكثر من الضعف، والهيئات الاقتصادية التي كانت ترفض اي زيادة تحسباً لموجات من الافلاسات وزيادة نسب البطالة، قررا مرغمين القبول بهذا الاتفاق، لان الحد الاقصى غير المقبول به هو تنفيذ الاضراب الذي يرفضه الرؤساء الثلاثة، حيث اعتبروا انه اذا تم تنفيذ الاضراب، فإنه قد يخرج عن مساره المطلبي في ظل الظروف المحيطة في البلد والظروف الاقتصادية الصعبة، وهذا ما اوردناه بالامس على صدر صفحتها الاولى.
وفي هذا المجال، فمن المتوقع ان تتكثف الاجتماعات خصوصا من قبل الجمعيات المنضوية تحت لواء الهيئات الاقتصادية، حيث من المقرر ان تعقد جمعية الصناعيين اجتماعا يوم الجمعة، كما ستعقد جمعية تجار بيروت لدراسة الاتفاق الذي تم امس.
أما بالنسبة للاتحاد العمالي العام، فإن مكتبه التنفيذي سيعاود اجتماعه لدراسة ما توصل إليه الاتفاق.

واعتبرت مصادر عمالية ان وزراء تكتل التغيير والاصلاح لم يكونوا متحمسين لمطالب العمال، وقد فسره البعض انه رد على انسحاب "العمالي" من اجتماعات لجنة المؤشر التي كانت تعقد اجتماعاتها برئاسة وزير العمل شربل نحاس.
وفي هذا المجال اكد وزير الطاقة جبران باسيل لدى مغادرته السراي الحكومي ان كل المقاربات المطروحة في مجلس الوزراء لم تكن حلولا بل مسكنات ونحن نرفضها.
اما رئيس غرفة بيروت محمد شقير فقد اعلن مساء لـنا عدم رضاه على الاتصالات والاجتماعات التي تعقد وعلى كيفية التداول بالارقام المطروحة التي لا تأخذ في عين الاعتبار الواقع الاقتصادي للبلد.
ماذا حصل خلال النهار العمالي الطويل ؟
منذ اول من امس كثّف رئيس مجلس النواب نبيه بري اتصالاته ولقاءاته المعلنة وغير المعلنة للوصول الى اتفاق يؤمن شيئا من مطالب العمال ويحافظ في الوقت نفسه على الوضع الاقتصادي والخزينة وأوضاع المؤسسات واصحاب العمل على طريقة "لا يموت الديب ولا يفنى الغنم".
وبقي بري على تواصل مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بينما كان رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ايضا مع الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي في الاطار نفسه.
اما البارز امس، فما شهدته عين التينة منذ الواحدة وحتى الثامنة مساء تقريبا، فعند الواحدة استقبل بري وفد الهيئات الاقتصادية ودار نقاش حول المطالب العمالية المطروحة، واعطى رئيس المجلس طرحا يعتبر حلاً وسطاً يقضي بزيادة الحد الادنى 250 الف ليرة للراتب دون المليون، مشددا في الوقت نفسه على زيادة النقل الى 12 الف وزيادة التقديمات المدرسية من 500 الى مليون، إلا ان الطرح كان بعيدا نسبيا عن الارقام التي طرحتها الهيئات، عندئذ قدّم بري مداخلة تحدث فيها بإسهاب عن الوضع الاجتماعي المتردي للطبقات الدنيا، وعن تدني القيمة الشرائية، مشددا في الوقت نفسه على مراعاة هذه المسألة وعدم الغرق في احتساب الارقام.

ولوحظ ان هناك تباينات ظهرت بين بعض اعضاء الهيئة وقد افسح بري في المجال امامهم لاعطاء رأيهم النهائي بما طرحه، وتابع استقبالاته العادية في مكتب آخر في عين التينة، بينما بقي اعضاء الهيئة يتناقشون للتوصل الى صيغة.
وقد اجرى بري اتصالات بهيئات الاتحاد العمالي للاجتماع معهم ايضا في عين التينة، مع العلم ان الاتحاد العمالي كان طلب موعدا للقاء رئيس المجلس، وبعد ان عاد الى اعضاء الهيئة تبلغ بري منهم الموافقة على زيادة 200 الف بدل 250 الف وعلى زيادة النقل 2000 بدل 4000 وبقي موضوع التقديمات المدرسية غير واضح في طرحهم.
وبعد ساعتين، خرج وفد الهيئات الاقتصادية ليحل محله وفد الاتحاد العمالي الذي اجتمع مع الرئيس بري لساعة كاملة، وبنتيجة النقاش تم الاتفاق على مقاربة ما اتفق عليه بشكل جيد وايجابي، باستثناء موضوع المنح المدرسية الذي تم توضيحه بحيث يعطى للولدين مليون ونصف بدلا من مليون ليرة.
وخرج وفد الاتحاد العمالي مرتاحا، بينما صعد الرئيس بري الى منزله وهو في اجواء الاتفاق على امل ان يعلن بعد الاجتماع مع رئيس الحكومة.
لكن ما حصل عند ميقاتي لم يكن في الحسبان، فحساب السطور لم ينطبق على حساب البيدر لدى الطرفين، فبينما افترض ميقاتي ان تكون الزيادة للرواتب دون المليون 200 الف ليرة ومن المليون الى المليون ونصف تكون 150 الف ليرة ومن المليون ونصف الى المليونين 200 الف، اعتبر الاتحاد العمالي ان هذه الزيادة فوق رواتب المليون يضاف إليها الـ200 الف ليرة، بحيث يكون مثلا من يتقاضى مليونا قد زاد راتبه 350 الف ليرة، وهنا برز الخلاف، فخرج الاتحاد العمالي ليعلن الاستمرار في الاضراب.
وبعد ان علم الرئيس بري بما حصل في السراي، كثّف اتصالاته للاستفسار حول اسباب الخلاف، وبعد ان اتضحت له هذه الاسباب، اقترح مخرجا على الاتحاد العمالي وعلى الحكومة، وكان يجري اتصالات مع الوزير علي حسن خليل ليطلع بدوره رئيس الحكومة على هذه الصيغة كما يجري اتصالات مع قيادات الاتحاد العمالي للغاية نفسها.
اما الصيغة فهي: زيادة 200 الف ليرة لرواتب دون المليون و300 الف ليرة لرواتب ما فوق المليون، مع الاخذ في عين الاعتبار الاتفاق السابق على موضوع النقل والمنح المدرسية.
وبالفعل، ابلغ الاتحاد العمالي الرئيس بري موافقته على هذه الصيغة، كذلك وافق الرئيس ميقاتي، ولكن ما حصل في مجلس الوزراء غيّر كل الاتفاقات.

وكان مجلس الوزراء قرر رفع الحد الادنى للأجور الى 700 الف ليرة لبنانية ويضاف الى الاجر الذي يتقاضاه الاجراء 200 الف للرواتب التي هي ما دون المليون ليرة و300 الف ليرة لما هي بين مليون ومليون و800 الف ليرة.
وأكد رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي ان الحكومة والهيئات الاقتصادية حريصان على مصلحة المواطن، لكن يجب الاخذ في الاعتبار قدرة الدولة والقدرة التنافسية والتضخم.
وتمنى على الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام التجاوب مع قرار مجلس الوزراء وان شاء الله خيرا.
اضاف: اتصلت بالهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام ووضعتهما في الاجواء واتخذنا القرار، وشددنا على الاسراع في تشكيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وطلبنا من دوائر وزارة الاقتصاد والبلديات التعاون ورفع تقارير عن الاسعار، ولم نأخذ القرار إلا بعد اجراء مقاربة من كل النواحي.

السابق
تعزيز القبضة الإيرانية على لبنان
التالي
الحكم على مستهدفي اليونيفيل