ميركل تحدد الفائز في الانتخابات المقبلة

نحن الآن على بعد 13 شهرا فقط من انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، لذا كما هو متوقع ومثير للاكتئاب في الوقت ذاته، انصب اهتمام واشنطن على الانتخابات، وقد تابع الجميع بشغف، الأسبوع الحالي، حاكم ولاية نيوجيرسي، كريس كريستي، الذي قرر ما إذا كان سينضم إلى السباق الرئاسي، لكن هذا هو المكان الخاطئ الذي يمكن النظر إليه في الوقت الراهن. إذا كنا قلقين بشأن انتخابات 2012 – أو بشأن الاقتصاد – فينبغي على السياسيين النظر إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
لن تدخل ميركل الانتخابات على الفوز بترشيح الحزب الجمهوري أو تشكل تحديا للرئيس أوباما، لكن ما ستفعله هي وحفنة من القادة الأوروبيين، خلال الأسابيع القليلة المقبلة، بمقدوره أن يحدد ما إذا كان الاقتصاد الأميركي قادرا على النهوض من الكساد هذا العام أم لا، ومن ثم ستقرر دون قصد من سيفوز في انتخابات الرئاسة الأميركية لعام 2012.

الانتخابات تقودها حالة الاقتصاد، فعندما ينتعش الاقتصاد كما كان الحال بالنسبة لبيل كلينتون عام 1996، أو رونالد ريغان عام 1984، وريتشارد نيكسون عام 1972، وليندون جونسون عام 1964، فلن يخسر صاحب المنصب على الإطلاق، وعندما يغرق الاقتصاد، كما هو الحال بالنسبة لجورج إتش دبليو بوش عام 1992، وجيمي كارتر عام 1980، فلن يخسر صاحب المنصب على الأغلب. هذا التوجه ثابت دوليا، أيضا، فقد أجرى لاري بارتليز دراسة لـ31 انتخابا أجري في 26 دولة متقدمة منذ العام الذي شهد بداية الكساد الأميركي، فوجد أن المصوتين كانوا دائما يعاقبون الحكومات القائمة للظروف الاقتصادية السيئة، دون اعتبار واضح لآيديولوجية الحكومة.
وفي التحليل السابق، درس بارتلز الانتخابات التي تلت الكساد الكبير، وكتب قائلا: «التأثير الواضح للأوضاع الاقتصادية قصيرة الأجل كان قويا، حتى إن كساد 1938 لو كان قد حدث عام 1936، لكان روزفلت رئيسا لفترة واحدة، وقد ثبت ذلك في دول أخرى أيضا». وخلص إلى أن «الناخبين كافأوا ببساطة – وبصورة حمقاء – من كانوا في السلطة عندما تحسنت الأمور».
 
هذه ليست طريقة سيئة بالنسبة للناخبين أن يضعوا السياسيين في موقف المحاسبة، في النهاية فإن هدف السياسة هو جعل الأشياء أفضل، وإذا لم يكن لدى الناخبين الوقت للقيام بتحليل أعمق لكل سياسة يمررها الكونغرس، فبمقدورهم على الأقل النظر حولهم لمعرفة ما إذا كانت الأوضاع في البلاد تتحسن أو تتدهور. إنه أمر بسيط، وقد يمنع السياسيين من قبول الألم قصير الأجل من أجل مكاسب البلاد طويلة الأجل، لكن الأفضل هو التصويت بمعزل عن أحدث محصلة من الإعلانات الهجومية. لكن في بعض الأحيان، لا يتم تمرير الجوانب التي تدفع اقتصاد الدولة من قبل الكونغرس، وأحيانا لا يكون للكونغرس أي تأثير عليها، وهذه واحدة من تلك المرات.

لقد دخلت أوروبا منعطفا خطيرا، فمن دون حل نظامي وسريع، ستعجز اليونان عن سداد ديونها، وفي حالة عجز اليونان عن سداد ديونها، فستكون هناك احتمالات لأن تتبعها آيرلندا والبرتغال. ويقارن ديسموند لاتشمان، زميل في معهد «أميركان إنتربرايز»، هذا الوضع بحالة انهيار بنك «بير ستيرنز» الذي جر «ليمان براذرز» معه إلى هذا الانهيار، وفي حالة حدوث ذلك، سينهار اقتصادنا أيضا. الاتحاد الأوروبي أحد الاقتصادات الكبرى.. إنه أكبر من اقتصادنا في حقيقة الأمر، وفي عام 2010، صدرت الولايات المتحدة منتجات قيمتها 240 مليار دولار إلى الاتحاد الأوروبي، واستوردت منتجات قيمتها 320 مليار دولار، ويعتبر شركاؤنا التجاريون البارزون الآخرون – كندا والمكسيك والصين، إلخ – مرتبطين بالمثل بالاقتصاد الأوروبي. ومن ثم، فمثلما كانت أزمة مالية نشبت في الولايات المتحدة قادرة على خلق أزمة اقتصادية بمختلف أنحاء العالم، تملك أزمة الديون التي بدأت في الاتحاد الأوروبي قنوات عدة يمكنها من خلالها القضاء على اقتصاد عالمي هش. وكانت «موديز أناليتيكس» واضحة في آخر توقع قامت بإعداده: «ربما يتسبب قدر من الحظ السيئ أو صدمة جديدة في حدوث كساد».

وحتى النتائج التي ليست على درجة كبيرة من السوء ما زالت تعتبر سيئة بدرجة ما، ويرى بنك «غولدمان ساكس» أنه إذا سار الاتحاد الأوروبي على النهج الذي يتبعه الآن، فإن الضغط المالي «من المرجح أن يتسبب في إبطاء نمو الاقتصاد الأميركي، ليصل به إلى حافة الركود مع بداية عام 2012». وفي خلال عام ربما لا نشهد فيه نموا تتعدى نسبته 2 أو 3 في المائة بأية حال من الأحوال، يعتبر هذا قدرا كبيرا من النمو الضائع.
وهناك أيضا شك مستمر في احتمال حدوث أزمة كبرى أخرى، ويعتبر الانتعاش، جزئيا، لعبة ثقة: الشركات والمستهلكون بحاجة إلى الثقة الكافية في انتعاش مستمر كي يتجهوا للاستثمار؛ في المقام الأول، لماذا نبني مصنعا أو نعين عاملا أو نشتري منزلا، إذا كان من المحتمل أن ينتهي بنا الحال إلى أزمة مالية أخرى بعد ستة أشهر من الآن؟ الأفضل أن ننتظر حتى تستقر الأمور. تلك هي حقيقة الاقتصاد خلال العام المقبل، وإذا ما تمكنت أوروبا من إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، فربما نشهد انتعاشا، وفي حالة استمرارها في التقدم خطوة نحو كارثة، فمن المحتمل أن نستمر في الركود، وإذا ارتكبت خطأ، فمن المحتمل أن نتبعه، مما يؤدي باقتصادنا إلى الركود.

ومن خلال تحديدها ملامح المستقبل المحتمل لاقتصادنا، ربما تحدد أوروبا أيضا نتائج انتخاباتنا، ويعني هذا الكونغرس والرئيس، بل حتى المرشحين للرئاسة من الجمهوريين، لأن كل ما سيزعمونه خلاف ذلك لن يحدث، ففي عام 1992، اعتاد جيمس كارفيل، مستشار حملة بيل كلينتون الرئاسية، أن يذكر مرشحه دوما بقوله: «إنه الاقتصاد الغبي»، وفي عام 2012، ربما يكون الاقتصاد الأوروبي المحموم. 

السابق
هكذا يتكلم الرئيس بري بلغة جسد: روح مرحة، خطوات واثقة، حنكة في القيادة
التالي
عرقجي استنكر الاحداث الطائفية في مصر