لهذه الأسباب يبتعد الحريري

لأنّ الطبيعة تأبى الفراغ، ولأنّ الرئيس سعد الحريري كان "مالئ الدنيا وشاغل الناس"، ولأنّ غيابه الطويل لم يعد قضية لا بل تحوّل إلى أمر طبيعي، حملت "الجمهورية" بعض التساؤلات إلى أحد المقرّبين منه لاستيضاح مدى انعكاس هذا الغياب على قاعدته الشعبية، ولماذا من الأفضل أن يبقى خارج لبنان في هذه الفترة؟

وفي هذا السياق أكّد مصدر مقرّب من الرئيس الحريري أنّ "تراجع شعبيّة الأخير على المستوى السنّي غير دقيق، كما أنّه موجود بقوّة عبر تيّار "المستقبل" والكتلة النيابية وتواصله المباشر مع المواطنين، فضلا عن أنّ القضايا التي رفعها الحريري من "لبنان أوّلا" إلى الحرّية والديموقراطية ولبنان العيش الواحد والتنوّع والمناصفة، يعمل "التيّار" على ترسيخها وتثبيتها في وجود رئيس "المستقبل" أو غيابه"

ولجهة الغياب الطويل للحريري قال المصدر: "المسألة مرتبطة بالتحوّلات في سوريا ومحاولات النظام داخلها زجَّ اسم تيّار "المستقبل" في أمور باطلة، وبالتالي لو كان الحريري موجودًا في لبنان لكانوا حمّلوه اليوم كلّ الاتّهامات، لكنّ سفره وصمته أظهرا أنّ هذه الافتراءات والاتّهامات غير واقعيّة على الأرض وغير صحيحة، وتيّار "المستقبل" لم يتدخّل ولا يتدخّل ولا يريد التدخّل في الشأن الداخليّ السوري، ولكنّ في الوقت نفسه لتيّار "المستقبل" موقفا من هذه الأحداث، فهو الى جانب الديموقراطيّة وحرّية التعبير ومع المطالب المشروعة للشعب السوري".

وردّا على سؤال عمّا إذا كان وضع الحريري يختلف عن وضع سمير جعجع وأمين الجميّل وفؤاد السنيورة، أشار المصدر "الى أنّ الصراع الكبير اليوم هو صراع سُنّي شيعيّ في المنطقة، من بيانات مجلس التعاون الخليجي إلى الاتّهامات التي وجَّهَتها المملكة العربيّة السعوديّة أخيرا الى إيران بمحاولة التخريب وزرع الفتنة في المناطق الشرقية السعودية، وبالتالي المكوّن المسيحي في هذه المعادلة هو خارج إطار اللعبة الكبرى، ولذلك لا يتحمّل تداعيات الأحداث في الدول العربية، ولا خطر عليه كالخطر المحدق بالزّعيم السُنّي. وأعود لأكرّر بأنّه لو كان الحريري موجودا الآن في لبنان لكان اتّهم مباشرة بافتعال الأحداث السوريّة.

وقال المصدر إنّ "من يعتقد أنّ هذا الأمر ليس مهمّا هو بالتأكيد مخطئ، لأنّ هذه العمليّة ستأخذ الداخل اللبناني الى خلافات وصراعات كبيرة جدّا، ولا أحد يمكنه ضبط الفريق الآخر أو ضبط هامش تحرّكاته وخطواته في هذا المجال، وبالتالي غياب الرئيس الحريري في هذه المرحلة هو نوع من التهدئة الداخلية فيما يخصّ المسألة السوريّة".

 
أمّا لناحية الإطلالات الإعلاميّة، أوضح المصدر "أنّ أيّ ظهور إعلاميّ اليوم للرئيس الحريري أو أيّ كلمة متلفزة يخصّ بها أيّ دولة أو أيّ زعيم، أو أيّ زيارة يقوم بها أكانت لعاصمة غربية أم عربية، ستنحصر بالقضيّة السوريّة، ولن تعطى بعدا لبنانيّا، بل ستعطى بعدا دوليّا، وسيقال إنّ الحريري يقود خطة إسقاط النظام السوريّ من الخارج، خصوصا أنّ الأميركيّين اليوم لديهم مساعٍ لتكوين مناخ دوليّ مُعادٍ للنظام السوريّ، ولم يعرف ما إذا كان هذا القرار الحازم قد اتّخذ فعلا، ولكن لا أحد يمكنه أن ينكر أنّ الضغوط الأميركيّة المتزايدة على سوريا يلزمها مناخ دوليّ غربيّ وعربيّ لإنجاح مخطّطها في المساعدة على إسقاط النّظام دعما للمعارضة السوريّة. لذا أيّ تحرّك عالميّ أو دولي للرئيس الحريري سيفسّر على أنّه مساند لهذا المخطط".

ورأى المصدر المقرّب نفسه "أنّ الرئيس ميقاتي ليس بوارد المنافسة السُنّية للرئيس الحريري، لأنّ شعبيّة الحريري ليست وليدة رئاسة حكومة من حكومات لبنان، بل إنّها وليدة تنشئة أجيال ووليدة مواقف استشهد لأجلها رفيق الحريري، فحمل أهل السُنّة الراية ووعدوا بتحقيق الحلم من خلال ثورة الأرز"، مشيرا "إلى أنّ نهاية التجربة الميقاتية قريبة، لأنّه لن يتمكّن من الخروج من قضيّة تمويل المحكمة الدوليّة، فهو محرج أمام المجتمع الدولي وأمام السُنّة في لبنان والعالم العربي، وأمام قاعدته السُنّية في طرابلس، وحين وافق على تمويل المحكمة أوفد حزب الله مبعوثه الداخلي يحذّره من هذه الخطوة، داعيا إيّاه إلى التمويل من جيبه الخاصّ"، مشدّدا "أنّ لا حرّية قرار للرئيس ميقاتي إنْ كان في البقاء أو في الاستقالة"، مؤكّدا "أنّ تيّار "المستقبل" والحريري يعملان على استمراريّة وهج ثورة الأرز وإعلاء ثوابتها، وأنّ ربح المعركة سيكون حتميّا لما فيه مصلحة ثورة الأرز ولبنان أوّلا". 

السابق
ثانويو الجنوب يرفضون الامتحانات الرسمية قبل محاسبة المزورين
التالي
أندية النبطية تتذكر النائب الراحل رفيق شاهين