عون: لا للتمويل ولو وافق حزب الله

يختصر رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون موقفه من تمويل المحكمة الدولية بالقول الانجيلي"ليكن كلامكم نعم نعم ولا لا". وهو قال كلمته، اي "لا" لتمويل المحكمة، بصرف النظر عن مواقف حلفائه السياسيين: "موقفنا خاص بنا ومستقل عن بقية الاحزاب. ويمكن "حزب الله" ان يوافق لكننا لا نوافق".

ويستغرب الاصرار على السؤال عن تمويل المحكمة وطريقة ترجمة رفضه عملانيا، ويؤكد لـ"النهار" ان "المسألة مبدئية. لا يمكن ان ندفع مالاً للمحكمة الدولية من دون تفاهم او اتفاق بيننا وبين مجلس الامن. في غياب هذا الاتفاق، لا مسوغ قانونيا حتى ندفع، بصرف النظر عن مواقف الاحزاب السياسية الاخرى. انا اعارض لان هذه الاموال تصرف بلا وجه شرعي ومن غير حق، وموقفي ليس ضد العدالة او ضد المحاكمة او معها، خصوصا اننا كنا لفتنا نظر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون حين ارسلت اليه كتابا عندما زار لبنان في 30/3/2007 وطلبنا اليه عدم دعم حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في شكل مسرف، ودعم بقية مؤسسات الدولة، وعند ذلك سنكون ككتلة مستقلة قادرين على ان نقر المحكمة دستوريا وليس عشوائيا".
– اذاً موقفك من عدم التمويل يختلف عن دعمك للمحكمة؟ يجيب: "المحكمة سقطت بالنسبة الي لانها لم تمر بالطرق الدستورية، وأقرها مجلس الامن وفق البند السابع. وهذا يصح اذا كان ثمة خطر على السلام الدولي، لكن هذا الخطر لم يكن موجودا. كما يصح هذا أيضاً اذا كانت الحكومة غير موجودة. فإذا كانت غير موجودة واقرت المحكمة خارجها فيعني ان لا التزامات علينا ولا يحق لاحد في مطالبتنا. لو كان ثمة حكومة لقدمت القانون الى مجلس النواب، ولكان اقرها او لم يقرها، ولما كنا وصلنا الى الحالة الخلافية الحالية".

– عمليا كيف سيترجم رفضك التمويل بعدما ايده رئيس الوزراء ووزير المال؟
يجيب: "هم يخالفون القوانين والدستور اللبناني. من دون مسوغ قانوني لن ندفع، ولن نوافق. اما اذا كانت هناك اكثريات تخالف القانون والدستور، فتصبح المسألة مختلفة وتستوجب ملاحقات مختلفة. اذا كنا اقلية فهل نسمح بالمخالفة؟".
بالنسبة الى عون لا يؤثر موقفه في التضامن الحكومي واستمرار الحكومة، ويقول: "اذا تأثر غيري فلماذا اعطى التزامات؟ لا يستطيع اي كان ان يلتزم امرا غير قانوني ويفرضه علي. هذا تجاوز للسلطة، ولا يستطيع احد خلال زيارة رسمية او شبه رسمية ان ينفذ شروطا تملى عليه. لديه اموال خاصة فليتبرع بها. موقفي واضح ونهائي، لا شيء يلزمنا التمويل. فهل يمكن الامم المتحدة ان تفرض خوة على الدول؟".
– لكن الرئيس نجيب ميقاتي والنائب وليد جنبلاط والوزير محمد الصفدي مع التمويل. يجيب: "فليدفعوا من ثرواتهم الخاصة".
– وهل استمرار الحكومة مرهون بالتمويل؟
يقول: "القبضاي في الحكم من يلتزم القانون والدستور. هل يمكن احدا ان يخيّرنا بين ان يخالف وتقبُل المخالفة او لا يشارك في الحكومة؟ لا خطر على استمرار الحكومة ومن يريد ان يذهب بسبب التمويل، يرغب اساسا في الخروج منها. لا يمكن ان يبتزنا احد دوليا ويحاول اخافتنا".

ملف التعيينات
تقبل الحكومة قريبا على فتح ملف التعيينات، وبالنسبة الى عون الذي وعد المسيحيين باستعادة دورهم في الادارة "المواقع المسيحية سيعين فيها مسيحيون، ونحن لن نقدّم الا نوعية من الاسماء المشهود لها بالكفاءة والنظافة. نحن لا نقدم حصصا بل اسماء اكفاء ومَن غير الضروري ان يكونوا من "التيار" او التكتل. هناك اسماء اوصينا بها وهي من غير خطنا السياسي ومَن يتعاطى وايانا يعرف ذلك".
تتدرج اهمية التعيينات، فالابرز والاكثر إلحاحا اليوم هو تعيين رئيس مجلس القضاء الاعلى بوصفه منصبا فارغا منذ زمن ولأنه الاهم قضائيا. وعون الذي اختار مرشحه "سيقاتل" من اجله في مجلس الوزراء وخارجه، "وهذا الملف يجب ان يبت سريعا وكذلك مراكز المحافظين والقائمقامين".

سوريا
يؤكد عون ان الوضع في سوريا متماسك "والنظام السوري تجاوز الخطر. وهناك انظمة اخرى اصبحت في خطر وأمتنع عن تسميتها لانني لا اريد ان اكون مروجا لافكار ضد اي نظام قائم في المنطقة. ولكن من اعتقد نفسه في منأى، اصبح في خطر. النظام السوري تجاوز الخطر. اكيد ستحدث اضطرابات كنتائج، ومثل العاصفة تهدأ تدريجا. العاصفة مرت وهذه الايام تحدث اغتيالات واحداث. ولا ننسى ان المقاومة المسلحة تدعمها اميركا واوروبا ماليا وبالسلاح. والشعب السوري اكتسب تجربة بمشاهدة ما جرى في تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين ورأى ان النتائج ليست مزحة. عليه ان يختار بين التحول الديموقراطي والهادئ وبين الدم. وأعتقد ان الاكثرية الساحقة من الشعب السوري تريد التطور الهادئ، ولذلك يلقى برنامج الرئيس بشار الاسد دعما كافيا".
– لكنه لا يلقى دعما من الدول الغربية.
يجيب: "غاية هذه الدول
تختلف عن غاية الشعب السوري. فهي دعمت اسرئيل وذبحت الشعب الفلسطيني مدى 63 عاما. هل اصبح قلبهم اليوم على الشعب السوري؟ لماذا لا يشفقون على الشعب الفلسطيني المشرد والمحروم هويته وارضه؟ هذه انظمة دجالة تتحدث عن حقوق الانسان في الشرق الاوسط. ولكن ما هي الانظمة التي تدعم الثورة في سوريا؟ اليست انظمة لا دساتير او قوانين لديها ولا حقوق للرجال والنساء؟".

الراعي ومسيحيو الشرق
يوافق عون على مسار البطريركية المارونية ورؤيتها الى موقع المسيحيين في الشرق الاوسط، ويقول: "المشرقية خلاص المسيحيين والمسلمين، وهي في ذاتها جعلت النسيج الاجتماعي متنوعا دينيا وثقافيا، وهي مخرج للتطرف الديني والسياسي. هذا النسيج هو الافضل لتطوير المجتمع وسقوط الأحاديات. لدينا نموذج لعالم الغد، فهل نسقطه من اجل اعادة العرقية التي تقوم عليها اسرائيل؟".
ويضيف: "ماذا فعلت انا حين ذهبت الى براد وتكلمت على التراث المشرقي والتاريخ المسيحي والتناغم مع مكونات المجتمع اللبناني والاوسع؟ نحن شعوب تريد مدى حيويا ولا تستطيع ان تعيش في علب او على شاطئ صغير".
ويعلق على مقولة ان الراعي يكرر تجربة عون في التسعينات بمعاداة فرنسا واميركا فيقول: "صاحب هذا الكلام يعيش في الماضي. الحركة الكونية تتحول. روما كان لها تاريخ كبير وكذلك الاسكندر وفرنسا وانكلترا. كل الامبراطوريات ستنتهي كما غيرها. هم يخطئون اليوم حين يختصرون العدالة بمصلحة اسرائيل التي تظلم العالم. الولايات المتحدة واوروبا في مرحلة الانحطاط والسقوط كما سقط الاتحاد السوفياتي عام 1989. الآن نسمع عن الانهيارات الاقتصادية".
– ولكن ألم تصبح بكركي فريقا؟

يجيب: "هذه عقلية تقليدية ألّا يكون لأحد خيار. من يكون في موقع المسؤولية عليه ان يختار، كي يعرف الناس على اي طريق يجب ان يمشوا".
– ولكنكم انتقدتم البطريرك السابق صفير بسبب ذلك.
يجيب: "الانتقادات كانت بسبب الخيارات السياسية. بعد الحرب القاعدة هي قاعدة السلام وهو كان يكمل الحرب بعدم العودة الى الحالة الطبييعة. اليوم يجب ان نتعلم اقامة السلام مع محيطنا. انا فتحت حوارا مع الجميع. لكن بعضهم يريد اكمال الصراع كما تريده اسرائيل لأنني تفاهمت مع "حزب الله"، ودعوت الجميع الى الحوار لكنهم رفضوا. اردت السلام داخل مجتمعي ومع محيطي. كنت اقول عندما تذهب سوريا من لبنان نريد اقامة افضل العلاقات معها. اذا كان يحق لاحد ان يحقد فهو انا، الذي دفع الثمن واقام 15 سنة في المنفى. اليوم نحتفل بذكرى 13 تشرين ونتذكر الذين سقطوا وأمنوا لنا الاستمرار لنخرج من مرحلة الى اخرى، ونشرفها ببناء الدولة".
– لكنك تقيم حوارا مع الجميع باستثناء "تيار المستقبل" والنائب وليد جنبلاط، فكيف هي علاقتك بهما؟

يجيب: "علي ان اعلن استعدادي للحوار ومن يحب ان يقدم فأهلا وسهلا، لكنني لا ارغم احدا. الجميع يعرف انني مستعد دوما للحوار.
العلاقة مع جنبلاط ليست سيئة، ولكن يمكن ان تكون احسن. الامور ليست دائما عاطلة. اما "المستقبل" فعندي لوم عليهم. انا انفتحت عليهم في البدء وتحدثت معهم مدى سنة ونصف، لكنهم يتحدثون في عالم آخر غير عالمنا، عالمهم الشركة المساهمة والزبون، وليس عالم الوطن والمواطن".
– وهل ترى عمر الحكومة طويلا؟
"الله يمد في عمرها لكن الاعمار في يد الله". 

السابق
اين المشكلة؟
التالي
اردوغان أكبر غلطة عربية